دور المثقف الوطني في الرغبة إلى تغيير كل اساليب الاستبداد
صدام الشيباني
> المسؤولية التاريخية تقع على عاتق المثقف قبل السياسي
• دائما ما يتساءل القارئ العربي عن النتاج الفكري اليمني والنتائج التي وصل اليها العمل الديموقراطي في بلد اغلب شعبه أميون , بجانب رموز الفكر العربي على المساحة الجغرافية العربية , من المحيط الى الخليج . لقد تغافل الكثير من المفكرين والباحثين العرب الدور اليمني الحديث في إرساء دعائم النهضة العربية , والجهود الفكرية القرائية لسبب أو لآخر , وقد وجد مفكرون في جنوب اليمن وفي شماله طرحوا رؤاهم في النظرية السياسية العربية بجهود تستمد قيمتها من التدافع في الحياة , ومع ذلك هي رؤانا –نحن اليمنيين – كيفما كانت . من هؤلاء المفكرين اليمنيين رجل أخذ مساحة كبيرة من الجدل بين النخب هو الشهيد “جار الله عمر” كغيره من المفكرين أمثال محمد علي لقمان والزبيري والنعمان وباذيب ..,وغيرهم وإن كنا – نحن الألفينيين – لم نقترب من هذا الرجل لمعرفة الحصيلة الوطنية التي يتمتع بها هذه الرجل , ومع ذلك نشعر بالحنين اليه لأنه كان ينبذ العنف ويسعى الى السلام بشتى السبل . لقد وصل ذات وقت الى يدي كتيب بعنوان : “كفاح الإنسان في سبيل الديموقراطية” لمؤلفه الأستاذ/ جار الله عمر بمقدمة لأستاذنا المقالح , وليس فيه اسم دار نشر , أو رقم طبعة , ومع ذلك يعد هذا الكتيب من اهم الكتب التي طبعت في عام 2011م عام الثورة المتآمر عليها , إذ كان الناس في لهف الى قراءة الكتب المعنية بالوضع ذلك العام . إن هذا الجهد يضاهي الجهد الذي قام به سلامة موسى في كتابه (حرية الفكر وأبطالها في التاريخ ) وذلك بالبحث عن الأفعال والحركات والأفكار والمذاهب والشخصيات التي واجهت الاستبداد وأنواعه المتعددة في السياسة , لكن خطاب “جار الله” اقتصر على قوة تاثير الفكرة في الناس لإخراجهم الى نسق الحرية , وهي الحرية النابعة من “الضمير” الحي , الذي لا يدخل ضمن قائمة المزايدة بالإنسان وأوضاعه . إن كفاح الإنسان وضع مستمر من النشأة الأولى للوجود البشري الى ما لانهاية , لأن الصراع يوجد مع وجود الأطماع , والأطماع البشرية لا تنتهي عند حد او نقطة . على أن كفاح الإنسان هو المبدأ الذي رسمه جار الله بالدور الثقافي التنويري , بالحديث عن دور المثقف الوطني في الرغبة الى تغيير كل أساليب الاستبداد , وأن يكون نابعا من زاوية الاختلاف التي ترسي قواعد التعدد من اجل إنشاء ديموقراطية لكل الناس , وليست من قبل جماعة واحدة او حزب أحادي , والدور الريادي هو دور المثقف , وركز على أن هناك دورا سلبيا يمكن ان يقوم به المثقف , وهو أن يمارس الهيمنة والكذب والزيف , وهذه الممارسات تمارسها –دائما- السلطة بكافة أشكالها . يقول “عمر” ( إن الحكام الجهلة لا يعدون مسؤولين بمفردهم عن الاضطهاد وكبت الحريات , وإنما يشاركهم في المسؤولية بل ويكون أكثر منهم شرا وخطرا ذلك المثقف الذي يضع التبرير القانوني والفكري ضد الحريات الإنسانية , إن مثقفين من هذا النوع إنما ينتجون في الواقع ثقافة إرهابية ويخونون الثقافة ويتحللون من القيم النبيلة) على ان المسؤولية التاريخية تقع على عاتق المثقف قبل السياسي , وإن خيانة المثقف للكلمة والحرية خيانة للأوطان والثقافات والإنسان . تحدث المؤلف عن حرية القول والفعل في الأمم السابقة اليونان والرومان , وضرب نموذجا بالفلاسفة , ثم الحرية في الديانتين المسيحية والإسلام , ونشأة الحركات الفكرية السياسية الإسلامية ويعطي تفسيرات خاصة لبعض الأحداث كما يفهمها هو , وهنا يحضر المستوى الفكري الذي غاب عن معظم أساتذة الفلسفة العربية , ثم يدخل الى “الحرية ” بمعناها الغربي (الليبرالي) , وعوامل النهضة الغربية على المستويات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وعلاقة ذلك بالديموقراطية , على انها مطلب مرحلي تاريخي للحفاظ على الأنفس والأموال . ثم الانقلاب على الديموقراطية في الغرب والاحتيال باسم الديموقراطية على الشعوب , ونقد الإمبريالية والاحتكار الذي صنعه الاستعمار لكل شيء . إن خاصية “كفاح الإنسان” هي التركيز على “العقلانية” اليمنية , والحديث عن حرية الضمير والمعتقد في البيئة اليمنية التي تشكلت برغبة الإنسان في التغيير , وليس بالعنف كما يراها , تمثلت العقلانية في الشورى والعمل الجماعي في القيام بأي فعل , وإن التعدد المعتقدي هو خيار العقلانية , وذلك لأن الإنسان اليمني يشعر بالخصوصية الثقافية . تمثل كفاح الإنسان اليمني في إيمانه بحرية ضميره التي لا يمكن ان يشتريها أحد منه , وتمثل هذا الكفاح في القضاء على كل أساليب القمع والاستبداد منذ قيام الدولة المركزية الاسلامية في بغداد , بإنشاء دولة يمنية مستقلة واستمر هذا التمرد عن مركزية الدولة الإسلامية في كل مراحل التاريخ ,وكذلك على النفوذ الفارسي والعثماني ,