تراجع ثقافة التضامن الوطني تستدعي ثورة جديدة

حوار/ محمد صالح الجرادي



قال: عندما كانت الثقافة متقدمة على السياسة قادت البلاد إلى الوحدة وعندما أخذت السياسة وأمراء الحروب في التقدم أوشك اليمن أن يتحول إلى دويلات وقال أيضا: إذا أردنا إسقاط ثقافة التشظي فعلينا إسقاط ثقافة العنف المؤدي إليها .

* لنبدأ من المستجدات الراهنة على الساحة الوطنية وهذا هو السؤال أين تقف الثقافة والمثقفون مما يحدث¿
– الثقافة في أوضاع وظروف الأزمات في بلادنا دائما يكون وضعها ثانويا وتابعا في الأصل ولو لم تكن كذلك لما عاش الوطن أزمة بهذا الحجم.
وأعتقد أن هذه الأزمة هي عندما يكون الثقافي ثانويا والسياسي هو الأصل ولذلك عندما كانت الثقافة في فترات سابقة متقدمة إلى حد ما على ما هو سياسي قادت البلاد من التشطير إلى الوحدة لكن عندما أخذت السياسة والسياسيون وأمراء الحروب ومشائخ الضمان في التقدم إلى الخطوط الأمامية نكاد نرى اليمن يتحول إلى ست دول.
* لكن هناك من يقول بتواطؤ المثقف والثقافة عموما ويعيد السبب في هذا التواجد الثانوي الذي أشرت إليه إلى المثقف نفسه¿
– هذا واقع بالفعل وجوهر المشكلة أن النظام السياسي قائم على استعداء الثقافي منذ ثورة 1948م وينبغي أن نقر بأن المثقف تابع كما هو أيضا جائع وصار في الحقيقة موظفا – مع الأسف – لدى مختلف الأطراف ولأنه كما قلت جائعا فالجائع لا حرية له.
* هذا ما يتصل بالمثقف كمفرد لكن ما يتعلق بالمؤسسات الثقافية¿
– هي امتداد لهذه الحالة .. وهي في الحقيقة ظل للسياسي ولحركته في الحياة العامة فهي لا تملك التمويل ولا التأثير الذي يمتلكه السياسي وبالتالي لا يمكن أن نقول بالمطلق أن المثقف ومؤسسات الثقافة طرف في هذه الأزمات التي نعيشها.
* “مقاطعا” إنما هذا المثقف وهذه المؤسسة هما جزء من أزمات البلاد انطلاقا من موقف التابع والمهادن كما أشرت أليس كذلك¿
– ليس بهذا المفهوم فالمثقف لم يكن طرفا أو جزءا من أزمات البلاد إلا في مرحلة الجاوي وكذلك مرحلة الأربعينيات ومرحلة النضال من أجل القيم الدستورية والقيم المدنية الجديدة.
* تعني الطرفية الفاعلة والمؤثرة للمثقف والثقافة¿
– نعم .. ففي تلك الفترات كانت الثقافة هي الأصل وكانت بفعل ذلك تعيش اليمن حالة صحية بالتأكيد والمفارقة أيضا أن حركة التنوير السياسي وقتذاك كانت تستند إلى التنوير الثقافي وهنا مأساتنا الآن إذ تتبدى في التراجع الخطير والمخيف ووصولنا إلى مرحلة أنا شخصيا لم أكن أتوقع أن أرى اليمن ست دول (أقاليم).
* “مقاطعا” وهل كنتم تتوقعون شيئا غير هذا بالنظر إلى حقائق في الواقع¿
– لا ليس الأمر كذلك أنا أريد أن أقول وبصفة شخصية لا فرق عندي الآن بين من يريد إقليمين أو ستة أقاليم كما أنني انطلق من الأسف إزاء الاتجاه الغالب نحو التقسيم مثلما هو تعبير شخصي عن مرارة ونكسة.
ودعني أقول لك أن المشكلة كما نراها ليست في شكل الدولة هل هي بسيطة أو مركبة لكن المشكلة هي في مضمون هذه الدولة فنحن كيمنيين لم نناقش بعد المضمون الاستبدادي في إطار الدولة البسيطة وفي داخلها بمعنى أننا لم نقدم معالجات حقيقية للمضمون الاستبدادي لقد ظلت الجريمة والمجرم بعيدا عن العقابوظلت الدولة البسيطة بمضمونها الاستبدادي تولد الفعل الانفصالي.
عن المضمون وليس الشكل
* هناك نقاش وحوار يذهب في اتجاه الدولة المركبة¿
– هذا هو الخطأ وهذه هي المشكلة وأعتقد في سياق المقارنات بالنسبة لي كمثقف فأنا مع الوحدة الاندماجية كخيار أفضل من الإقليمين ومع خيار الإقليمين كأفضل من الستة الأقاليم إذا من الخطأ أن يجري الحوار على شكل الدولة ولكن ينبغي أن يكون الحوار حول مضمونها وما يحدث في “موفمبيك” من حوار يفضي للأسف إلى شرعية التقسيم التي تأخذ مداها ابتداء من الإقليمين إلى الستة..
* سأعود لاحقا معك لمناقشة هذه الجزئية ولكن سأنطلق منها بإشارتك إلى مؤتمر الحوار, لأسأل عن مدى إمكانية أن يتحقق تغيير على صعيد الثقافة وظروف المشهد الثقافي تبعا للمخرجات ونتائج المؤتمر المتوقعة.
– أعتقد أن مؤتمر الحوار في أساسه هو انعكاس طبيعي لما يجري في الواقع, وهو في تقديري بمثابة خلط للأوراق حتى أنك لا تستطيع الآن أن تحدد من هو الانفصالي في الواقع هل هو الذي يتظاهر في محافظات الجنوب من أجل استعادة دولته أم ذلك الذي يضرب بالقذائف والرصاص خيمة عزاء في الضالع أو قتل ابن حبريش في حضرموت.
* “مقاطعا” العفو.. كنت أسأل عن إمكانية أن يتحقق من مخرجات ونتائج الحوار المرتقبة تغيير في مشهد الثقافة والفعل الثقافي.
– لا أؤمل ذلك من زاوية أن هناك موقفا للمثقف والثقافة غير إيجابي في التعامل مع الأحداث والمستجدات في الواقع.
فعلى سبيل المثال كنت أتصور أن يق

قد يعجبك ايضا