الأسوأ من الشياطين!

 بروفيسور سيف العسلي


إن ما حدث في مستشفى العرضي يعبر وبدون ادنى شك عن ظاهرة التكفير من اجل القتل التي تمارسها بعض الجماعات الدينية. ومن الواضح أن عملية غسل الادمغة انطلاقا من هذه الظاهرة والتي تعرض لها من شارك بهذه العملية الإرهابية الأثيمة قد دفعتهم إلى تكفير كل شيء و قتل كل شيء بما في ذلك أنفسهم ومن تبناهم. إنهم في حقيقة الأمر يشككون بكل دين و بكل شيء ما عدا أهواءهم.
لا يوجد أسوأ من الشياطين إلا من استهوته الشياطين من البشر. الشيطان هو مخلوق من النار أي أنه مخلوق يختلف عن البشر الذي هو مخلوق من التراب. وكما يظهر فإنه لا علاقة مباشرة بين الشياطين وبين البشر.
لكن حدث أمر مهم في بداية خلق البشر ربط بين كل من الشياطين والبشر. فكما يحكي القرآن فإن الله ابلغ الملائكة انه في صدد ترقية آخر مخلوقاته أي البشر إلى مرتبة مرموقة وذلك من خلال جعله خليفة في الأرض أي جعله سيد الأرض.
فربما كانت الملائكة ومن ضمنهم ابليس يطمعون أن يكونوا هم اسياد الأرض وليس البشر فلمحوا ذلك لله من خلال اظهار بعض ما كانوا يعلمون عن البشر أي الافساد في الأرض. لكن الله اثبت لهم أن الإنسان ليس فقط قادرا على الافساد في الأرض لكنه كذلك قادر على اصلاحها وتعميرها وتطويرها.
وعندما ثبت ذلك للملائكة من خلال المنافسة التي اقامها الله بينهم و بين ابي البشر آدم وفاز فيها آدم بشكل واضح تراجعوا عن موقفهم هذا وسلموا لله. وقد تأكد صدق الملائكة عندما نفذوا أمر الله بالسجود لآدم. لكن ابليس لم يقبل بنتيجة المنافسة استنادا إلى ما يعرف هو لا ما يعلم الله فرض السجود لآدم.
لقد ترتب على ذلك أن خسر ابليس موقعه المتميز الذي كان فيه فأصبح أسوأ من الملائكة بطبيعة الحال. ولذلك فقد كانت خسارته كبيرة. إذ أن الله طرده من رحمته وقال له كما تحكي الآيات التالية من سورة الاعراف قال اهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج انك من الصاغرين (13) قال أنظرني الى يوم يبعثون (14) قال انك من المنظرين (15) قال فبما اغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم (16) ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين (17) قال اخرج منها مذؤوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين (18).
فتوعد ابليس واضح وعداؤه لبني البشر لم يعد سرا بل إن وسائله كذلك واضحة و لا لبس فيها. و من ثم فإنه لا عذر للبشر في اطاعته أو الاستدراج إلى زيغه. والأكثر أهمية من ذلك أن الله سبحانه وتعالى قد فضح لنا النوايا السيئة للشيطان حتى نتجنبه. يقول الله تعالى في سورة الاعراف يا بني ادم لا يفتننكم الشيطان كما اخرج ابويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما انه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم انا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون (27) وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون (28) قل أمر ربي بالقسط واقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون (29) فريقا هدى الله وفريقا حقت عليهم الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون (30).
لكن تجاهل بعض بني البشر ذلك واستهتارهم بهذا الامر قد جعلهم هدفا سهلا له. و يتضح ذلك من خلال اصرار الشيطان على تنفيذ ما توعد به مستغلا بعض ما يعرف عن ضعف بعض البشر. إذ قال كما يحكي عنه القرآن في سورة النساء إن يدعون من دونه إلا اناثا وإن يدعون الا شيطانا مريدا (127) لعنه الله و قال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا (128) ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الانعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا (129) يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا (130) أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا (131).
فما حدث في مستشفى العرضي في مجمع الدفاع يثبت لنا ما قاله الله سبحانه و تعالى عن الإنسان وعن الشيطان. صحيح أننا لم نحضر ما حصل من خصام بين أبينا آدم والشيطان وأن الله تعالى قد ابلغنا ذلك عن طريق ما اوحى به الى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ولكن الصحيح ان ما حدث في مستشفى العرضي قد ذكرنا بذلك وأكده لنا ولكل من يرغب ان يتذكر وكأننا نشاهد ما حدث وعلى الهواء مباشرة.
فها هو الشيطان ينجح في السيطرة على بعض البشر ويدفعهم الى قتل ابناء جلدتهم ودينهم ووطنهم وبطريقة بشعة ومن غير أي هدف أو مبرر على الاطلاق. لقد شاهدنا بشرا يتحركون وسمحتهم تشبه سمحتنا ولكنهم يقتلون كل من يتحرك امامهم من غير تميز أو تريث بل انهم يقتلون كل من استجار واستغاث بهم.
فلا خصومة بين القتلة و المقتولين ولا تنافس بينهم على الاطلاق وبالتالي فإنه لا مبرر على الاطلاق لقتلهم. فالحيوانات لا تتصرف مثل هذه التصرفات. اذ انها لا تعتدي على من لا

قد يعجبك ايضا