أشعار.. لسركون بولص (2)

محمد المساح


 - بورتريه للشخص العراقي في آخر الزمن

أراه هنا أو هناك عينه الزائغة في نهر النكبات, منخراه المتجذران في تربة المجازر بطنه التي طحنت قمح الجنون في طواحين بابل لعشرة آلاف عام أرى صورته التي فقدت إطارها في انفجارات التاريخ المستعادة تستعيد ملامحها كمرآة لتدهشنا في كل مرة بمقدرتها الباذخة على التبذير
بورتريه للشخص العراقي في آخر الزمن

أراه هنا أو هناك عينه الزائغة في نهر النكبات, منخراه المتجذران في تربة المجازر بطنه التي طحنت قمح الجنون في طواحين بابل لعشرة آلاف عام أرى صورته التي فقدت إطارها في انفجارات التاريخ المستعادة تستعيد ملامحها كمرآة لتدهشنا في كل مرة بمقدرتها الباذخة على التبذير وفي جبينه الناصع يمكنك أن ترى كأنما على صفحات كتاب طابور الغزاة يمر كما في فيلم بالأبيض والأسود.
اعطه أي سجن ومقبرة اعطه أي منفى أي هنا أو هناك ورغم ذلك يمكنك أن ترى المنجنيقات تدك الأسوار لتعلو مرة أخرى وتصعد أوروك من جديد.
سركون بولص.. الذي وافته المنية عن 63 عاما في برلين بعد أن ارتحل أعواما في المنافي مثل كل شعراء العراق.
قال عنه سعد يوسف: هو لم يكن سياسيا بأي حال لكنه أشجع كثيرا من الشعراء الكثار الذين استعانوا برافعة السياسة حين ترفع.
لكنهم هجروها حين اقتضت الخطر.. وقف ضد الاحتلال ليس باعتباره سياسيا إذ لم يكن سركون بولص ضد الاحتلال لأن الشاعر بالضرورة يقف ضد الاحتلال سمو موقفه هو من سمو قصيدته.
وقال عنه محمد بنيس الشاعر المغربي: بموت الشاعر سركون بولص على غرار أنباء عائلات عراقية في المنافي يشعر بوحدة تهجم عليها الجثث والدماء من كل الجهات وليست في فمه صلاة واضحة الحروف لا يحتاج لمن يدله على القتلى طيلة اليوم واليوم الذي يليه هو في مشاهد القتل يتفحص عقودا من الدم والعذاب والرعب والتشرد حتى هدوؤه كان يصعد من أسافل الحياة التي كان مشدودا إليها كل ذلك كان مضاعفا في حياة شاعر أحسن التمرد في الحياة وفي القصيدة.

قد يعجبك ايضا