المطلوب .. صحوة هذا الضمير

خالد الصعفاني


 - .. تعم بلدنا الحبيب هذه الأيام على كافة المستويات موجة غير مسبوقة من جلد الذات بطريقة سادية لا تسهم في حل مشاكلنا بقدر ما تشكل مهربا لممارسيها من الفشل الذريع الذين يعجون في

.. تعم بلدنا الحبيب هذه الأيام على كافة المستويات موجة غير مسبوقة من جلد الذات بطريقة سادية لا تسهم في حل مشاكلنا بقدر ما تشكل مهربا لممارسيها من الفشل الذريع الذين يعجون فيه .. الكل يجلد بلده بطريقة توحي بأن المتحدث بريء من دم هذا الوطن النازف وكان الذي يسدد له الطعنات ليس هؤلاء الذين يعيشون فيه ويتحركون فوق أرضه ويقتاتون كالقوارض بكل طيب وخير ما في هذا الوطن ..
.. تفتح برنامجا حواريا فتجد المحللين يرمون بالإثم على المبني للمجهول .. وتتابع مؤتمرا صحافيا لوزير أو مسؤول دولة فتجده يصوب سهامه إلى ضمير الغائب .. مرة أخرى يستقصدون بعض أهم ما في اللغة العربية .. لكنهم أيضا يهربون من الجرم جلادين لهذا الوطن ببعض أبنائه .. تتابع أقلام الإعلاميين وكلماتهم في قنواتهم فتجد الغالبية ينتفون ريش هذا البلد بالحديث عن مجرم ثالث يغتال أحلام اليمنيين في بلد خال من الفساد والفاسدين , يرفل في ثوب الأمن والاستقرار , وتضيئه الكهرباء التي لا تنقطع والخدمات التي لا يخفت وهجها ولا تفتر همتها ..
.. تتحدث مع الشباب من الجنسين فتجدهم مجتمعون على مسألة أن البلاد ” بغرة ” وان الحل لبناء الذات يكمن في الهجرة والعيش في بلد يقدر الإنسان ويحترم أبنائه , لكن هؤلاء للأسف يتناسون أن البلدان الأخرى لن تقبل عالة أو ضعيف حيلة أو مهترئا ويائسا .. زرت بلدانا كثيرا من التي نحسد أهلها عليها فخرجت بخلاصة انه إذا لم يكن الواحد منتجا وفاعلا ونافعا فليس له قبول فيها إلا في قوائم التأمينات والعجزة والمتعبين .. وأنا هنا أصرخ في وجه من يتذمر من بلده ويتهددنا بالهجرة : لن تقبلك حتى الصومال إذا كنت قليل الحيلة ضعيف المضمون وجرب أن تهاجر ليس إلى سويسرا أو اليابان بل ابدأ باريتريا أو تنزانيا وستجد انك غير مرغوب فيك ..
.. وحينما تخرج للشارع تركب في الباص أو تكون جزءا من مقيل أو “مجلس حشوش” يكون هؤلاء أقرب إلى الواقع ويتكلمون كلاما معقولا خلاصته أن مشكلة بلدنا في أشخاص ولن يبرأ هذا البلد من أوجاعه إن ظل هؤلاء أصحاب سطوة ونفوذ ومقدرة ..
.. تناول أوضاع البلد بعقل هو بداية تلمس أوجاع هذا الوطن الذي ننتمي إليه جميعا .. ليس بلسان التذمر وإلقاء وزر خطايا الشارع على المدعو ” طرف ” .. ليس بالوقوف على حدود الجلد وقول الفحش في حق وطن رفع القرآن من شأنه في مناسبات .. وشرفه النبي الأعظم بما خصهم به دونما عن غيرهم .. فقط نحتاج التناول الذي يساعد على معاقرة الحل وبناء الصحة العامة لعقول ومقدرات هذا البلد الطيب الكريم..
.. صدقوني قمة قول الفحش أن لا تسب غيرك بأقذع السباب بل هو أن يتصدى مسؤول حكومي ليلقي المسؤولية عن كاهله متهما غيره .. وهي أن يتحدث المسؤول الحكومي عن الفساد وهو أحد أعمدته .. وهي أن تسرق بلدك ومجتمعك بينما أنت تتذاكى أمام الشاشات بقول كل بهتان ووزر.. قمة الفحش أن تجد إعلاما يتابهى بأن البلد ” فالتة ” وان الحكومة لن تقدر على دفع مرتبات الموظفين , وكأني بهؤلاء ينتظرون وقوع السقيفة على رأس الضعيفة .. أين يعيش هؤلاء ولصالح من يتندرون .. !!
أخيرا :
.. وأيم الله إننا جميعا مذنبون في حق هذا البلد الذي ليس له داء سوانا , ولو كان فينا جميعا خير ما كان هذا حالنا .. جميعنا يسرق حلم الأجيال القادمة في وطن صحيح البدن معافى من الفاسدين والطامعين والمرتزقة والبائسين .. كل منا مسؤول بما تحت يده وبما هو أهله .. وفي غمرة هذا العك الجمعي لو أصلح كل منا نفسه وجعل من أسرته نموذجا محترما لساهمنا في محاصرة الظواهر المسيئة ولكنا خطونا ايجابيا ابعد من مجرد بقائنا ظواهر صوتية ومايكروفونات لا تزيد في قيمتها عن تلك التي يستخدمها الباعة البساطون الذين يكسبون رزقهم بعرقهم في الشوارع والأزقة والحارات ..

قد يعجبك ايضا