أوراق
للكاتب : جون أبدايك
للكاتب : جون أبدايك –
بترجمة : محمد عبد الواحد الكميم للكاتب : جون أبدايك
أوراق الأشجار خارج نافذتي تبدو رائعة بشكل استثنائي إنها كغريب تقترب مني بعد ظلام طويل من الاستغراق في الذات والخوف والخجل من حياتي التي أعيشها. تلك الأشياء جميلة لأنها لا تعتمد على كوارثنا وباستمرار تحافظ على دقتها العملية ووفرتها الإبداعية التي تحققها دون جهد والتي هي من سمات وخصوصية الطبيعة..
الطبيعة هذا الصباح تبدو رائعة جدا حيث يمكن تحديدها بأنها ذلك الشيء الذي يوجد دون شعور بالإثم أن أجسادنا في الطبيعة أحذيتنا وأربطتها بطرفها البلاستيكي الصغير. كل شيء بتعلق بنا وما حولنا في الطبيعة ومع هذا فان ثمة شيئا ما يبعدنا عنها كتيار الماء المندفع للأعلى والذي يمنعنا من ملامسة القاع الرملي وهو يتضلع ويضيء بأجزاء هلالية من قشرة المحار الواضحة جدا لعيوننا..
طائر أبو زريق(1) يحط على الغصن خارج نافذتي انه يبدو ثابتا للحظات وهو يقف برجليه المنفرجتين قائمتاه الخلفيتان باتجاهي رأسه ساكن تقريبا في صورته الظلية الأنحاء المفترس لمنقاره منطبعا في الفضاء الأبيض فوق المستنقع المضبب الداكن انظرú له اني أراه مانعا نفسي من متابعة سلسلة أفكاري. مددت يدي عبر الزجاج ومسكته وطبعته على الورقة الآن اختفى ومع ذلك ثمة بضعة سطور في الأعلى انه ما زال منفرج الرجلين كفله الأسمر رأسه متجمد خدعة رائعة و ربما غير مفيدة لكنها خاصتي.
أوراق العنب حينما لا تكون متداخلة في ظلال بعضها انها ذهبية أوراق كامدة اللون تأخذ ضوء الشمس دون أن تعكسه محولة الضوء المحض بجموع أطيافه ومصدره الحياتي إلى باستيل اصفر كالذي يستخدمه الأطفال في ألعابهم. هنا وهناك ثمة ذبول تحولي وذلك المتبقي يشع في لون برتقالي متوهج واللون الأخضر للأوراق التي لا زالت طرية يواصل اخضراره حتى الخريف. اذا تطلعنا محدقين عبر ضوء الشمس فأننا نرى الخضرة الشاحبة للعروق الدقيقة. ظلال هذه الأوراق تسقط على بعضها وبالرغم من انها مضطربة وغير منتظمة في الريح التي ترسل خشخشة كانسة ومسرعة عبر السقف ومع هذا انها مختلفة وواضحة إلى حد ما منطوية على عدد لا يحصى من الإيحاءات.
المتوحشة سيوف أجسام ناتئة رماح بحواف بارزة متشعبة وخوذ مخيفة على أية حال في النتيجة النهائية انها غير شريرة. بل على العكس أن تعقيدها يوحي بالإيواء والانفتاح. الدفء والنسيم يدعواني إلى الخارج عيناي ترتادان الأوراق في البعيد إنني محاط بالأوراق أشجار السنديان بأكف صغيرة من اللون البرتقالي أشجار الدردار بأرياش ضئيلة من الأصفر المبهج أشجار السماق بلون وردي متوحش. إنني مأخوذ بالهدوء والكون متوهجا بالأوراق. ومع ذلك فان شيئا ما يجرني للوراء عائدا بي إلى عتمتي الداخلية حيث الإثم هو الشمس.
الأحداث بحاجة إلى إيضاح لقد أخبرت بأنني أتصرف بعبث وهذا يحتاج إلى وقت لدمج هذا التعبير الجمعي مع حقي التام في القيام بأفعالي الخاصة على أية حال اعترف بأنني أخطأت الأفعال تجسدت ومتى ما توضحت الأحداث فأن الأفعال تكون لها دوافعها وتعطى المواقف النفسية للممثلين الأخطاء ستضاف والشذوذ سيسمى وان كل النمو الصاخب وغير المعتنى به سيشذب بواسطة الشرح واصول النمو المتجذرة في التاريخ ثم يعود ثانية كما كان إلى الطبيعة. ماذا أذن¿ أليس هكذا رجوع زائف¿ا بمقدور أرواحنا دخول ملاذ زمن الفناء والغرق برباطة جأش بين انحلال الأوراق¿ لا: اننا نقف في تقاطع مملكتين وليس ثمة تقدم او تقهقر فقط حافة مستدقة حيث نقف.
أتذكر بوضوح حاد سواد ثوب زوجتي عندما غادرت منزلنا لتحصل على الطلاق كان الثوب من الساتان الأسود الناعم وبتطريز عند الرقبة وكانت هيلين تبدو فاتنة فيه انه ينسجم وشحوبها هذا الصباح خاصة كانت رائعة كان وجهها أشهب كليا ومتعبا ومع ذلك بقي جسدها ذلك الشيء العائد للطبيعة متجاهلا كارثتنا وظل مظهرها وإيماءاتها اعتيادية دون تنافر قبلتني بشكل خفيف وهي تغادر وكلانا شعر بان دعابة هذه الرحلة غير فعالة بعكس أية رحلة من رحلاتها إلى بوسطن لحضور السمفونية أو إلى بانويت كانت تتحرك بنفس طريقتها في البحث عن مفاتيح السيارة نفس الإرشادات السريعة لحاضنة الأطفال ونفس إمالة رأسها المندفع وهي تجلس وراء مقود السيارة. في النهاية كنت راضيا مطلقا دارسا وضع أطفالي بعيني شخص تركهم فاحصا منزلي كشخص يسترجع لقطات فوتوغرافية لزمن لا يستعاد سائقا سيارتي حول الحديقة المتعطفة مثل رجل يرتدي سترة واقية ويقطع طريقه عبر النار كنت أتوقع بان زوجتي تبكي إلا أنها كانت تبتسم مذهولة إلا أنها جريئة وأحسست برعب لم اقدر على إيقافه العتمة الداخلية مزقت أحشائي واحاطت بنا كلانا وأغرقت حبنا.ارتد قلبي للوراء وما زال لقد تقهقرت العالم الطبيعي الذي انوجد فيه حبنا كف عن الوجود