هادي والتجريب بالمجربين

أحمد الشرعبي

 - قريبا وتغدو التسوية السياسية في اليمن الثامنة على قائمة العجائب السبع الشهيرة بعد سور الصين وحدائق بابل والخ.
الأشقاء بدو

قريبا وتغدو التسوية السياسية في اليمن الثامنة على قائمة العجائب السبع الشهيرة بعد سور الصين وحدائق بابل والخ.
الأشقاء بدول مجلس التعاون سيكون لهم نصيب الأسد من إبداع المعجزة اليمنية سيما وأن عصفورا في اليد تمكن من الإفلات بينما ظلت العشرة العصافير الافتراضية بعيدة المنال وتحلق خارج فضاء الرؤية..! وما من شيء يلوح في الأفق السياسي القائم غير اشتغال خصوم الرئيس السابق بالبحث عن بصمات حكمه والفوز بأكثرها سوءا واستئناف عرضها برعونة تحمل على الرثاء لدرجة أن تبدو معارضة الأمس وريثا يقتفي أثر انحرافات حكمه وقائما على إحيائها بكل بسالة في دلالة على الالتزام الصارم بمنظومة القيم المتشابكة التي سادت علاقات وتجارب هؤلاء وأولئك..
قبل بضعة أشهر كان رموز المعارضة ــ شركاء الحكم – البائد والسائد راهنا ــ يعربون عن انزعاجهم الشديد من فكرة التمديد للرئيس الانتقالي المنتخب شعبيا وأحسبهم عدوا مثل هذا الأمر تجديفا في خيالات المتأولين ليتضح لاحقا أن التهرب من إثارة فرضية التمديد الاضطراري على قاعدة الشرعية الشعبية يتعارض مع خطة مبيته جرى الترتيب لها باختيار حكومة ضعيفة تعطل قدرة الرئيس على إنجاز مهام المرحلة الانتقالية ومن ثم التحضير للحوار الوطني بطريقة تنتج الإعاقة وتستبقه بالنقاط العشر ثم العشرين فعشرا إضافية بغرض النيل من شعبية الرجل وفي محاولة مكشوفة تضعه في مواجهة الشعب مباشرة وعندها يكون مناخ الحوار ممكنا كما قيل¿ مع أن النقاط الـ 30 ألغت الجزء الأكبر من دواعي الماراثون الحواري¿
فجأة والمرحلة الانتقالية على وشك الانتهاء والسقف الزمني (6 أشهر) المحدد للحوار ينتهي هو الآخر بولوج شهره الثامن وإذ يبدو الحكم على فشل حكومة قوى الصراع موضع إجماع يتجاوز تقويم المجتمع اليمني إلى توافق مجمل الأطراف الإقليمية والدولية وكلا الاجماعين يعتبرانها ضمن أسوأ الحكومات اليمنية لعقود طويلة ماضية لهذا جاء المخرج الأراجوزي لسدنة الثورة الشبابية 2011م غرار الحكمة النواسية (داوني بالتي كانت هي الداء).
ومن تجربتنا الشاقة والمملة مع القوى التقليدية التي انتظمتها المبادرة الخليجية لم نشهد مثل هذا اللهاث المتهالك على السلطة بذريعة الحرص على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني كما كشفته مؤخرا تعبيراتها المتواترة حيث تناسلت مبادرات أحزاب المشترك لنحصل على ثالثتها في أقل من أربعة أيام فقط وجميعها تستهدف ــ من حيث تدري ولا تدري ــ إعادة الاعتبار للنظام السابق بما كانت عليه خبراته من لياقة في عمليات إعادة تدوير سلطات الحكم.
وإزاء طبعة بالغة السوء من شراكات الماضي تذهب مبادرات الاشتراكي والناصري ونوبل الإصلاح (توكل كرمان) لتحويل مؤتمر الحوار إلى ساحة مقايضة بين تمرير الوثيقة الرئيسة المتوقع صدورها باسم المتحاورين من ناحية وضمان الحفاظ على بقاء المشترك في السلطة أربع سنوات قادمة بنفس حصته خلال المرحلة الانتقالية من ناحية ثانية¿
هي ذات الأسباب التي قوضت نظام صالح يستنسخها خصومه بصورة فجة تفضي لأفضلية الماضي عند مقارنة المآزق سيئة السمعة ببعضها ولئن كان البرلمان اليمني في حقبة الرئيس السابق أقدم على انتهاك القواعد الديمقراطية المتعلقة بشرعيته الزمنية فشرع لنفسه ثلة من الامتيازات وقايض رئيس الجمهورية على التمديد المزدوج لكل منهما فإننا مع بشاعة الالتفاف على إرادة الشعب ــ حينئذ ــ لم نكن نستطيع دحض حقيقة اتكائهما على شرعية شعبية وإن منتهية الصلاحية أما في الحالة الثورية الجديدة فإنها تمنح الظرف السياسي الاستثنائي لمؤتمر الحوار طابعا تفاوضيا يتسم بالأثرة والاحتكار وتخلع عليه صبغة التمثيل الشعبي للمجتمع خلافا لنصوص المبادرة الخليجية !!وهي تجعله ــ دون مصوغات قانونية ــ يجمع بين نخبوية تشريع الحلول وسلطة الحكم باسم مخرجات لم تعرف بعد ولم تختبر نجاعتها على الواقع ولا يعلم أحد مدى رضى الشعب عنها..¿
و لفرض محاصصة كارثية تفوق التقاسم الراهن لم تجد قوى الثورة سلما تصعد عليه إلى أكتاف المجتمع غير النظام السابق المسئول ــ حسب زعم مبادراتها ــ عن منعها من الوفاء بالتزاماتها بإنجاز مهام المرحلة الانتقالية..¿ إن كان هذا التبرير صحيحا فلماذا ظلت ممسكة بكراسي الحكم لعامين مضيا..¿ أليست الثورة الشعبية بهيئاتها المتعددة ((تحضيرية الحوار الوطني برئاسة باسندوة وحميد الأحمر + المجلس الوطني لقوى الثورة + اللجنة التنظيمية + المنسقية العليا للثورة + جمعة التمكين بتعز)) ما تزال قائمة.. وإذن فلماذا أمعنت الأحزاب المتجاسرة باسم الثورة في اقتسام الحكومة مع النظام السابق طالما هو يجرها خلف مقوده إلى هذا

قد يعجبك ايضا