أربع موجات من الصياغات الدستورية‮ (2 )

د/ أمين محمد محيي الدين‮ ‬

 - يرى الأستاذ سمير مرقص أن الكتابة الدستورية مرت بأربع موجات على مدى التاريخ‮ ‬الموجة الأولى وهي‮ ‬التي‮ ‬نتج عنها الدساتير التأسيسية مثل الدستور الفرنسي‮ ‬والأمريكي‮ ‬والإسباني‮ ‬والتي‮ ‬كان‮ ‬يتم التركيز فيها على دور وحقوق البرلمان واختصاصات الرئيس وبعض الأحكام المتعلقة بالحقوق والحريات الأساسية‮.
يرى الأستاذ سمير مرقص أن الكتابة الدستورية مرت بأربع موجات على مدى التاريخ‮ ‬الموجة الأولى وهي‮ ‬التي‮ ‬نتج عنها الدساتير التأسيسية مثل الدستور الفرنسي‮ ‬والأمريكي‮ ‬والإسباني‮ ‬والتي‮ ‬كان‮ ‬يتم التركيز فيها على دور وحقوق البرلمان واختصاصات الرئيس وبعض الأحكام المتعلقة بالحقوق والحريات الأساسية‮. ‬والموجة الثانية وتشمل دساتير الدول المستقلة بعد الحرب العالمية الثانية‮. ‬وقد اتسمت هذه الدساتير بكونها وثائق ايدلوجية أكثر من كونها وثائق قانونية ولهذا كانت تؤكد على بعض القضايا كالقومية والاشتراكية والليبرالية‮. ‬أما طبيعة الحقوق فكانت تعكس التوجه الأيدلوجي‮ ‬الأساسي‮ ‬للنظام السياسي‮. ‬أما الموجة الثالثة فعرفها العالم بعد تفكيك الاتحاد السوفيتي‮ ‬وتحول دول شرق أوروبا إلى النظام الرأسمالي‮ ‬وقد ركزت هذه الموجة على الصلة الوثيقة بين الدستور والممارسة الديمقراطية وكذلك التنفيذ وبما‮ ‬يضمن ليس فقط الحريات الجوهرية والإجراءات الديمقراطية الأساسية المرغوبة بها بل وتنفيذها‮. ‬وأخيرا الموجة الرابعة والتي‮ ‬لا تزال سارية والتي‮ ‬انطلقت مع صعود القوى الجديدة مثل‮: ‬الهند والبرازيل وتركيا وجنوب إفريقيا وماليزيا‮. ‬وفي‮ ‬هذه المرحلة تم التركيز على القضايا الموضوعية وعلى الكيفية التي‮ ‬يصاغ‮ ‬فيها الدستور‮. ‬لقد اهتمت الموجة الرابعة من الدساتير ببعض الأمور الشكلية مثل ضرورة وجود هيئة تأسيسية للدستور‮ ‬وعلى ضرورة مشاركة كافة القوى السياسية والمجتمع المدني‮ ‬والنقابات في‮ ‬كافة مراحل صياغة الدستور‮. ‬أما من الناحية الموضوعية فقد اهتمت دساتير الموجة الرابعة بالتفصيل في‮ ‬قضايا لم تكن مطروحة في‮ ‬دساتير سابقة‮. ‬ولهذا اتسمت هذه الدساتير بالتطويل بعض الشيء حيث تتضمن تفصيلا‮ ‬للمبدأ الدستوري‮ ‬لضمان أن‮ ‬يأتي‮ ‬القانون المفصل معبرا‮ ‬عن النصوص الدستورية وغير متناقض معها‮.‬
إن الدستور الذي‮ ‬يصاغ‮ ‬بطريقة ديمقراطية‮ ‬يضع الأساس الصحيح لممارسة ديمقراطية لاحقة‮ ‬ولهذا‮ ‬ينبغي‮ ‬أن تسبق صياغة الدستور الفعلي‮ ‬حوارات وموافقات سابقة على المبادئ الأساسية كما هو جار‮ ‬الآن في‮ ‬مؤتمر الحوار وذلك لتجنب الدساتير السابقة في‮ ‬العديد من الدول التي‮ ‬كانت في‮ ‬شكل منحة من الحاكم إلى مواطنيه والدساتير التي‮ ‬أتت بعدها والتي‮ ‬تحدثت بلغة أكثر ديمقراطية ولكنها لم تجسد روح الديمقراطية‮.‬
ولهذا لم تكن هذه الدساتير معبرة عن محاولات المجتمع لتأسيس هياكله السياسية والتعريف بقيمه الأساسية بقدر ماكانت جهودا‮ ‬تبذلها الأنظمة الحاكمة لإعادة تنظيم نفسها أو الإعلان عن التوجهات الجديدة لسياسة الدولة‮.‬
مما لاشك فيه أن الوثيقة الدستورية عملية مركبة‮ ‬لابد أن تتسم بالتوافق والقدرة على تجسيد حاجات المواطنين قولا‮ ‬وعملا‮. ‬كما‮ ‬ينبغي‮ ‬أن تستلهم التطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية على المستوى الوطني‮ ‬والدولي‮.. ‬وبحيث‮ ‬ينعكس ذلك على مكونات الدستور من حيث الشكل والصياغة والقيم التي‮ ‬يهدف الدستور إلى إرسائها‮. ‬ليأتي‮ ‬المنتج الدستوري‮ ‬حيا‮ ‬لا ورقيا‮. ‬إن الدستور الجديد‮ ‬ينبغي‮ ‬أن‮ ‬يتسم بالقدرة على التعبير عن تطلعات الناس إلى دولة مدنية حديثة‮ ‬يسودها القانون وتح

قد يعجبك ايضا