القات.. وإعادة هيكلة المجتمع اليمني
أحمد سعيد شماخ

لم تستطع الحكومات اليمنية السابقة أو الحالية أو أي قوى سياسية أخرى معارضة أو حاكمة حتى اللحظة من تقديم أي برنامج أو خطط أو رؤى ودراسات اقتصادية متكاملة كواجب أو كمساهمة منها لا حتياجات اليمن الاقتصادية والاجتماعية فليس لدى هذه القوى أو تلك الوجاهات القبلية والعشائرية ما تقدمه اليوم لهذا الوطن من أفكار مفيدة سوى أنها تنظر لهذا الوطن المغلوب على أمره وكانه بقرة حلوب على مدار العام تأخذ وترضع منه متى شاءت فلها حقوق وليس عليها واجبات فاليمن لم تستفد من خبرات وقصص نجاح نظيراتها من الدول التي كانت وإلى حد قريب في تعداد الدول الفقيرة أو من الدروس السابقة التي مرت بها البلد وفشلت فيها الحكومات اليمنية ومن الاستفادة أيضا من تلك المساعدات والتمويلات الخارجية المقدمة من مجتمع المانحين ليس فقط ابتداء من مؤتمر لندن للمانحين عام 2006م وما تلاه من مؤتمرات ونشاطات مع لقاءات المانحين بل أيضا ومن مؤتمرات سابقة بدءا من مؤتمر لاهاي للمانحين في العام 1996م وبروكسل عام 1997م وباريس عام 2002م وما لحقه من مؤتمرات وما نخشاه اليوم أن يتحول لقاء الرياض ونيويورك 2012م كسابقاته من مؤتمرات ولقاءات كللت في عدم قدرة اليمن على استيعاب تلك التمويلات فاليمن يواجه اليوم حملة من التحديات السياسية والاقتصادية الداخلية والخارجية الإقليمية والدولية والتي لاشك أن من أبرزها على الصعيد الداخلي هو محاولة النيل من وحدتنا الوطنية وتحديات ما بعد التغيير غير أن هناك قضايا وطنية أخرى أيضا مهمة للغاية منها قضية زراعة شجرة القات وتناوله من قبل المجتمع وآثار هذه الشجرة المدمرة على الأفراد وعلى المجتمع وعلى الاقتصاد اليمن برمته والذي سوف اتناوله تباعا بشيء من التفصيل وقضية أخرى هي التحديات السكانية التي بدأت تتضاعف وتمر كسرعة الضوء منذ آخر تعداد .. في ظل غياب السياسات السكانية والخدمات الصحية والرعاية الاجتماعية ونوعية وجودة التعليم الخاص والعام الذي لم يكن هو الآخر يوما داعما ومساعدا أو متناغما والسياسات الصناعية والزراعية اليمنية فالوفرة العمالية التي تتميز بها اليمن تقدر بنصف سكان اليمن والذي لم يستطع سوق العمل اليمني أن يستوعبها حتى اللحظة أو الهجرة الخارجية لأسباب عدة من أهمها أن القطاع الخاص اليمني هو قطاع ضعيف وهش بل ويمكن وصفه خلال هذه المرحلة أنه قطاع وليد بل وفي بداية النمو غير قادر على خلق فرص عمل جديدة لاعتبار أن البيئة في اليمن تفتقد إلى أبسط المقومات الأساسية للاستثمار وهي قضية الأمن والأمان والاستقرار والعدالة التي تضمن حقوق المستثمرين وحمايتهم من كبار وصغار المتنفذين والفاسدين أينما وجدوا وحلوا و إلى أهمية وجود الطاقة الكهربائية المحركة للآلة فالطاقة الكهربائية الموجودة اليوم هي ضعيفة ومحدودة جدا يمكن أن تفي فقط لاحتياجات ربع السكان تقريبا والتي كانت تقدر بنحو 850 ميجا بايت قبل شهر فبراير 2011م أي أن نسبتها لا تتجاوز 2% من القدرة الكهربائية للجارة السعودية وهذا بحد ذاته يشكل عائقا كبيرا أمام الاستثمارات والتحولات والنمو الاقتصادية برمته وخصوصا منه النمو الصناعي والزراعي في بلد يصنف على انه من أضعف الاقتصادات وضمن أفقر عشر دول في العالم ومجتمع يعاني البطالة والفقر والجوع بل وفي ظل دولة تفتقد إلى المخزون والأمن الغذائي وتعاني الفقر المائي.. في دولة يشكل فيه القطاع الزراعي نحو 12% من الناتج المحلي لإجمالي وفقا لإحصائيات وتقارير 2009 ـ 2010م رغم أن قطاع الزراعة في اليمن يستأثر بما مقداره أكثر من نصف الطاقة العمالية ولهذا فأن أي ارتفاع لأسعار الديزل سوف يكون حساسا لكل الأنشطة الزراعية والأنشطة الأخرى المتصلة بالقطاع الزراعي التي تعاني أصلا منذ سنوات عدة من الضياع والتآكل وتحول الأراضي الزراعية اليمنية إلى أراض بور على مرى ومسمع كل الجهات الرسمية جراء ما أصاب البلاد والعباد من جفاف وقلة الأمطار وتراجع الآبار الجوفية وافتقارها إلى الوسائل والطرق والإدارة الحديثة في الري والتخزين الأمر الذي أدى بدوره لعزوف معظم اليمنيين عن العمل بالزراعة وإلى هجرة الكثير منهم وخصوصا المزارعين المهرة ذوي الخبرات إلى دول الجوار وإلى أنحاء شتى من العالم بعد أن كان قطاع الزراعة يمثل جزءا هاما لحياة الإنسان اليمني وخصوصا أن ما نسبة أكثر من 70% تقريبا من سكان اليمن يعيشون في الأرياف يعمل معظمهم في الزراعة والرعي وبعض الصناعات الحرفية وفي إنتاج العسل غير أن جزءا كبيرا من اليمنيين أيضا قد تحولوا إلى تبني زراعة القات كمحصول نقدي سريع مفضل لدى كثير من أصحاب الأراضي الزراعية والذي أصبحت معدلات زراعته السنوية تزيد بشكل مرتفع وملفت ل
