الريح.. تضحك أحيانا

محمد المساح


 - يلعب الريح لعبته المفضلة في الليل يدحرج الأواني والدسوت والصحون الألمنيوم فيضج السقف بفعل الدحرجة يسأل الطفل الصغير أخته: من يدربز في السقف تلتفت
يلعب الريح لعبته المفضلة في الليل يدحرج الأواني والدسوت والصحون الألمنيوم فيضج السقف بفعل الدحرجة يسأل الطفل الصغير أخته: من يدربز في السقف تلتفت الأخت إليه ضاحكة: إنهم الجن.. الآن تبدأ لعبتهم فيضحكان معا ويعودان يتابعان باهتمام أحداث التمثيلية التليفزيونية.. لا يهمهم الريح ولا ألعاب الجن.
الأواني وحدها تصرخ فمن خف وزنه طار إلى الخارج وتجاوز متراس الدار والبعض يظل يتقلب ويتصادم مع بعضه بمرح صاخب متفكها في ألعابه الخفيفة مع الريح.. الأشجار في الخارج تنهض أغصانها فجأة من نعستها المبكرة.. فتتطوح ذات الشمال واليمين ترتاح لسلوتها الوحيدة الريح وهو يخرجها من وحدتها الليلية وسكونها تصنع حينها معزوفتها المفضلة الرقص على أنامل الريح وحين يشتد غضبه ويقوي هبوبه تتدور الأغصان العليا للشجرة فتتبدى قمم الأشجار ضفائر سوداء فاحمة السواد لنساء يدرن في رقصة زار عتيقة الأوراق اليابسة والجافة تذهب مع الريح في رحلته الطويلة تسلم قيادها كاملا تطير تقفي تهبط تصعد تعلو في الفضاء تطوف الأمكنة تذهب بعيدا ولا تعود إلى أماكنها الأولى أبدا.
الطرق والدروب تعانق الريح ودا ومحبة لأنه يصفيها من الصدأ العالق بها فيكنس من حوافها ووسطها الأتربة والأشياء العالقة على سطوحها فتتمتم شاكرة لهذا الزائر الوفي والدائم.. الذي يطل عليها ولا ينساها أبدا.
الأشياء الجامدة والثابتة هي الوحيدة التي تخشى الريح.. ولكنها لا تعلن هذه الخشية أبدا لأن غضب الريح وعنفه قد يزلزل ثباتها فتنكسر أو تتهدم ودائما ما تظل تترقب بخوف قد لا تبديه إذا صرصر وعصف.
بغير الريح لا وجود للأشياء والكائنات.. انه يفجر فيها طاقة الضجيج والوجود يخرجها من صمتها الخجول تكون لها جلبة رائعة وعبر الريح تبتهج وتضحك وتبكي أحيانا.

قد يعجبك ايضا