المـشـعöب كـضاك

فـائز الـصلـوي


تقف السياسة عاجزة تماما عن التفكير في الغد.
يستورد رغيف العيش اليمني أكثر من أربعة ملايين طن من القمح سنويا, ويبدو أنه من السابق لأوانه أن تصادف حسابات الساسة أدنى ميل إلى سرعة تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب, التي لا يوفر الإنتاج المحلي اليمني سوى عشرة بالمائة منها سنويا.
ألا تلاحظون أنه لم يحدث مطلقا أن نشر بالصحف خبر اقتصادي مفرح حقا¿ لا يبدو أن أحدا من ذوي الشأن اهتم فعلا بهذا أو حاول مرة وسعى إليه, الغريب كل الغرابة, أن الجميع يفكر في الوصول إلى السلطة أولا, ومن ثم لكل مقام مقال.
لو عرضت كرسي الرئاسة على أبسط سارق أو قاطع طريق أو إرهابي لما تردد لحظة في القبول, الأنكى من ذلك, أنه سيخبط يده على صدره بانفعال فرöح قائلا: “إعرöف أمور”.
وكأننا في مواجهة غزاة من الفضاء الخارجي على أهبة الاستعداد للإجهاز على مشاريعنا الطموحة في بناء مستوطنات سكنية على سطح المريخ هذا ما يتبادر إلى ذهني كلما استبحرت في تأمل تشاعيب المشهد اليمني وخياراته الفذة, مع الإقرار في نفس الوقت, بأننا نواجه بالفعل ما ليس له مكافئ للأذى والشر المحض تنظيم القاعدة الذي يجاهد في سبيل كل شيء باستثناء الإسلام وأهله.
الشعب يصرخ في كل مكان, معاركه الكلامية ليس لها آخر إنه يقاوم ببسالة استسلام السياسة لليأس, الذي معناه الفوضى والانهيار, ووسط لهاث البحث عن الخلاص, يحاول تلمس أي أثر لبداية جديدة, وينتهي به الأمر دوما إلى ممر مظلم يصل التناقض الصارخ لأقوال الساسة بما يفعلونه على أرض الواقع.
تزدحم في هذا الممر ثرثرات دكاكين صغيرة تباع فيها الأماني البراقة الصعبة الحدوث, على الأقل في الوقت الراهن والمنظور, وجميعها, يجري إسنادها إلى مشاريع ضيقة, أيديولوجية أو جهوية أو عصبوية, تعلöق عليها بضاعتها وخöرقها البالية أصلا, وما أكثرها, يعيش ملاك تلك الدكاكين في بحبوحة محاطين بأفقع مظاهر الترف التي يمكن لليمن الموحد أن يستمر من دونها, ومن دونهم, وربما هذا هو الحل الذي من الممكن أن يكون حلا جذريا لانتشال الناس من الخراب, وتلك هي المعضلة.
الفيدرالية مثل الوحدة, أعطيت وتعطى دعاية مغالى فيها, ومن المؤسف القول إن الكاريزما اللفظية وحدها من ستقرر مصير ومستقبل شعب بأكمله إذن ما كان نفع السياسة بما هي فن إدارة المصلحة العامة¿
تتيح لك نخبة اليمن المجال لتستنتج من تقلباتها وضبابية مواقفها ما تريد, وهذه هي الطامة الكبرى.

قد يعجبك ايضا