الرسوليون من تعز إلى مكة

د. ياسين عبدالعليم القباطي

 -  ألتقيته لأول مرة أستأنست به وشعرت معه بالاطمئنان كأنه أخي الشقيق جلس إلى جانبي نراقب معا الحفار يبحث عن المياه في جوف تعز أخبرته بمعاناتي وكيف ذهبت سيرا على

الحلقة السابعة والثلاثون

> ألتقيته لأول مرة أستأنست به وشعرت معه بالاطمئنان كأنه أخي الشقيق جلس إلى جانبي نراقب معا الحفار يبحث عن المياه في جوف تعز أخبرته بمعاناتي وكيف ذهبت سيرا على أقدامي الجافة المتشققة إلى نجران أرض الجدود إلى الطائف ومكة لم أجد علاجا لمرضي تحدثت معه كأنه أخي رد علي بثقة «لا تخف أنت في تعز الإمام أحمد كان أمير عليها بعد ابن الوزير ثم صار ملكا وبعد مقتل أبيه جعلها عاصمة له فأتت إليها السفارات والبعثات التجارية والطبية من إيطاليا وفرنسا الدكتور أندريه والدكتورة إيفت فيلارد عملت في المستشفى الأحمدي وبعد في الجمهوري مستشفى خطط بناءه طبيب إيطالي يدعى مفردوني بدأت عملها في تعز عام 1956م والآن بعد ثورة 26 سبتمبر حضر إلى تعز الأطباء من السويد ومصر والصين وروسيا وأطباء يمنيين تخرجوا من جامعات العالم وعادوا إلى تعز محمد عبدالودود طبيب جراح درس في تشيكوسلفاكيا والشطفة طبيب جلد درس في مصر وهم أول الأطباء اليمنيين في تعز لا تقلق يا أحمد هذا في تعز لن تهان ستجد علاجك كما وجدته أنا كنت مصاب بالجذام مثلك وتداويت وما زلت استخدم العلاج وكما تراني بلا تشوهات سليم الجسم والأطراف الجذام يا أحمد يصيب الأعصاب فيفقدها الإحساس نجرح أنفسنا ولا نحس العلاج يقتل جراثيم الجذام فيعود الإحساس بعد الشفاء منه لازم تروح قسم الجذام في الحصب فهناك علاجك» قال كلامه ثم أخرج من كمره حبوب مثل تلك الحبوب التي أعطاني الطبيب الأميركي في جبلة ليريني فأطمئن أكثر.
أحسست بالأمان وكأن الله بعث لي هذا الغريب ليرشدني إلى طريق التخلص من الجذام لم أتردد أخرجت له الورقة المحفوظة في الكمر وسألته “كيف أذهب إلى قسم الجذام¿ أين الحصب¿” قال ” بعيد خارج المدينة طريق الحديدة وفيها العلاج الشافي لك ولكثيرين غيرك ستجد هناك طبيب من الجمعية السويدية لإنقاذ الأطفال يحضر المستشفى يوم بالأسبوع اذهب هناك وأرقد في المستشفى حتى الشفاء إذا عدت إلى قريتك دون علاج سوف يتطور المرض وستفقد نظرك وسمعك وأنفك وأطرافك وستفقد الإحساس وربما تهلك من مضاعفات المرض”.
استمعت إلى الرجل الغريب ووثقت به وعرض أن يذهب معي إلى قسم الجذام مقابل إعطائه ريالين ريال له وريال أجرة السيارة رفضت! فلم يبق من جنيهي الذهب التي صرفتها في ذمار سوى ريالين ستنفعني فإذا لم يكن البقاء ممكنا استعين بها على العودة إلى قرية أبو حسن وليفعل عبدالولي ما يريد».
حضنت الرجل الغريب الذي أخرجني من حيرتي ودعته وداعا حارا فارقته وأنا مصمم على الذهاب صباحا إلى قسم الجذام وعدت إلى غرفة صديقي البجل وقضيت ليلتي عندهم وقلت له».
سأذهب يوم غد إلى المستشفى للمعاينة وقد أرقد هناك» لم أخبره إلى أي مستشفى سأذهب لم أدله على المكان لا أريده أن يعرف أني مصاب بالجذام وأفتضح بين أهل آنس في تعز.
أتى الصباح الذي انتظره خرجت إلى سماء صافية زرقاء تزينها سحب بيضاء متناثرة تصطدم بقمم صبر تتداخل مع أشجاره تتوحد بصخوره تعز مدينة الاعتدال المناخي لا تشعر فيها بالحر ولا بالبرد تعز لا ترتفع حرارة صيفها أكثر من 32 درجة ولا تنقص في شتائها عن 17 درجة هي مدينة معتدلة الجو تجعل أهلها معتدلين المزاج لطيفين المعشر أسير الآن في وادي ترابي يسمى وادي المدام ومنه دخلت باب المداجر أحد الأبواب الأربعة لسور يحيط بمدينة تعز وينتهي بحصن القاهرة سور شامخ كجبل صبر منذ مئات السنين أستمر بناؤه 8 سنوات ليحمي المدينة المشهورة بمدارسها ومساجدها ها أنا أمر بحارة إسحاق ثم مسجد ومدرسة الأشرفية ذي المنارتين دخلت المسجد وصليت ركعتين وإذا أمامي شيخ بلحية طويلة بيضاء فجلست بجانبه وسألته «كيف الوصول إلى طريق الحديدة¿» كان وحيدا فرح بلقائي وأخذ يكلمني عن تعز «هذا الجامع أمامك كثير القباب هو مدرسة المعتبية وذلك هو مسجد ومدرسة المظفر» سألته «من هو المظفر¿» فقال «هو عمر بن علي بن رسول الذي بناه في القرن السادس الهجري دولة بني رسول وأمتدت ووحدت اليمن الكبرى ومخلافها السليماني في جيزان ونجران وعسير وحكمتها بل تجاوز حكمها اليمن فوصل حكمهم إلى مكة وكان والي مكة يعين من تعز وانتهت دولة بني رسول بعد أن غزا تعز المماليك بجيش من الشراكسة والأتراك والمغاربة وبمساعدة من أمير نجران فتدهورت مدينة تعز واستمر تدهورها فغزاها الأيوبيون بقيادة طغتكين أخي صلاح الدين الأيوبي والمصريون بقيادة إبراهيم باشا قائد قوات محمد علي حاكم مصر في القرن السابع عشر الميلادي وتوالت الحروب على تعز حتى هجرها سكانها تعز مدينة تجتاحها الحروب والويلات وتقع

قد يعجبك ايضا