الكتاب المنهل الأول للمعرفة
حسن احمد اللوزي


يشهد البشر لأنفسهم بأنهم أرقى المخلوقات ومن يدافع عن هذه التزكية للنفس البشرية لا يصعب عليه التدليل ولا تعوزه البراهين فكل الدراسات وعمليات النظر والبحث في كوكب الأرض وحيث وصل الإنسان حتى الآن تؤكد بأن أولاد آدم وحواء هم بالفعل أرقى المخلوقات وأحسنها تقويما بشهادة القرآن الكريم ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم)صدق الله العظيم وقد سجدت الملائكة لأبيهم آدم طائعة راضية باستثناء إبليس (ليس موضع الحديث عنه هنا)
ومع ذلك فإن الإنسان في النظرة الإيمانية والدينية هو خليفة الله سبحانه وتعالى وفي عدد من الأحاديث القدسية فإن البشر عيال الله وأعظم ما ميزهم الله به هو أن نفخ فيهم من روحه سبحانه وتعالى ووهبهم العقل والضمير اللذين هما من ذات الروح الإلهية عند البعض من الفلاسفة والمتصوفة… فهل يجوز أو يعقل بأن يعيش مثل هذا المخلوق جاهلا أو عديم المعرفة¿¿ وهو المتصدي لحمل الأمانة والمكلف بتحمل مسؤولية الإستخلاف لله على الأرض… برغم أن طلب العلم و المعرفة واجب على كل مسلم ومسلمة في ديننا الحنيف!
عذرا فقد طالت المقدمة التي أردتها مدخلا للحديث عن عقل وضمير الإنسان واللذين هما عنوان تميزه وغذائهما بل وطاقة عملهما المعرفة ومنهلهما الأول الكتاب بمناسبة إقامة معرض الكتاب الدولي التاسع والعشرين في بلادنا والإلحاح على هذا النشاط الحضاري المهم في طبيعة المجتمعات الحية… وتحرص على تنظيمه الدول المتقدمة وتنفق عليه بسخاء فما بالك بالدول النامية المتعطشة إلى المعرفة المتجددة واللاهثة وراء ثورة المعلومات والمهتمة بتقديم كافة التسهيلات من اجل إيصال المعرفة إلى مواطنيها والحرص على متابعة كل جديد سواء عبر الكتاب الورقي أم الوسائط التقنية الجديدة والبرامج المتنوعة والزاخرة بكل أنواع وأصناف المعلومات التي أثمرها العقل البشري المنتج والتجارب العلمية والعملية النضاحة بعجائب النتائج التي تتصدر فيضان الإبداع البشري الفكري والعلمي والثقافي والفني وصارت لهذه كلها مساحاتها الغنية في المعارض الدولية للكتاب فضلا عن المعارض الأخرى النوعية المتخصصة وكلها تعرض وتقدم المعرفة التي هي نتاج وإبداع عقل الإنسان تلكم الآلة الذهنية البشرية المذهلة ومخيلته الكفيلة بالهضم والتمثل والإبداع وليس مجرد تجميع المعرفة وتخزينها وترتيبها واستثمارها بالصورة المثلى وعلى الوجه الذي يخدم إرادة الإنسان ويحقق له الهدف المقصود والنجاح المنشود على كل صعيد وفي كافة الميادين
فالمعرفة واستخدام العقل بمؤازرة الضمير الذي هو آلة الرقابة القيمية والأخلاقية اليقظة والحاسمة… مجتمعة تمثل القوة الرئيسية للإنسان والعناصر الأساسية في تميز الإنسان واقتداره في معركة الحياة كما يراها ويؤمن بها ويحقق ذاته وهويته في خضم مواجهة تحدياتها وذلك ما يحقق تميز بعض بني الإنسان عن البعض الآخر وتقدم شعوب وتخلف أخرى ولاشك بأن محتوى معارض الكتاب في أي مكان كان تعبر بصورة أو بأخرى عن هذه الحقيقة بداية من الموقف من المعرفة وحرية تداولها وتيسير الوصول إليها والحرص على تقديمها كخدمة أن لم تكن كغذاء أساسي لا غنى عنه البتة!! بالنسبة للفرد كما بالنسبة للأسرة والمجتمع !.
حيث لا يمكن بدون امتلاك المعرفة المتجددة والقدرة العقلية على استيعابها وهضمها واستثمارها في سبيل تحقيق الأهداف والاستراتيجيات على كل نطاق بداية من الخلية الأساسية لكل مجتمع ونعني بها الأسرة ولاشك بأن الإنسان العارف داخل الأسرة هو مصدر أساسي من مصادر قوتها ومنعتها وتربعها في الوضع السوي داخل المجتمع المنتج المحصن والقوي.
أليس هذا كافيا للتدليل على أهمية الكتاب وضروراته والحاجة المجتمعية الماسة إليه وخاصة بالنسبة لأمة اقرأ ! وأهمية معارض الكتاب التي يجب أن تقدم للمواطن ما هو أفضل مما في المكتبات وكل ما لا يجده فيها وما يحتاج إليه من الجديد فضلا عن ثراء النشاط الثقافي المصاحب بكل ما يعنيه للنفس المتطلعة للتواصل بالكتاب والمفكرين والمبدعين وقبلهم بالعلماء الأجلاء ولهذا الحديث عن الكتاب ومعارضه صلة في الأسبوع القادم بإذن الله..
الكتاب:
يضئ بأنوار كل الشموس
و يغدق بالزاد جوع العقول
وفقر النفوس
و يحمل اثقال ما في الوجود
ويعطيك أسرار ما خبأته السنون
وما قد يكون
ويبقى أليفا كصنو حنون
الكتاب الوحيد الذي لا يخون
