باكثير وبلفقيه نموذجان للنجاح في‮ ‬الغربة

محمد راجح سعيد

الاغتراب ظاهرة اجتماعية منذ القدم وبالنسبة لليمن لم‮ ‬يقتصر الاغتراب على القوى العاملة وخاصة الماهرة‮ ‬بل إن مبدعي‮ ‬اليمن كان لهم نصيب من الاغتراب في‮ ‬مصر‮ ‬وأول المبدعين اليمنيين المغتربين هو الروائي‮ ‬والأديب الكبير على أحمد باكثير حيث بدأ الاغتراب‮ ‬منذ عام‮ ‬1934م وهو في‮ ‬سن العشرين عاما‮ ‬تقريبا‮ ‬بعد أن حصل على ليسانس في‮ ‬قسم اللغة الانجليزية من جامعة فؤاد الأول‮ “‬جامعة القاهرة حاليا‮” ‬وبعد انتهاء دراسته الجامعية استهوته مصر كثيرا بشعبها ومبدعيها وقد أحب المجتمع المصري‮ ‬كثيرا كما ربط علاقة وثيقة مع رجال الفكر والأدب والفن مثل عباس العقاد وتوفيق الحكيم والمازني‮ ‬ونجيب محفوظ‮ ‬وفضل الإقامة في‮ ‬مصر وحصل على الجنسية المصرية بعد زواجه من مصرية‮ ‬وقد ظهرت موهبته مبكرا‮ ‬حيث ألف مسرحيته الشهيرة‮ (‬اخناتون وريفير تيني‮) ‬بالشعر الحر ليكون بذلك رائد هذا النوع من النظم في‮ ‬الأدب العربي‮ ‬وتعتبر رائعة‮ “‬وآ إسلاماه‮” ‬من أروع ما ألف وقد تنوع إنتاجه بين الرواية والمسرحية الشعرية والنثرية وقد عرضت روايته الشهيرة كذلك على السينما وقد توفي‮ ‬في‮ ‬مصر‮ ‬في‮ ‬10‮ ‬نوفمبر عام1969‮ ‬وقد عاش فقط‮ ‬59‮ ‬عاما‮ ‬كونه من مواليد ‮٢/٢١/٠١٩١‬م وبرغم أن عمره كان قصيرا‮ ‬إلا أنه ترك تراثا‮ ‬غنيا‮ ‬وخاصة كما ذكرنا على مستوى الرواية والمسرح‮.‬
أما ثاني‮ ‬المغتربين المبدعين الذين لمعوا وشرفوا اليمن في‮ ‬الاغتراب فهو الفنان الكبير أبو بكر سالم بلفقيه حيث هاجر إلى السعودية ودول الجوار بعد الاستقلال مباشرة عام‮ ‬1967م وبالرغم أنه كان‮ ‬يعتبر فنانا‮ ‬ناجحا‮ ‬من رواد الأغنية الحضرمية وكان مشهورا‮ ‬جدا‮ ‬في‮ ‬بلاده إلا أن طموحاته كانت كبيرة وقد نجح في‮ ‬دول الجوار ولا‮ ‬غرابة في‮ ‬ذلك فإن لونه الغنائي‮ ‬مقبول في‮ ‬دول الجوار نظرا‮ ‬لوجود جالية حضرمية كبيرة إضافة إلى بعض الجاليات اليمنية الأخرى التي‮ ‬تعشق اللون الغنائي‮ ‬لبلفقيه‮ ‬وقد كانت هناك محاولة للموسيقار أحمد قاسم في‮ ‬عرض فنه خارج بلاده واختار أرض الكنانة مصر العظيمة وأنتج ومثل فيلم‮ “‬حبي‮ ‬في‮ ‬القاهرة‮” ‬بالاشتراك مع فنانين مصريين عمالقة أمثال محمود المليجي‮ ‬وزيزي‮ ‬البدراوي‮ ‬وقد تم عرض الفيلم في‮ ‬وقت‮ ‬غير مناسب وهو عام النكسة عام‮ ‬1967م ولم‮ ‬يحقق الفيلم القبول الجماهيري‮ ‬المطلوب فحزن كثيرا‮ ‬وظل أعواما‮ ‬يسدد نفقات الفيلم فما كان من الموسيقار أحمد قاسم إلا أن عاد إلى بلاده للتو‮ ‬كما أن أحمد قاسم ليست لديه نزعة الاغتراب كما كان الحال مع باكثير وبلفقيه وفنانين آخرين‮.‬

قد يعجبك ايضا