تجربة فرنسا في إصلاح التربية والتعليم في نهاية القرن التاسع عشر

■ محمد محمد عبدالله العرشي

أهدي هذا المقال لمؤتمر الحوار وعلى رأسه فخامة الأخ المشير/ عبدربه منصور هادي – رئيس الجمهورية رئيس مؤتمر الحوار بكافة مكوناته وإلى حكومة الوفاق برئاسة الأستاذ/ محمد سالم باسندوة وإلى الأخ الدكتور/عبدالرزاق الأشول– وزير التربية والتعليم.
ولا شك أن مؤتمر الحوار وحكومة الوفاق ووزارة التربية والتعليم ستجد فيه الطريق الأمثل نحو بناء مجتمع يمني جديد وأن يخضع هذا الكتاب للنقاش والدراسة والتمحيص وستجد جميع الأحزاب السياسية فيه الطريق الأمثل وكل من يهدف إلى التغيير الأمثل لبناء المستقبل…

بينما كنت أبحث في كتب جدي المرحوم القاضي عبدالله بن أحمد العرشي (1296-1359هـ/1879-1940م)الذي كان مندوبا لليمن وممثلا للمرحوم الإمام يحيى بن محمد حميد الدين في المفاوضات التي جرت في مدينة عدن حول ما كان يدعى بـ(محميات عدن) الجنوبية خلال حكم الإنجليز وقد دامت هذه المفاوضات نحو عامين. وجدت من بين هذه الكتب كتاب يحمل عنوان (سر تقدم الإنكليز السكسونيين تأليف أدمون ديمولان وهو فرنسي والمترجم لهذا الكتاب هو المرحوم أحمد فتحي زغلول باشا (9/ 1279 هـ الموافق 2/1863م – 29 ربيع أول 1332هـ الموافق 27/3/ 1914م) وهو من رواد حركة الترجمة في مصر وكان يرى أن حركة الترجمة تسبق حركة التأليف في نهضة الأمة المصريةوكان يتقن اللغتين الإنجليزية والفرنسية بجانب امتلاكه ناصية اللغة العربية. وقد ضبط كتاب (سر تقدم الإنكليز..) وشكله وشرح بعض عباراته الأستاذ عبدالرحمن البرقوقي (1293 – 1363 هـ = 1876 – 1944 م) وهو الذي أصدر مجلة (البيان)سنة 1910 م فكانت صحيفة أدباء مصر: العقاد والمازني وشكري والسباعي وغيرهم. وكان كثير العناية بجودة العبارة وجزالة الأسلوب يصفه عارفوه بإمتاع الحديث وأنس المجلس. وهو الذي حقق (ديوان المتنبي).
وقد ظهر هذا الكتاب (سر تقدم الإنجليز..) كما قال مترجمه في شهر إبريل 1897م وأشار إلى أن مؤلف الكتاب قد بحث فيه بحثا دقيقا عن أحوال الأمم الفرنساوية وأنه قارن بين التربية في فرنسا والتربية في ألمانيا وكذا في إنكلترا وتوصل في بحثه أن سبب ضعف فرنسا هو فساد التربية فيها وأكد أن سر تقدم الإنكليزية السكسونية هو صلاح تربيتهم وحسن نشأتهم وأشار المترجم إلى أن هدف المؤلف هو حث أمته عن العدول عن طريقتها في تربية وتعليم أبنائها وإصلاح المدارس فيها حتى تكون مخرجات التعليم فيها تخرج رجال قادرين على العمل الصحيح غير معتمدين إلا على أنفسهم ولا يطلبون السعادة إلا من كدهم واجتهادهم.
والكتاب من أربعمائة واثنين وتسعين صفحة وقد شمل الكتاب مقدمة للمترجم ومقدمة للمؤلف ومقدمة للطبعة الثانية واشتمل على ثلاثة أبواب.
وعندما اطلعت على هذا الكتاب أعجبت به إعجابا شديدا لأن ظروف التربية والتعليم في فرنسا قبل مائة سنة وأكثر تشابه ظروف التربية والتعليم في بلادنا في القرن الواحد والعشرين أي في تاريخنا وعصرنا هذا فقمت بتصوير هذا الكتاب وأهديت صورا منه لعدد من المثقفين وأذكر منهم الدكتور عبدالعزيز المقالح والدكتور عبدالكريم الإرياني والأستاذ خالد عبدالله الرويشانوالدكتور فضل أبو غانم – وزير التربية والتعليم في ذلك الوقت –والأستاذ علي صالح الجمرة لاعتقادي أنني قد وجدت بداية الطريق نحو التغيير الشامل بحيث يتم تشكيل المجتمع اليمني من جديد وفي نفس الوقت قمت بالبحث عن التعليم والتربية في فرنسا ووجدت أن هذا الكتاب كان دليل الأمة الفرنسية نحو إصلاح التربية والتعليم فيها بعد أن استفادت من تجربة التعليم والتربية في كل من بريطانيا وألمانيا.
وقد تضمن الكتاب العديد من الأسئلة الهامة والجوهرية منها:هل التعليم الحالي أي في عصر مؤلف الكتاب قبل مائة وخمسة عشر سنة يربى رجالا¿ وقد توصل إلى نتيجة سلبية من خلال وصف التعليم في فرنسا في وقته وذكر العديد من السلبيات التي تشبه السلبيات التي في نظام التربية والتعليم في بلادنا في عصرنا الحالي كما تضمن الكتاب سؤالا آخر وهو: هل نظام التعليم في المدارس الألمانية يربي رجالا¿ أي في عصر المؤلف وتوصل إلى نتيجة إيجابية أن التعليم في ألمانيا ربى رجالا وعلماء ويكون مجتمعا منتجا يتسم بالإبداع بعكس ما هو في فرنسا ويواصل المؤلف تساولاته هل نظام التعليم في بريطانيا يربي رجالا¿ وتوصل إلى نتيجة إيجابية أن التعليم في بريطانيا كما هو في ألمانيا يربي رجالا بعكس ما هو في فرنسا التي يوجد في التربية والتعليم فيها العديد من الشوائب والسلبيات والكثير من العيوب والنقائص مثل العيوب والشوائب التي توجد في نظام التعليم في اليمن في مطلع القرن الواحد والعشرين..
ثم تطرق إلى سؤال هام وجوهري وهو كيف ينبغي أن نربي أولادنا¿ (أي في فرنسا وفي عصره وفي زمنه وتوصل إلى خطة موضوعية وشاملة وهي

قد يعجبك ايضا