أحداث مصر وسوريا بداية سايس بيكو جديدة

عارف الدوش


 - في فضاء عربي وشرق أوسطي كبير مضطرب تكثر الأسئلة حول حقيقة ما يجري في منطقة قلب العالم التي تمتد من القوقاز شمالا إلى البحر العربي جنوبا لا سيما في ظل أكثر من تطور سجلته السنوات

في فضاء عربي وشرق أوسطي كبير مضطرب تكثر الأسئلة حول حقيقة ما يجري في منطقة قلب العالم التي تمتد من القوقاز شمالا إلى البحر العربي جنوبا لا سيما في ظل أكثر من تطور سجلته السنوات الماضية على أكثر من ساحة في هذه المنطقة فجرى طي صفحات حكام لتفتح أخرى وبالتالي سيتم طي وتكسير وتهديم خرائط في المنطقة نفسها في لعبة تشبه لعبة الدومينو.
فأحداث مصر وتغيير موازين القوى في المنطقة ليست صدفة وإنما أمر جرى التخطيط له منذ ما بعد انتخابات الرئيس الأمريكي أوباما وقدومه في زيارة للمنطقة شملت تركيا وإلقائه خطاب في القاهرة وحديثه عن الإسلام والتعايش إلى آخر السمفونية التي سمعها العالم كله وما جرى بعد ذلك من تسريب وثائق ” ويكلكس” التي بشرت بانهيار دول محددة في منطقة قلب العالم ثم صعود التيار الإسلامي في مقدمة المعارضات في كثير من الدول عبر ثورات الربيع العربي ووصول جماعة الأخوان المسلمين التيارات الإسلامية المختلفة إلى الحكم في مصر وتونس بدون تغطية قانونية ودستورية والقصد هنا بدون دستور يحدد مهام وصلاحيات رئيس الجمهورية والحكومة وبلخبطة برلمانية تحت سمع وبصر العالم الحر بغض النظر إن الجماعات الإسلامية تشكل الأغلبية الجماهيرية والشعبية فهذا أمر آخر.
وفي ليبيا وسوريا واليمن تجارب مشابهة وإن اختلف السيناريو من بلد إلى آخر بحسب تركيبة الجماعات الإسلامية ومدى قربها أو بعدها من الحكم السابق الذي جرى تهديمه وتقويض أركانه ودعائمه وفي الأخير كانت الثورات العربية والجماعات الإسلامية سلما للتهيئة لتغيير الخارطة السياسية والجغرافية في المنطقة في لعبة مصالح لتقاسم كعكة السلطة والثروة في منطقة قلب العالم التي تمتد من القوقاز حتى البحر العربي جنوبا التي من يسيطر عليها سياسيا وجغرافيا يتحكم بثروة العالم وبالتالي بالعالم.
والشد والجذب بين امريكا وحلفائها وروسيا وحلفائها حول قضايا تغيير الحكام والخرائط في منطقة قلب العالم يدور حول السيطرة على مربعات منطقة قلب العالم وإذا كانت ” سايكس بيكو الأولى قد اعتمدت استراتيجية وطريقة تقاسم منطقة قلب العالم وكان رأس الحربة فيها جعل الأقلية هي الحاكمة في البلدان وجعل الأغلبية ترزح تحت حكم الأقلية بشرط أن تضمن الأقلية الحاكمة مصالح الكبار المتقاسمين الكعكة في منطقة قلب العالم في ما عرف يومها «سايس بيكو» فإن مؤشرات جديدة بدأت تظهر في هذه المنطقة الهامة والحساسة من العالم تفصح عن قلب المعادلة في بدء تطبيق سايكس بيكو الثانية.
وما نلاحظة أن قوى سياسية واجتماعية محددة تم الاعتماد عليها في تطبيق سايكس بيكو الأولى وظهر ذلك جليا في منطقة الشام ( العراق وسوريا ولبنان) حيث جرى التقسيم والاعتماد على أقلية سنية حاكمة في العراق وأقلية علوية حاكمة في سوريا وبرنامج طائفي في لبنان تتسلم الأقلية المسيحية رئاسة الجمهورية .. ونرى تلك اللعبة امتدت إلى شبه الجزيرة العربية ( السعودية واليمن ودول الخليج ) ولست هنا محتاجا للتوضيح والتفصيل فالأقليات هي التي حكمت خلال فترة سايكس بيكو الأولى في المنطقة منذ بعد الحرب العالمية الثانية حتى اليوم.
ونحن اليوم منذ بدء تحريك خرائط المنطقة وهزها سياسيا أولا ثم جغرافيا ثانيا نرى تغييرات في كل من العراق وسوريا ومصر تتحدث عن أقليات حاكمة سقطت وأشكال حكم تغيرت وديمقراطيات كانت ناشئة ومحل إشادة أفلت وانتهت وأصبحت في خبر كان وزعماء كانوا محل إشادة أصبحوا ملاحقين في السجون ومنهم من يعيشون مصيرا مؤلما ومنهم مشردون يتسولون وآخرون قبروا بعد مأساة كصدام حسين ومعمر القذافي.
وأخيرا: فنحن أمام لعبة تطبيق سايس بيكو ثانية جديدة في منطقة قلب العالم الممتدة من القوقاز شمالا حتى البحر العربي جنوبا سيتم فيها تغيير الحكام وتحريك الخرائط فهناك دول ستكبر وأخرى ستصغر وأسر حاكمة ستغرب من وجه التاريخ وربما من وجه الأرض لتبرز أشكال جديدة من الحكم ستعتمد ربما التقسيم الديني بشكل اصينيات طائفية وسلطنات مشائخية وكانتونات مذهبية وستصبح خرائط منطقة قلب العالم فسيفساء متناثرة.

قد يعجبك ايضا