إذا الإيمان ضاع… فلا أمان
حسن أحمد اللوزي

اكدت الدراسات العلمية الاجتماعية و النفسية بان الدين حاجة انسانية جوهرية ماسة.. و ضرورة حياتية بالنسبة للإنسان العاقل.. بعد ان كان الدين يدرس لأمد طويل كظاهرة مجتمعية من الظواهر التي يمكن التخلي عنها!! و بين يدي و انا احاول ان اكتب هذه اليومية كتاب “دين الانسان” بحث في ماهية الدين و منشأ الدافع الديني يقول مؤلفه في المقدمة “هذا كتاب في وصف الظاهرة الدينية عند نوع من الأحياء معروف باسم الانسان العاقل فقد وجدنا أن الدين هو احدى السمات الرئيسية التي ميزت هذا النوع عن غيره من اكسابه للخصائص الإنسانية التي نحن عليها اليوم وقد رافقته منذ ذلك الوقت المبكر كمحرض اساسي و هام في حياة البشرية عبر عصورها ” سنعود لمحتوى الكتاب في كتابة أخرى و لكن ما نريد أن نقف امامه هو الرأي الإيماني الفكري و الشعري الصادق و العميق الذي صرح به الشاعر و المفكر الاسلامي الكبير محمد إقبال رضي الله عنه في نص شعري مبتكر من ثلاث قصائد تم اختيار مقاطع منها لتشكل ما سمي “حديث الروح “من ترجمة الشيخ الصاوي علي شعلان يرحمه الله وغنته كوكب الشرق أم كلثوم يرحمها الله يقول المقطع المستشهد به هنا:-
“إذا الايمان ضاع فلا امان و لا دنيا لمن لم يحي دينا
ومن رضي الحياة بغير دين فقد جعل الفناء لها قرينا
وفي التوحيد للهمم اتحاد ولن تبنوا العلا متفرقينا”
وهي من روائع الشعر العالمي الايماني و الروحي كما ان الاغنية من اروع ما صدحت به كوكب الشرق وإجمالا فإن النص و اللحن و الأداء الغنائي كلها تمثل باقة إبداعية روحية راقية يطول الوقوف معها و لكن بيت القصيد بالنسبة لهذه التناوله هو في هذا المقطع الجامع الذي يكاد يلخص محتوى الكتاب المذكور اعلاه و ان كان المثل الشعبي يقول “الأمان قبل الإيمان” فإيهما صانع الآخر¿! و لقد اجاب شاعرنا إجابة شافية واعية فلا معنى ولا قيمة للحياة بدون الدين.. و لا امان في مجتمع يفقد الايمان.
إن الايمان بالله بالنسبة لشعبنا اليمني حقيقة تاريخية قديمة و اصيله و سمة حياتية بارزة في وجوده الفكري و تفكيره العقلي و يقينه النفسي كسلوك و ممارسة روحية و معنوية و مادية سبق اليه اليمنيون و تمسكوا به ازلا في فطرتهم المجافية للوثنية و المادية.. وفي تفكيرهم المتناغم مع نسيج الحكمة في عقولهم و ضمائرهم و مع نبض المحبة و التسامح في قلوبهم و الرفعة و السمو في وجدانهم العامر بحرارة العاطفة و تفاعل و تطلعات الشخصية السوية التي لم تعكرها الغزوات و لا تبلدها المتغيرات الجامحة و الجائحة ولا الحروب والصراعات على السلطة و مكاسبها و أثقالها و لم تؤثر فيها التحديات المعيشية ولا صلافة وصلابة الظروف الطبيعية ..الخ
ومن الأدلة التي في هذا السياق تلك الصلة القديمة التي كانت لهم بالرسالات السماوية وقبل ذلك اهتداؤهم إلى خالق الوجود وباعث الحياة و توجههم اليه بالدعاء بما عرف بعبادة الرحمن من قبل عهد أبي الانبياء ابراهيم عليه السلام و مرورا بالديانتين اليهودية والنصرانية ومن ثم دخولهم في الدين الاسلامي الحنيف كما بلغ به خاتم الانبياء والمرسلين محمد ابن عبدالله عليه افضل الصلوات و التسليم.. والذي شهد لهم بتلكم السمة العقيدية الراسخة التي اتصف بها اليمنيون سمة الإيمان مقترنة بالحكمة و بالفقه و لكن ما الذي غير الاحوال¿!
هذا سؤال افتراضي صعب و مرفوض و لكن الأوضاع الأمنية المرعبة هي التي جعلتني و الكثير معي نتساءل حول أسباب استشراء الأعمال المنافية للدين و لأخلاق المؤمنين واقتراف الجرائم الارهابية المتواصلة والتي يمارسها البعض دون قلق أو خوف أو رادع من احد او مواجهة من قبل الدولة والمجتمع بما في ذلك الاعتداءات المتكررة على خطوط نقل خدمات الكهرباء و أنابيب النفط و التقطع في الطرقات بصورة صارت تشكك الناظر والمتأمل لهذه الاعمال والتصرفات الإجرامية حول استحقاق هؤلاء للشهادة النبوية الجليلة التي يعتز بها كل يمني في الحديث النبوي الشريف “اتاكم أهل اليمن هم الين قلوبا و أرق افئدة الايمان يمان و الحكمة يمانية” و في رواية ثانية و الفقه يمان.. أين نحن اليوم مع كل تلك الجرائم الارهابية والأعمال العدوانية التي تجافي الايمان وتسىء الى الدين الحنيف و تعادي الشعب و الوطن¿¿وتكاد تعصف بالأمن في بلادنا ومثلت فجوات مرعبة في حياتنا الاإمانية و تعديا على الحرمات الدينية ومقاصد الدين الخمسة المحفوظة عن ظهر قلب من قبل كل إنسان مسلم وهي حفظ الدين و حفظ النفس و حفظ النسل و حفظ العقل و حفظ المال.
اذا فالمسألة هنا واضحة إذ لا شك بأن الايمان قوة حصانة بالنسبة للإنسان من ارتكاب المحرمات و
