الوحشية العربية تزدهر!!
جميل مفرح


يبدو جليا دون شائبة شك أو عثرة تردد أن القوى السياسية والعسكرية سواء المتنفذة أو التي تريد التنفذ في المنطقة وعلى شعوبها المقهورة قد أصابها مس من الجنون في أعلى درجاته وأخطر مستوياته مستندة ليس إلا على العتو والقسوة والاستكبار ومتخذة من الدماء دماء الأبرياء طريقها المعبد وخيار مسكلها إلى تلك الغايات غير البريئة طريقها إلى الاستحواذ والتسلط على أمر شعوب وأمم مقهورة مغلوبة على أمرها كلما حاولت الفكاك برقابها من أكف متسلط ووجهت بمخالب من هو أكثر تسلطا وعتوا وديكتاتورية.
< المثير والباعث إن لم يكن على السخرية والاستخفاف فعلى القهر والحسرة أن تلك القوى القاهرة لا تترك فرصة تفوتها دون أن تثبت جبروتها وعنفها واغتصابيتها سواء برضى أو دون رضى لا تفوت ذلك أو ربما لا تستطيع التحفظ وإخفاء ذلك مهما حاولت أن تتلبس البراءة والوطنية والقومية بل والاخلاق الراقية والتدين المعتدل فسرعان ما تخونها قدراتها وتنكشف الأقنعة عن وجوهها الدميمة البشعة.. إنها أو بالأصح إنهم -أي من يتبنونها ويقودونها- يشبهون الدراكولات القاتلة التي تظهر عليها كل صفات الإنسانية والدعة والمودة بل وأرقى وأسمى تلك الصفات في درجاتها العلا ولكن ما إن يظهر نور الشمس الذي يعني الحقيقة في بهائها سرعان ما تبرز أنيابها ومخالبها وتعطشها المقرف والمتطرف للدماء.
< لا أدري أي فكر ذلك الذي ينتهج الدماء والعنف والقتل طريقا وسبيلا وبرنامجا ثم يقنع نفسه ويحاول إقناع الآخرين بالإيمان به واتباعه والانتصار له ولقضيته التي يصفها بالعادلة!!
ذلك لعمري أخرق ومعتوه وبلغ من الجنون الذرى ولكنه بالرغم من ذلك موجود يتنفس ويزاحم يصرخ وينافس يقتل ويكابر!! نعم موجود في هذا الحيز المصاب باللعنة منذ عقود من الزمن.. إنه الوطن العربي الذي أصبح يضرب به وبكل منتم إليه المثل في العتو والحمق والغباء والإجرام والإرهاب!!
ومن وأي سواء يتحمل كل هذه الصفات التي تؤكد لكل الحضارات التي كنا ننافسها ونقودها أننا قد تعدينا حد الجاذبية الإنسانية والطمأنينة البشرية حتى غدونا وكأننا كائنات غريبة لا تكاد تنتمي إلى عالم البشر الذي يعمر الأرض ويتخذ منها سكنا وأمانا!!
< ويبدو واضحا أننا ممعنون ومستمرون في التطور العكسي نحو فقدان إنسانيتنا وبشريتنا وأنه سيأتي قريبا الزمن الذي يتعامل فيه معنا سوانا من البشر ككائنات برية متوحشة أو كلقى أثرية طبيعية ويؤسس لنا متاحف ومؤسسات خاصة لدراسة تكويننا الغريب جدا باعتبارنا أقرب الكائنات غير العاقلة من تكوين وسلوك البشر وربما يحتج على ذلك كثير ممن يهتم أو سيهتم بنا على اعتبار أن قدر ومستوى الوحشية والغباء والبهائمية التي نتصف بها لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون من صفات كائن عاقل مفضل عن سواه كالإنسان!!
إن العالم الآن وهو يتفرج علينا مندهشا كما تدهشه الفرجة على فيلم هيوليودي ممعن في الخيالية الوحشية ويسائل نفسه ما إذا كان ما يجري هنا في هذا الحيز الملعون الوطن العربي حقيقة يحكيها الواقع أم هي نسج من خيال كاتب بارع في السيناريو والروايات الخيالية!! لا أعتقد أن هناك من يصدق أن بشرا في هذا العصر يفعلون ما يفعله العرب بأنفسهم وببعضهم بسبب وبدون سبب وأن الأرض والحضارات البشرية ما يزال فيها نوع من هذه الكائنات المتوحشة!!
