لقاء سريع مع يحيى العرشي

ناجي عبدالله الحرازي


 - 
قابلت مصادفة قبل أيام الأخ الأستاذ يحيى حسين العرشي وزير شؤون الوحدة في الشطر الشمالي من اليمن والذي تقلد العديد من المناصب الرفيعة قبل وبعد الوحدة وينظر إ

قابلت مصادفة قبل أيام الأخ الأستاذ يحيى حسين العرشي وزير شؤون الوحدة في الشطر الشمالي من اليمن والذي تقلد العديد من المناصب الرفيعة قبل وبعد الوحدة وينظر إليه الكثير من اليمنيين وخاصة من تابعوا مساعي إعادة توحيد شطري اليمن خلال ثمانينيات القرن الماضي كأحد شهود العيان .. شهود عصر ما قبل وما بعد الوحدة .. وأحد مهندسي ما تحقق يوم 22 مايو عام 1990م.
وكم كانت سعادتي وأنا أجده كعادته متحمسا للوحدة اليمنية ولمستقبل البلاد والعباد الذي قال أنه يعتمد اعتمادا كليا على وحدة الإنسان اليمني والأراضي اليمنية .
خلال حديثنا القصير أعرب الأستاذ العرشي عن قلقه ممن يدعون الحق في الحديث نيابة عن أبناء الجنوب وقال أن وحدة اليمن هي ملك لكل اليمنيين .. لأبناء ما كان يسمى بالشطر الجنوبي من الوطن ولأبناء الشمال أيضا.
ولم يخف قناعته بأن هناك بعض المطالب الحقوقية لبعض إخواننا في المحافظات الجنوبية بدأت بمطالب المسرحين أو الذين أحيلوا للتقاعد المبكر ثم تحولت فيما بعد إلى مطالب سياسية ثم تراكمت مع مشاكل أخرى ناتجة عن الفساد وسوء الإدارة وغياب مشروع الدولة ومؤسساتها والدور الرقابي البرلماني وبالتالي غياب التطور الطبيعي لدولة الوحدة .. حتى أن البعض أعتاد تحميل الوحدة مسؤولية المشاكل كما حدث في السابق مع بداية ثورة 26 سبتمبر عندما كانوا يرجعون سبب الجفاف وانقطاع المطر إلى الثورة التي خلصت اليمن من عهد الاستبداد والفقر والجهل والمرض.
سألته: كيف تنظر إلى ما يطرح في مؤتمر الحوار الوطني حول القضية الجنوبية وما يتردد عن إصرار البعض على اعتبار أن وحدة اليمن ليست قدرا محتوما بل هي اختيار بيد أبنائه فأجابني بلا تردد: الوحدة هي المستقبل .. ومن لا يرى ذلك فهو يتنكر لمستقبل اليمنيين ويجتر الماضي البغيض.
الأستاذ العرشي أبدى تفاؤله بأن مؤتمر الحوار يمكنه إخراج البلاد إلى رؤى متفق عليها بأقل ثمن خاصة إذا تزامنت رؤى المشاركين في الحوار مع إجراءات حكيمة فيما يتعلق بالجيش والأمن .. ثم قال : أنا متفائل جدا جدا وليس لنا .. وللأجيال الشابة الواعدة إلا أن تتمسك بالوحدة وتتفائل بمستقبل اليمن.
حديثي مع الأستاذ العرشي سبق الاعتذار الذي قدمته حكومة الوفاق لأبناء المحافظات الجنوبية – وأبناء صعدة وحرف سفيان والمناطق المتضررة الأخرى – ممن كانوا ضحية حروب وصراعات المرحلة السابقة للأحداث التي قادت البلاد للمبادرة الخليجية وما تلاها – واعتبارها ما حدث خلال تلك السنوات والأسباب التي أدت إلى ذلك خطأ أخلاقيا تاريخيا لا يجوز تكراره.
هذا الاعتذار بحد ذاته يعد مقبولا من حيث الشكل والمضمون لكن لابد من التساؤل عن قدرة الحكومة الحالية على توفير ضمانات المرحلة المقبلة وعلى عدم تكرار أخطاء الماضي .. كما لابد من التساؤل عن الخطوات التي قد تتخذ لتحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية وإصدار القوانين الكفيلة بتحقيق كل ذلك.
صحيح أن الحكومة وكما جاء في اعتذارها لم تخف قناعتها بأن مخرجات الحوار الوطني تمثل أهم الضمانات لعدم العودة إلى ماضي الانتهاكات موضوع.
كما لم تخف تطلعها نحو دستور جديد سيتضمن مبادئ وأحكاما ضامنة للمواطنة المتساوية ولاحترام وحماية وصيانة حقوق الإنسان وحرياته ولتوزيع السلطة والثروة والفصل والتوازن بين مختلف سلطات الدولة وتحديد شكل الدولة وتغيير منظومة الحكم إلى نظام حكم جديد.
لكن هل سيتسنى بالفعل للأطراف السياسية والمجتمعية والفعاليات الدينية والثقافية والفكرية التعبير عن هوية جامعة لكل أبناء اليمن ودعم مصالحة وطنية شاملة تعيد للمجتمع لحمته الوطنية وتنشر روح التسامح والقبول بالآخر بحيث يتسنى لليمنيين التصدي لكل ما يهدد وحدتهم الوطنية والسلام الاجتماعي ويتصرفون بروح المسؤولية الوطنية والتسامح والإخاء .. أسئلة واستفسارات عديدة نأمل جميعا أن نجد إجابات شافية لها.

قد يعجبك ايضا