تهيؤات الغلبة
أحمد الشرعبي
> منذ وقت مبكر وعلى فترات متقاربة أسلفنا الحديث عن مخاطر الانزلاق بثورات الربيع العربي إلى وهاد التشظي والانقسام وطالبنا القوى السياسية المتصدرة مسئولية الحكم والقابضة على إرث الجنرال بالاحتراس من نزوات الاستئثار ونهم الاستحواذ أو الوقوع في فخاخ السلطة وبريق أضوائها ونزق التعبير بلسانها ووقفنا بصدق وتجرد ضد الاصوات المتحدة اعتراضا على وصول الدكتور محمد مرسي إلى رئاسة الدولة.
ولم تكن تحذيراتنا تلك ضربا من الوهم ولا رغبة في تثبيط همم القادمين على مقود الأغلبيات الحزبية لحكم بلدان الربيع ولكنا آثرنا استشعار واجبات الحرص على انضاج فرص التحول التاريخي بعد تعذر محاولات التغيير بطرق ناعمة تعتمد وسائل أقل صخبا وكلفة وتبعات تجريب .
تحرك قطار الثورات على غير هدى بمحطته القادمة وانزل معظم الركاب من مقاعدهم لأسباب تتعلق بسوء النية لتشغلها كوادر وخبرات أطراف الصراع ومع بداية المشوار تبين أن أعطابا جسيمة تهدد مكنة القطار واتضح ان قدرته الاستيعابية اقل بكثير من حمولاته وفوق ذلك فقد صممت عرباته بطريقة تعكس خصوصية المزاج العربي إذ وضعت عربة القيادة على الناحية المخصصة لمؤخرة قطارات السير لتشرع الاغلبية المنظمة بتأمين متطلبات السلامة والقاء الحمولات الزائدة على قارعة الطريق وللتخفف من تأنيب الضمير عدت الأقليات السياسية والحزبية في خانة الاشتباه!
وفي الحقيقة لم تكن الاجسام والاجرام الأقليات المستغنى عنها بقسوة غير تطلعات الشعوب للتغيير بالأفضل وتوقها لترميم وإصلاح الاختلالات المتعددة لدى المؤسسات العريقة التي يعد النيل منها انتقاما من الشعوب لا تجسيدا لدوافعها العادلة غداة اطلاق شرارة الثورة …
الاخوان المسلمون على احترامنا تجاربهم النضالية ودأبهم الذي استغرق قرابة ثمانية عقود من الزمن فعلوا هذا و زادوا عليه قدرا لا يستهان به من الحمق في مواجهه اعمال السياسة وطبائعها ..اسلموا مقود قطار الثورة لفكر المفاصلة بين مجتمعي الاسلام والجاهلية وقسطاطي الإيمان والكفر وميزان الجنة والنار وخلطوا بين إرادة الله وتمنيات واهواء البشر ونشروا رايات الخلافة ولم يتذكروا شيئا من عدالة عمرو وسماحة ومرونة عثمان وحنكة علي حين سارعوا إلى احراق شعرة معاوية! مستبدين إرادة الشعب بقرار وتهيؤات الغلبة التنظيمية المنضبطة بالفتيا .
اتعاطف مع الاخوان في ظرفهم الراهن واشعر بالجزع لما تلاقيه قواعدهم المندفعة وسط أجواء لا تستدعي تقديم واجبات التضحية بالنفس قبل موجبات الحفاظ على قدسية الحياة وكياسة الاسلام في تحديد سبل التعاطي مع الاستطاعة بأطوارها الثلاثة تغيير باليد أو اللسان أو القلب.. واحسبهم احوج لرشد المجرب العاقل منهم إلى متعاطف ملسوع!! وقد تمر بهم لحظات امتحان أكثر صعوبة فنقف معهم دون تردد أو مراء.. اما في الظروف الراهنة فما من مكان تنبض في سوحه قلوب العرب غير مصر وهي تخوض امتحان السيادة والارادة والوجود.
قد تكون اخطاء الجماعة في بلدان غير مصر اشد ومغالباتهم أوجع ونكثهم وعود التغيير أزرى لكنهم في عظمى الدول العربية استدرجوا لمعارك لم يتدربوا على فنونها وحين فشل نموذجهم الخاص في القيام بدور البديل الجاهز لمؤسسات الدولةوخبراتها المركومة عندها تحولت السلطة إلى هدف مستقل وغاية لذاتها..
في حيواتنا كوراث لا تحصى ومآس لا تعد فلماذا يكون المثال في مصر اقسى الكوارث وأمر تلك المآسي ¿ هل ذاك لما تمثله مصر من مكانة و موقع ودور استراتيجي في تاريخنا القديم والمعاصر والحديث ¿ ام لأن ما حدث على الساحة المصرية يهدد بتقويض كيان وارث دولة رفدت وجودها اجيال متعاقبة وقدمت في سبيلها قوافل الشهداء¿ وهل يكون عدلا أو منطقا أو دينا وضع زعيم مهما كانت مكانته او جماعة وان كبر وزنها واتسعت شعبيتها معادلا موضوعيا لجمهورية مصر ..¿ وبمنظور الصراع الوجودي في منطقة الشرق الاوسط ماذا يكسب اخوان مصر من البقاء في السلطة ان كان الثمن قوة وجيش مصر ووحدتها الداخلية ودورها الحيوي ¿
المؤلم حقا ان الاخوان عالجوا كل هذه الاسئلة بمحلول الشرعية وعودة الرئيس مرسي وحال تحققت هذه الجزئية ستتوقف العمليات الارهابية في سيناء!! وتبحث المطالب الشعبية¿ ويستوي الزرع على سوقه..! حسنا وماذا لو ان الرجل عاد للرئاسة فعلا فما الذي سيقوم به دون جيش ينصاع له او مؤسسات حكومية مدنية تعمل تحت قيادته..¿!
الاخوان يحملون الفريق السيسي ووزير الداخلية مسؤولية الانقلاب بالنسبة للأول والمواجهات الأمنية للثاني والواقع أن كلي الرجلين اختارهما مرسي وعليه وحده تحمل النتائج مع إيماننا أنه