مفارقة الديمقراطية!!!

سامي عطا


 - عبر مسيرة الفكر السياسي اهتدى المفكرون السياسيون إلى وسائل وأدوات إدارة صراع الناس حول المصالح المتناقضة بالضرورة, حيث بدأ الفكر السياسي إقصائيا في أدواته ويعتمد على وسائل وأدوات تكرس هذا النزوع. بدأت من الإقرار بالقوة والسلطان العضوض, حتى وصلنا إلى آليات الديمقراطية الحديثة, والديمقراطية
عبر مسيرة الفكر السياسي اهتدى المفكرون السياسيون إلى وسائل وأدوات إدارة صراع الناس حول المصالح المتناقضة بالضرورة, حيث بدأ الفكر السياسي إقصائيا في أدواته ويعتمد على وسائل وأدوات تكرس هذا النزوع. بدأت من الإقرار بالقوة والسلطان العضوض, حتى وصلنا إلى آليات الديمقراطية الحديثة, والديمقراطية عملية تتطور باستمرار كلما جابهتها مشكلات, وبالنظر إلى منهجية مجابهة المشكلات التي وضع مداميكها فيلسوف العلم كارل بوبر جابهته مشكلة في العملية الديمقراطية أشار إليها في كتابه ” المجتمع المفتوح وأعداؤه” الذي كتبه خلال الحرب العالمية الثانية على ضوء صعود هتلر للحكم ونشر الكتاب عام 1946م وظل يحدث فيه تغييرات وإضافات على ضوء المشكلات التي تفرزها السياسة.
هذه المشكلة أطلق عليها مفارقة الديمقراطية. فلم تكن الديمقراطية لدى بوبر هي مجرد حكومة تنتخبها الأغلبية من المحكومين, حيث قد تفضي هذه النظرة القاصرة إلى مشكلة أطلق عليها “مفارقة الديمقراطية”.
ويقول فيها هبú أن الديمقراطية هي مجرد تصويت الأغلبية, وعليه إذا افترضنا أن الأغلبية صوتت لصالح حزب , كالحزب النازي أو الشيوعي أو أو, أي حزب لا يؤمن بالنظم الحرة ولا بالديمقراطية أي يتخذها وسيلة للانقضاض عليها, وإذا ما قبض على زمام الأمور أطاح بها¿ حينها سنكون أمام معضلة حقيقية, إذا منعنا هذا الحزب من نيل السلطة نكون قد نبذنا الديمقراطية, وإذا تركناه نكون قد جنينا على الديمقراطية, وفي الحالتين تكون الديمقراطية ـ إذا جعلناها تقتصر على تصويت الأغلبية ـ قد حملت في داخلها جرثومة فنائها ـ وبذلك نكون تبنينا مفهوما انتحاريا للديمقراطية. 
كيف حل بوبر هذه المعضلة, لم يتورط بوبر في هذه المفارقة, حيث رأى أن التمسك بالمؤسسات والأنظمة الحرة ودون أن يقع في التناقض الذاتي, فإنه دعي إلى الدفاع عن هذه المؤسسات الحرة والديمقراطية ضد أي خطر يداهمها ومن أي جهة كانت سواء من جهة أقليات أو من جهة أغلبيات, كيف ¿ يرى بوبر أنه إذا كانت هناك محاولة للإطاحة بالنظم الحرة بالقوة المسلحة أو بالعنف فإنه يتطلب التصدي لها بالقوة المسلحة, لأن هناك مبررا أخلاقيا لاستخدام القوة ضد نظام قائم يفرض بقاءه بالقوة مادام الهدف هو الحفاظ على النظم الحرة, ومادام توفرت لديه فرصة حقيقية للنجاح, ولأن الغاية من عمل كهذا أن يستبدل بحكم القوة حكم العقل والتسامح والقبول بالآخر.
ملحوظة/ الفيلسوف كارل بوبر فيلسوف علم وضع منهجية أطلق عليها منهجية دراسة المشكلات من أجل تطور العلوم وتلافي أخطائها, وتعد رؤيته الفلسفية الأكثر تأثيرا على الفكر الأوروبي على الأقل. ومنهجيته السياسية صارت ثقافة سياسية في الوسط السياسي!! 
• أكاديمي – قسم الفلسفة – كلية الآداب جامعة صنعاء

قد يعجبك ايضا