ربيع الغضب

أحمد مهدي سالم

 - الغضب.. مفردة دخلت قاموس حياتنا بقرع قوي على الأبواب والغضب زهرة سامة من أزاهير الربيع العربي المأزوم.
 في مصر أم الدنيا اشتغل عليها لتسخين الشوارع.. لتبلغ الذروة في ثورة 25 يناير / 2011م الذي صادف يوم غضب على الاحتفال بعيد الشرطة.. البداية لم تكن
أحمد مهدي سالم –
الغضب.. مفردة دخلت قاموس حياتنا بقرع قوي على الأبواب والغضب زهرة سامة من أزاهير الربيع العربي المأزوم.
< في مصر أم الدنيا اشتغل عليها لتسخين الشوارع.. لتبلغ الذروة في ثورة 25 يناير / 2011م الذي صادف يوم غضب على الاحتفال بعيد الشرطة.. البداية لم تكن ضد الانتفاضة رئىس النظام.. إنما في مواجهة جهاز قمعي قاهر ثم تطورت الأحداث إلى ثورة أطاحت بالرئىس محمد حسني مبارك وتوليه المجلس العسكري بضعة أشهر بعدها.. بانتخابات رئاسية جاء د/محمد مرسي رئيسا لمصر.. أول رئيس مدني منتخب.
< عنترة بن شداد العبسي يهدينا إلماعة فكرية وإلماحة حكمية من حياته العاصفة الحافلة بالصراعات وإثبات الذات.. ينبه إلى أن من يريد اعتلاء صهوة المجد والسيادة والمكانة المرموقة عليه أن يبتعد عن الحقد والغضب وأن يكون صدره رحبا كالبحر الفسيح.. في قوله:
لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب
ولا ينال العلا من طبعه الغضب
< الربيع العربي أتى لنا بكم هائل من الهموم.. جاء بتسونامي غضب كاسح.. إلى كل البلاد العربية الغضب.. صار صديقا مألوفا لكل نقاش.. ينتهي بغضب أو بخناقة أو بوعيد.
< الغضب صار ملازما لنا وقيل الغضب ريح تطفئ سراج العقل وقالوا: إذا لم تتمالك نفسك وتتحكم بفورة غضبك ستقول أصدق كلام طالع من قعر الوجدان.
ولكن ستظل نادما عليه طوال عمرك ورب كلمة غاضبة سلبت نعمة هانئة اليوم نحن مع الغضب لكن لا تغضبوا:
< رواية «عناقيد الغضب» للكاتب الأميركي «جون شتاينيك» قرأتها في مبتدأ مراهقتي عن غضب وسخط الفقراء الأميركيين من قهر واستغلال الأغنياء والأسياد وعن الاستعباد والحرية التي نيلت بعد صراع شرس وتضحيات جبارة توجت بوصول «باراك أوباما» إلى رئاسة أقوى دول العالم ولفترتين وكأول مواطن أسود ينال هذا الشرف الرفيع.
< هناك من يغضب عليه مديره دائما أو غالبا إما لتقاعسه في أداء واجبه المهني وإما لتميز وغيرة مديره من عطائه المبدع- فيعود إلى منزله كسيف المزاج.. يخرج شحنات غضبه وقهره من مرفقه.. في زوجته وأولاده على أبسط خطأ وهذا سلوك سلبي مرفوض.
وإذا ما علمت أن هناك مديرا غاضبا وشديد العصبية فاعلم أنه فاشل,.. بامتياز وما بقاؤه.. في منصبه إلا لأنه مسنود من أعلى.
< الغضب الناقم المتفجر حمما بركانية عقب.. صرخات الجوع أو إهدار الكرامة او عقب اغتيالات الزعامات الرموز النشطاء القادة النقابيين.. ينفجر غضب الشارع وأمامي مشهد الاغتيالات في تونس: شكري بلعيد والثاني محمد البراهمي.. حدة الغضب تبلغ ذروتها وغالبا لا يعرف القاتل أو الجهة المنفذة أو الممولة ولا ترى الا تراشقا بالاتهامات وألسنة نار تطال السيارات والمتاجر أو المنازل ويظهر هذا الطرف الثالث الخفي الذي يذكرك بقصص الروائية الشهيرة (أجاثا كريستي) مع فارق أن القاتل الغامض ينكشف في آخر صفحة عند أجاثا. أما المشهد الربيعي.. يبقى القاتل مجهولا لا ينفع معه شرلوك هولمز ولا أرسين لوبين ولا المفتش بوالو.

قد يعجبك ايضا