أطفال دون السادسة يتحدون رمضان رغبة لآبائهم

تحقيق أمل عبده الجندي


تحقيق/ أمل عبده الجندي –

تعويد أطفالنا على الصيام أمر مستحب ولكن عندما نتفاجأ أن الصيام أمر إجباري على هؤلاء الأطفال من قبل بعض الآباء المتسلطين الذين لا تملأ قلوبهم الرحمة لفلذات أكبادهم الذين أصبحوا ضحية رمضان بحجة تعويدهم على الصيام ما جعلني أبحث عما إذا كان هذا الصيام تعويد لهؤلاء الأطفال أم اختصار لوجباتهم .

صيام إجباري
الطفل علي -الذي لم يبلغ السادسة بعد- يقول لا أحب رمضان لأن والدي يجبرني على الصيام فيه وإن جعت فلا أستطيع تناول الطعام كونه يصطحبني معه أنا وأخي أينما ذهب فلا يأتي وقت المغرب إلا ونحن في أشد الجوع والعطش.
أما الطفلة ندى -ذات الخمس سنوات- فتتحدث بذكاء: أصوم رغبة لأمر والدي فأرضي الله بطاعة والدي وأرضي والدي بصيام رمضان لكني عندما أجوع أرضي نفسي بإشباعها كونني عندما لم أجد أحدا بجواري فإنني أتناول أي شيء أمامي لأسد به جوعي وأمي تساعدني على ذلك وعندما يخرج والدي تعطيني بعض الطعام.
أمهات لا حول ولا قوة
ترى والدة علي أن زوجها جبار بمعاملته مع أبنائه وأنه إذا أراد فعل شيء لا أحد يستطيع أن يناقشه ويقف أمامه وإلا اشتد غضبا وضرب الأطفال فهو ينظر إلى الصيام وكأنه وراثة ويقول: ما سلكه أجدادنا وآباؤنا لابد أن يكمله آبناؤنا ولا يجب التهاون في مثل هذه الأمور.
أما والدة ندى فإنها لا تستطيع أن تنظر إلى أبنائها جياعا قائله: عندما يجوعون أقوم بإطعامهم ونتفق معا بأن لا نخبر والدهم حتى لا تقوم قيامتنا وعندما سألتها ماذا لو عرف في يوم من الأيام عما تفعلينه خفية فردت قائلة ساعتها لا حول ولا قوة إلا بالله.
آباء متسلطون
يوضح والد الطفل علي أن تعويد الأطفال على الصيام أمر ضروري حيث يجعلهم يتحدون الجوع والعطش في الأيام المقبلة وأضاف: لقد أصبحنا في زمن صعب وكل شيء أصبح لا يقدر بثمن فإذا تعودوا على الصيام فسوف يتقبلون الأمر ببساطة أما إذا لم يتعودوا ذلك فلن يقدروا على تحمل الصعاب في المستقبل القريب الذي يسوده الغلاء.
ولم يتفوه والد الطفلة ندى بكلام غير أنه قال لا أحد يتدخل بشئوني مع أبنائي رافضا أن يخبرنا بسبب جبروته على فلذات أكباده.
الإكراه في الصيام
تقول الأخصائية الاجتماعية سوزان أحمد: فرض الصيام على الأطفال في هذا العمر يجعلهم يكرهون هذا الشهر لما يتجرعونه من احتكار من قبل آبائهم الذين تمتلئ قلوبهم قسوة لفلذات أكبادهم.
وذكرت أنه يجب تعويد الأطفال تدريجيا كأن يصوم الطفل في اليوم الأول 5-3 ساعات وتزداد عدد الساعات مع التشجيع له بهذا الشيء وقالت أن هذه الفروضات التي يفرضها الآباء على الأبناء لن تجعل الطفل يكمل صيامه بل سيتعود أن يأكل في السر حتى وإن كبر في العمر وسيتخذها عادة في حياته.
وأشارت الداعية ياسمين الوادعي إلى أن الصيام هو أفضل وسيلة لتهذيب النفس وتربيتها ولهذا نجد فيه فرصة لا تعوض لغرس القيم والأخلاق الفاضلة والتعاليم الدينية في نفوس الأطفال ومن أبرز تلك التعاليم الصوم.. كل حسب عمره واستطاعته وقدرته.
وحذرت من أسلوب الإلزام المفرط أو الفرض المغلظ بحيث يشعر الطفل أن ذلك أمرا وعقابا ليس حبا واقتداء بنبينا وتعاليم ديننا لأن القسوة في الإلزام والمعاقبة بالإفراط يولدان في نفسية الطفل شعور الاستنفار والتثقيل فيكون مجابا مطاعا ظاهرا وما أن يولي والداه عنه أو يغيب عن ناظرهما يلجأ لتناول الطعام والإفطار ويشعر أن الصيام أمر يشق عليه القيام به.
و أسلوب الدعوة للصيام مبني على الرحمة والحب والاستدراج في الصيام أي من الفجر حتى الظهيرة مقدما وهكذا ثم إطالة المدة حتى وقت أذان المغرب مع بيان ذلك للطفل وأن هذا من سمات الطفل المهذب ذي الأخلاق الرائعة والقيم الدينية السامية وبيان جزاء الصائمين وفضل الله وجزائه في الدنيا والآخرة ودعاء ونصح مصحوب بالرفق والإحسان والتودد الذي يملأ الطفل الثقة بنفسه وحب الصوم والمحافظة عليه بل التسابق والتنافس بين إخوته في صوم أكثر عدد من الأيام وهكذا.. يصبح باب التشجيع وسيلة مثلى لغرس المعنى الإيماني والوجداني في نفسية الطفل أمد ما عاش وبقي بل بعد انقضاء وانتهاء شهر رمضان تراه يسارع مع أهله لصيام النوافل لأنه فطر وتربى على هذا النهج القويم.

قد يعجبك ايضا