أم أحمد عجوز لا تجد من‮ ‬يعولها‮.. ‬وقلما ما تجد الطعام

عبدالناصر الهلالي


عبدالناصر الهلالي –

‬من الوهلة الأولى تحملت العجوز أم أحمد عبء تربية الطفل اليتيم أحمد حتى هذه اللحظة‮ ‬بعد مرور ثماني‮ ‬سنوات لا تزال العجوز في‮ ‬السبعينات من عمرها تعمل جاهدة على تربية الطفل الذي‮ ‬وجد نفسه في‮ ‬فضاء الحياة وحيدا إلا من العجوز المعدمة التي‮ ‬لم تكن تستطيع‮ ‬توفير وجبة طعام واحدة في‮ ‬اليوم‮.‬
قبل ثماني‮ ‬سنوات جاءت العجوز مع الطفل الرضيع إلى مركز الإخلاء لتحفيظ القرآن الكريم الكائن في‮ ‬الجراف الغربي‮ ‬ومن أجل أن توفر الحليب والقليل من الطعام لها عملت على تنظيف المركز وخدمته مقابل أن تعيش فيه مع الطفل ومنحها المركز نظير ما تقوم به‮ »‬4500‮« ‬ريال شهريا وبالكاد‮ ‬يكفي‮ ‬مبلغ‮ ‬كهذا ثمنا لحليب الطفل‮ ‬كنت أشاهد هذه العجوز صباحا ومساء دون أن تسمع منها شكوى كما نفعل نحن إذا ما تعرضنا لمشكلة ما‮.‬

الحياة بمجملها تبدو أمام العجوز مشكلة لكنها صابرة محتسبة وأحيانا كانت تبدو سعيدة‮.. ‬وهذا أمر طبيعي‮ ‬لمن‮ ‬يسخر حياته لتربية طفل‮ ‬يتيم لم تكن تتحدث مع أحد عن احتياجاتها ولا تسأل أحدا رغم ما تعانيه من جوع لأيام‮. ‬إنها كانت في‮ ‬احتياج كبير للمال‮ ‬يحكم تربيتها لطفل‮ ‬يحتاج الكثير من الحليب والملابس والحفاظات كل هذا كانت توفره بصعوبة ولو أنها بمفردها لاستطاعت العيش بسهولة‮ ‬العجوز تلك بعد أن ترزوجت قبل عشرات السنين سافر زوجها إلى السعودية ولم‮ ‬يعد حتى اللحظة ومنذ ذلك الحين عاشت بمفردها حتى ولد هذا الطفل‮ – ‬الذي‮ ‬يبلغ‮ ‬الآن من العمر ثماني‮ ‬سنوات‮ – ‬فتكفلت بتربيته‮.. ‬الطفل قريب للعجوز من جهة أمه التي‮ ‬ماتت فور الولادة به‮.‬
ظلت العجوز خمس سنوات في‮ ‬مركز الإخلاء وطوال السنوات الخمس كانت سعيدة بما تتقاضاه من فلوس‮ ‬غير أن الأمر اختلف في‮ ‬العام‮ ‬2011م
بعد أن عجز القايموين على المركز عن الاستمرار في‮ ‬فتحه‮. ‬أغلق المركز‮ ‬ووجدت العجوز نفسها خارج إطار السكن‮.. ‬أيام صعبة عاشتها مع الطفل وهي‮ ‬تبحث عن الرخيص من المسكن‮ ‬وما‮ ‬يمكن أن تحصل عليه كي‮ ‬تتمكن من مواصلة تربية الطفل‮.‬
وبعد بحث طويل وجدت‮ ‬غرفة للإيجار قريبا‮ ‬من المركز الذي‮ ‬أغلق‮ ‬وحاولت العمل في‮ ‬بعض المنازل لكي‮ ‬تحصل على إيجار الغرفة‮ ‬وما تقتات منه‮.‬
الآن تسكن العجوز مع الطفل أحمد في‮ ‬مكان آخر‮ ‬يقع بالقرب من مسجد‮ (‬عرهب‮) ‬على خط المطار في‮ ‬غرفة صغيرة‮.. ‬ليس لديها عمل‮ ‬وبالكاد تعيش بما‮ ‬يجود به عليها الخيرون ممن‮ ‬يعرفونها‮ ‬ولاسيما بعض النساء اللاتي‮ ‬كن‮ ‬يتعلمن القرآن في‮ ‬مركز الإخلاء ولا تزال العجوز تواجه الكثير من المتاعب بعد أن كبر الطفل‮ ‬وصار بحاجة إلى التعليم‮ ‬ناهيك عن مستلزمات الحياة الأساسية التي‮ ‬توفرها العجوز بصعوبة‮.‬
العجوز التي‮ ‬كانت تعرف الكثير من النساء معرفة جيدة بحكم سكنها القديم في‮ ‬ذاك المركز‮ ‬لكنها لم تطلب‮ ‬يوما‮ ‬من إحداهن مساعدتها‮ ‬وإن نامت مع الطفل جائعة‮.. ‬عزيزة النفس ولا‮ ‬يعلم معاناتها الحالية سوى الله تعالى‮ ‬وصمتها الدائم‮.‬
الكثير من الجمعيات تبرز ضمن أهدافها فعل الخير‮ ‬لكنها تفتقد إلى أمر كهذا‮ ‬وما‮ ‬يثير الغرابة أن البعض‮ ‬يأتون إلى المساجد‮ ‬ويقفون عقب كل صلاة أمام المصلين طالبين مساعدات جمعيات تعمل في‮ ‬الغالب خارج الوطن وكأن البلد ليس فيه من الفقر والحاجة ما‮ ‬يكفي‮ .. ‬هؤلاء‮ ‬يترزقون من وراء تلك الجمعيات واليتامى والمح

قد يعجبك ايضا