هدئ أعصابك.. لا تنفعل أو تغضب وأنت صائم

د. عبدالإله حسن الإرياني

د. عبدالإله حسن الإرياني –

الصيام صحة للجسم وراحة لمن يتفهم قيمه ومعانيه ويلتزم بها وفيه أيضا تهذيب للأخلاق والسلوك.. يحتم أن يكون تعاملنا مع الآخرين تعاملا طيبا .
ولكن – مع الأسف- يقع بعض الصائمين في الغضب والانفعال يتهيجون لأي شيء ويختلقون المشاكل لأبسط وأتفه الأسباب وكأنهم صائمون دون سائر الناس!!
مشكلة الغضب والانفعالات وأضرارها على الصحة العامة والنفسية يقف على معالمها وآثارها السلبية وبيان الحلول والمعالجات الدكتور/عبد الإله حسن الإرياني- استشاري الأمراض النفسية والعصبية حيث يقول:
هناك من لا يفهم معاني وقيم الصيام يلقي باللائمة – دائما- عليه في التسبب بتأجيج الشعور بالغضب وتوتر الأعصاب وهذا خطأ كبير فالصيام قوامه الانضباط والتوازن النفسي والسلوكي ويحقق الراحة والسكينة للصائمين.
إن تعكر المزاج والغضب العارم الذي نجده يعتري البعض أثناء الصيام قد يكون سببه مرور الصائم بضغوط اجتماعية ولا يمكن اعتباره مبررا للامتعاض والنزق وما إلى ذلك من حالات العصبية الصرفة التي نجدها مشهدا مألوفا- على الواقع في رمضان- تبرز معها المهاترات الكلامية وأشكالا من الأفعال والسلوكيات السيئة التي تتزايد أكثر في فترة العصر لتصل إلى ذروتها مع اقتراب موعد أذان المغرب في مشهد يومي يلتمس البعض العذر الكامل لقبيح أقوالهم وأفعالهم كونهم على عجلة من أمرهم أو يخشون- مع اقتراب المغرب- التأخر عن المنزل أو عن مائدة الإفطار وما أكثر الحوادث المرورية في هذه الأثناء!
وللمعالم الشخصية هنا دورها في نسج الانفعالات وزيادة حدة الغضب التي تعد معلما وسمة لذوي الطباع الحادة وذوي الأعصاب المشدودة وكذا من يتسمون في كثير من الأحوال بالاندفاع والتسرع.
قد تناسى الكثيرون التأثيرات الخطيرة للغضب والانفعال على الصحة وما علموا أن ضررهما أشد أثناء الصيام فحدوثه في مرحلة ما بعد الهضم وامتصاص الغذاء يتسبب بتحلل ما تبقى من مخزون (الجلوكوجين)في الكبد وتحلل البروتين في الجسم إلى أحماض أمينية وأكسدة المزيد من الأحماض الدهنية مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى سكر(الجلكوز) لتأمين عملية الاحتراق من أجل مد الجسم بالطاقة المطلوبة وباستهلاك الجسم للمزيد من (الجلوكوز) تهبط نسبته هدرا.
وبالتالي يفقد الجسم قدرا كبيرا من طاقته الحيوية الهامة مما يضطر إلى تأمين الطاقة من الأحماض الدهنية بالجسم وأكسدة المزيد منها وعن هذا تتولد أجسام (كيتونية) بالدم كثيرة الضرر.
كما يزداد إفراز(إنزيم الإدرنالين) بالدم مع تصاعد موجة الغضب ووصوله إلى الذروة- كحال الـتشاجر الشديد والتأهب للاشتباك مع الخصم وهذا بدوره يؤدي إلى تضيق الأوعية التاجية وزيادة تدفق الدم الوارد إلى القلب ورفع ضغط الدم الشرياني وزيادة عدد دقات القلب.
أما العامل النفسي فهناك العديد من الأوضاع والأمراض النفسية التي تفرز وتصعد ثائرة الغضب مثل (الاكتئاب – الهوس- القلق- الفصام- الوسواس) وهي أنماط من الأمراض النفسية أسبابها خليط يجمع بين الاستعداد الوراثي والأسباب البيئية والاجتماعية ولكن لكل على حدة علاجه الخاص.
غير أن الاضطرابات النفسية الناتجة عن مشاكل الحياة ومن أبرزها القلق تعد من الحالات العارضة التي يمكن تجاوزها بشكل أسهل فهي عابرة تحدث لأغلب الناس – إن لم نقل جميعهم- ويمكن التغلب عليها بعزم قوي وإرادة لا تتزعزع بالصبر والبعد عن النظرة السوداوية والتوتر المنفلت اللاعقلاني.
ومن يجد صعوبة في ذلك فعليه بالمراس والاستفادة من أجواء التحكم التي يرسيها الصيام في النفس والوجدان واستشعار معانيه الحقيقية ومثله العظيمة التي تبعث على النفس الصفاء والطمأنينة المبددة للقلق والاكتئاب والتوتر.
كم هو مبارك وعظيم شهر رمضان مع أن الطعام والشراب فيه وفير وباستطاعة الصائم أكل وشرب وتعاطي كافة ألوان المفطرات – إذا ضعف إيمانه وإرادته وانهار تحكمه- لكنه يمتنع عن كل المغريات بثبات قوي مهما اشتد جوعه وبلغ به من العطش مخافة الخالق سبحانه وتعالى لأنه يعلم أنه يراه يطلع عليه ولا تخفى عليه خافية ولهذا يحكم السيطرة على رغبته بالملذات بالامتناع عنها وعن سائر المفطرات.
بيد أن ما يحدث من غضب وانفعال أثناء الصيام يأتي -عادة- نتيجة سهر البعض حتى ساعات متأخرة من الليل أو حتى الصباح أو نتيجة المشاكل ويحدث – كذلك- جراء نقص مادة (النيكوتين) عند المدمنين على التدخين. كما يعزى لهذا الإدمان السبب في تحول الاضطراب النفسي المؤقت إلى مرض مزمن والشيء ذاته بالنسبة للمدمنين على العقاقير المهدئة ظنا منهم بأنها ستريح أعصابهم وستحسن أمزجتهم.
كما لا يحقق الاندفاع إلى العصبية وتأجيج الغضب أثناء الصيام أجر صيام اللسان والجوارح فمعهما لا يتمكن الصائم عادة- من حفظ لسانه ومنعه من التلفظ بالشتائم والمنكر

قد يعجبك ايضا