الحلقة الثالثة والعشرون
دكتور ياسين عبدالعليم القباطي
دكتور ياسين عبدالعليم القباطي –
قصة واقعية لمصاب بمرض الجذام تغلب على المرض وانتصر عليه وما زال يعمل في برنامج مكافحة الجذام هو الحاج أحمد عزيز أبو حسن من بيت أبوحسن عزلة الكينعية آنس
الطائف مدينة الجمال
لم يستطع المراوعة في آنس معرفة مرضي ولم تجد أعشابهم ولا تمائمهم نفعا في علاج جروحي.
السادة أطباء الأعشاب العلاج بالقرآن أطباء الصليب الأحمر بنجران كل شيء جربته ومرضي مازال مجهولا وإشاعة مرض الجذام تلاحقني وتطرد النوم من عيوني تحيل حياتي إلى جحيم وعذاب أخيرا وصلت إلى مدينة الجو البديع وجمال الطبيعة جبالها ومناخها هي امتداد لتلك الجبال الشوامخ الممتدة من الجوف وصعدة وجيزان وعسير ها أنا أخيرا في الطائف مدينة الجمال 2000 متر فوق سطح البحر جعلتها العاصمة الصيفية لحكومة الأمير فيصل الذي مازال أميرا من بداية القرن العشرين وهو اليوم رئيس الوزراء وقريبا سيصير ملكا للسعودية. سأذهب اليوم إلى مستشفى الأمير فيصل الذي بناه الملك عبدالعزيز ووضع الأمير فيصل حجر أساسه في عام 1934 قرب ساحة عبدالله بن العباس ثم افتتحه عام 1937 ومنذ ذلك اليوم سمي باسمه ويقدم الخدمات الطبية المجانية للمحتاجين قطعت الساحة مستندا على كتف أخي عبدالولي وبجانبنا عمي ناصر وصديقا له من أهلنا مقيم بالطائف مررنا بدكاكين كثيرة تبيع السمن البلدي والنباتي والعسل كما مررنا بمقبرة العباس التي دفن فيها عبدالله بن العباس رضي الله عنه الذي هجر مكة بعد غزوها من الحجاج بن يوسف الثقفي بعد أن قذف الكعبة المشرفة بالمنجنيق وصلب الصحابي الجليل عبدالله بن الزبير ولم ينزله من خشبة الصلب إلا حين هتفت والدته الصحابية الجليلة أسماء بنت أبي بكر ” أما آن لهذا الفارس أن يترجل” عاش عبدالله بن العباس ومات في الطائف وبنى فيها مسجده الذي نمر بجانبه اليوم منذ الف و300 سنة وها نحن نقترب من مستشفى الأمير فيصل وهو أكبر مبنى في الطائف رغم الإزدحام الكبير على العيادات الخارجية كان النظام رئعا ومقابلة الأطباء سهلا غير أنني لم أشاهد أطباء سعوديين ولا أمريكان كما وعدني عمي ناصر كلهم من الهند وباكستان وحتى الممرضات من شرق آسيا استمريت يومين أتردد على المستشفى لعمل الكشف الطبي والفحوصات بينما ذهب عمي ناصر لمقابلة سيف الإسلام الأمير محمد بن الحسين بن حميد الدين الذي كان يقيم في فندق العزيزية وهو الفندق الفخم الوحيد في الطائف.
طلب عمي من سيف الإسلام تسليح المجاهدين الأربعين من آنس ومدهم بالمال لاسترداد عرش بيت حميد الدين فنجح عمي ناصر في الحصول على وظيفة أمين مخازن القوات الملكية بالجوف وغادرنا عمي إلى الجوف بعد أن أدى العمرة وبقيت أنا وأخي عبدالولي في الطائف كنت أذهب إلى المستشفى الذي لم يعد إسمه مستشفى الأمير فيصل وإنما مستشفى الملك فيصل.
مازلت أتردد على مستشفى الملك فيصل أعرض نفسي على الأطباء يعطونني أدوية حبوب وحقن وسوائل في قوارير كبيرة أشرب كل يوم قارورتين ويبدو أن الأدوية لم تكن ذات علاقة بالمرض الذي لم يتحسن فقد كان الأطباء يجهلون تشخيص مرضي برغم علاماته الظاهرة.
مكثت في الطائف لمدة سنة ونصف وأنا أتردد على المستشفى دون تحسن بل تطور المرض وبدأ الرعاف يسيل من أنفي كلما مسستها لإزالة انسدادها وإخراج المخاط الناشف منها جفاف في أنفي وفي كل البقع الباهتة في جلدي سببه مرضي المجهول الرعاف يفاجئني في أي مكان وأمام الناس فيحرجني غير أن الناس كانوا لا يعرفون طبيعة مرضي فلا ينفرون مني كان للطعام الجيد والراحة التي كانت عمتي خيرية البنا توفرها لي بعيدا عن رعي الغنم والبقرة وشقاء تسلق الجبال في قرية أبو حسن في آنس أثرا كبيرا وتحسنا مستمرا في نمو جسمي وبدأت علامات الشباب تظهر وعمتي خيرية هي امرأة فاضلة من قبيلة ثقيف في الطائف دلني على العمل لديها أحد اليمنين الذين يعملون ورادين للمياه في بيوت الطائف كانت وحيدة تحتاج لمن يساعدها في شراء حاجياتها من السوق فعملت عندها وكانت ترعاني مثل الأم وعوضتني عن حنان وعطف عمتي سابرة وخالتي فائقة وعشت في بيتها أخدمها وتخدمني وتعطيني خمسين ريالا نهاية كل شهر لم أعد أشعر بالمرض لولا نزيف أنفي وفقدان الإحساس في البقع الباهتة عديمة الشعر والعرق وخلال هذه الفترة توفق أخي عبدالولي بعمل مجز وكان يرعاني ويوفر كل طلباتي من علاج وكساء وغذاء وكنا نرسل لأخوتي في أنس مصاريف من السعودية عبر تحويل شيك من مكتب شولق أول صراف يمني يعمل بتحويل الأموال بين السعودية واليمن وتصل الحوالة عن طريق البريد بعد أكثر من شهر إلى وكيل لنا في ذمار وكان س