رمضان شهر القرآن‮ ‬

د. صلاح السيد محمد محمد

د. صلاح السيد محمد محمد –
الحمدلله القريب المجيب الذي جعل ليالي وأيام شهر رمضان ميقاتا للتقريب وسببا للتصفية والتهذيب واختصه بليلة القدر فالسائل فيها لا يخيب ثم الصلاة والسلام على النبي الحبيب وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد:
فلقد فضل الله تعالى شهر رمضان على غيره من الشهور وميزه على غيره من الأزمان بكثير من الميزات والفضائل. ومن أهمها أنه الشهر الذي اختار الله تعالى لنزول القرآن الكريم فيه قال تعالى «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان» سورة البقرة آية «185» وقال سبحانه أيضا «إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر» سورة القدر الآيات «1-3».
والمقصود بإنزال القرآن الكريم في شهر رمضان وبالذات في ليلة القدر أي كان فيه ابتداء القرآن الكريم استمر نزوله على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مدة قرابة ثلاثة وعشرين سنة.
وشهر رمضان كما أنزل فيه القرآن الكريم فقد أنزلت فيه الكتب الإلهية من عند الله تعالى فعن وائلة بن الأسقع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال «أنزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان وأنزل القرآن لأربعة وعشرين من رمضان».
إذن فشهر رمضان هو زمن لنزول هوايات السماء لأهل الأرض جميعا في كل زمان ومكان وأي زمان أكرم على الإنسانية من شهر كريم نزل فيه القرآن الكريم هبة السماء إلى الأرض وهداية الخلق إلى الحق ومشكاة تضيء للناس طريقة العظمة والخلود لمن تمسك به وصار على هديه.
ومن هنا نعلم أن شهر رمضان هو شهر القرآن بما له من صلة قدسية ففيه نزلت أشعة النور على العالم الضارب في الظلام الحالك الغارق في بحار الجهالة والأوهام قال تعالى: «آلر. كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد» «سورة إبراهيم آية «1»» وهو ميلاد الرسالة المحمدية والأمة الإسلامية التي تستمد قوتها وعزتها من تمسكها بهذا الكتاب الرباني الذي ضمنه الله تعالى كل ما يحتاج إليه البشر في الدنيا والآخرة قال تعالى « ما فرطنا في الكتاب من شيء» سورة الأنعام آية «38».
ولذلك يجب على الأمة وخصوصا ونحن في شهر رمضان أن تعود إلى كتاب الله تعالى تلاوة وتطبيقا وتخلقا وتأدبا بآداب القرآن والتماسا للهدى من القرآن الكريم لأن الله أنزله «هدى للناس».
والرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان يدارس القرآن الكريم في شهر رمضان مع سيدنا جبريل في كل عام مرة فلما كان العام الذي قبض فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم عارضه بالقرآن مرتين ليعلم الأمة ضرورة مدارسة القرآن وتلاوته في شهر رمضان.
وكان السلف الصالح رضوان الله عليهم يلتفون حول القرآن في رمضان بل كان العلماء يتركون مدارسة العلم وينقطعون لتلاوة القرآن الكريم فقط في رمضان.
فأحرى بنا نحن أن نترل اللهو واللعب والأشياء التي تلهي الناس عن ذكر الله تعالى في رمضان وتلتف حول كتاب الله تعالى نتلوه آناء الليل وأطراف النهار لأنه إن شاء الله سيشفع لنا عند الله تعالى فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم «الصيام والقرآن ليشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام أي ربي منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه ويقول القرآن أي ربي منعته النوم بالليل فشفعني فيه».
إذن نحن نعيش في رمضان في صحبة شفيعين ليشفعا لنا عند الله تعالى يوم القيام الصيام والقرآن في رمضان فعلينا أن نحسن صحبتهما ونتأدب بآدابهما ونراعي حدودهما حتى ننال شفاعتهما يوم القيامة وحتى يكون من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

عضو بعثة الأزهر الشريف باليمن

قد يعجبك ايضا