حداثة منزوعة المضمون..
محمد المساح
محمد المساح –
المعادل الحسي والمرئي بالعين المجردة للواقع العربي بكل ما يعج به من مشاهد سوريالية هو امرأة تغطي رأسها وترتدي بنطالا ضيقا يوشك أن يتفصد عند الزوايا الحادة وتعرف ست كلمات فقط من اللغة الانجليزية وكلمتين من الفرنسية أما عربيتها معادلات التي ترطن بها فإن فاعلها منصوب ومجرورها مرفوع وهي باختصار تجسيد لثقافة ملفقة من خلال كولاج «تجمع».. بدائي وأحيانا تضطر إلى البحث عن معالات موضوعية وحسية لمفاهيم مجردة خصوصا عندما يتعلق الأمر بالثقافة والتشكل الاجتماعي في بلدان فقدت المشيتين معا كما حدث للغرب عندما أراد أن يقلد البلبل وإذا كان من يعيش داخل برج «أيفل» لا يراه كما قال «بارت» فإن من تستغرقهم تفاصيل حياة يومية رتيبة وينتفون ريش بعضهم كالديكة على المزابل لا يدركون الكارثة التي تستدرجهم إلى هاوية محتمة.. فالحداثة المنزوعة المضمون والشكلانية هي تلك المرأة الدمية التي ترطن بالعربية في باريس ولندن وتلثغ بالفرنسية والانجليزية في بيروت والقاهرة وسائر الشقيقات من العواصم التي تناولت لقب العاصمة الثقافية. فأنفقت ما أنفقت على تجميل أزقتها وأطلالها لكنها سرعان ماعادت حافية القدمين وبلا خفيú حنين إلى كهوفها حيث الزمن يتخثر والتاريخ يصبح مراوحة بندولية بين الماضي الذي لم يحضر والحاضر الذي لم يحضر وأخيرا المستقبل الذي لا يقúبل..
ما قيل آنفا.. مقتطع من المقالة الأسبوعية لخيري منصور.. «شاهد نفي» في القدس العربي 20 يناير 2008م ويشير فيه إلى واقع الحدانة العربية المنزوعة من المضمون مؤكدا: أن الأنسجة الحية من واقعنا العربي والتي لم يصلها التلف محاصرة.. سواء كانت من رجال لم يخلعوا ضمائرهم أو من نساء يجعن ولا يأكلن باثدائهن فلكل أصيل بديل في هذه الكوميديا الرملية وقد يعاني البديل في التشبه حتى يطفو على السطح لأن حفنة تتيح له ذلك وانعدام الجذور لديه يحرره من أي صلة بالتراب!