علبة محكمة الإغلاق

محمد غبسي


 - في الغرب ينشغل المصورون في ملاحقة الفنانين من نجوم هوليود في المدارس الشوارع والمطاعم والمقاهي والكنائس ومواقع التمثيل وأماكن الإجازة وعلى سلالم الطائرات وقاعات المحاكم ولا يمكن للفنان أن يجد مكانا يخفيه عن عدسات كاميراتهم
محمد غبسي –

في الغرب ينشغل المصورون في ملاحقة الفنانين من نجوم هوليود في المدارس الشوارع والمطاعم والمقاهي والكنائس ومواقع التمثيل وأماكن الإجازة وعلى سلالم الطائرات وقاعات المحاكم ولا يمكن للفنان أن يجد مكانا يخفيه عن عدسات كاميراتهم التي تبحث في منافسة كبيرة عن صورة تحتل أغلفة المجلات وتسيطر على الصفحات الاولى في الصحف وكذا الفضائيات والمواقع الإلكترونية .
وكذلك يهتم الصحفيون بنفس النجوم ويلهثون بعدهم ويقتفون آثارهم في كل مكان تلبية لرغبة الصحف والمجلات والفضائيات الغربية في ترفيه المجتمع وشغل الرأي العام بالفن ونجومه في الرقص والغناء والمسرح والافلام والمسلسلات في مهمة انسانية سامية لتثقيف الناس والنأي بهم وبأطفالهم بعيداعن السياسة التي تدمر كل ما وجدت في طريقها من أحلام وعقول وطاقات .
والعكس تماما يحدث في الدول العربية حيث يكرس الإعلام ومؤسساته لمتابعة الأخبار السياسية وأساطيتها هنا وجدت الشعوب نفسها متورطة بالسياسة ومنشغلة بأخبار الساسة وتدور حياتهم حول نشرة أخبار سياسية من الألف الى الياء كل شرائح المجتمع تتعاطى وتتفاعل مع هذه الثقافة التي تقوم على ربع قدم هي السياسة ثقافة لا ندري كيف وقعنا في شبكتها ولا نعرف من ألقاها في واقعنا¿
فها هي أسماء كثيرة تشغل الرأي العام في مجتمعنا اليمني …منها الجديد والمبتدئ ومنها ما هو في منتصف طريقه ومنها من أفل نجمه لكنها تظل أسماء سياسية جديدها وقديمها ..ولا شك بأن البيئة الثقافية الدينية تلعب دورا رئيسيا في حصر النشاط الحياتي عموما في الجانب السياسي فقط كما تلعب العادات والتقاليد الاجتماعية القبلية دورا مهما في إغلاق المجالات الثقافية الأخرى كالعلم والفن والرياضة والصناعة وغيرها من دروب الحياة ومعانيها .
اصبحنا وأصبحت مجتمعاتنا العربية في علبة سياسية محكمة الإغلاق ندور حول أنفسنا في طريق يعود بنا الى الوراء كلما تقدمنا بالسن نعيش بطريقة سلبية لا سبيل فيها للنجاح إلا في السياسة ولا يمكن الإبداع فيها إلا سياسيا ولا يجوز الغناء فيها والهتاف إلا للساسة !
بيئة لا تشير أصابعها الى المستقبل ولا تخطر في بالها الأسئلة الوجودية ولا تحاول حتى الخروج من علبة الجهل والتخلف ولا تفهم معنى اللحاق بالعصر ولا تؤمن بأن المريخ أصبح قريبا جدا للمواطن الغربي الذي يعتزم العيش فيه من الآن وصاعدا !
شعوب لا تملك أكثر من قولها : نعم
لا تعرف من الحقيقة سوى الألم
تسير بها السياسة الى العدم !

قد يعجبك ايضا