وحتى تضحك أنت أيضا !

خالد الرويشان


 - لا أحب الحوار الذي يشبه صراع الديكة أو حلبات الملاكمة لأن الحياة أجمل من أن تكون مجرد مناقرة أو مناكزة وبالطبع فإنها أرقى من أن تنتهي بالضربة القاضية.. ولو بالكلام ! وفي الفكر فإنه لا توجد ضربة قاضية لأن التاريخ الإنساني متراكم متداخل والأرجح أن الفائز فيه يفوز بالنقاط !
خالد الرويشان –

لا أحب الحوار الذي يشبه صراع الديكة أو حلبات الملاكمة لأن الحياة أجمل من أن تكون مجرد مناقرة أو مناكزة وبالطبع فإنها أرقى من أن تنتهي بالضربة القاضية.. ولو بالكلام ! وفي الفكر فإنه لا توجد ضربة قاضية لأن التاريخ الإنساني متراكم متداخل والأرجح أن الفائز فيه يفوز بالنقاط !
لكنني ضحكت طويلا من نفسي هذا الأسبوع وقد وجدتني فجأة في مواجهة حوارية من تلك المواجهات التي لا تدع لك مجالا إلا أن تقول الحقيقة مجردة فاقعة وبلا اية رتوش أو ديبلوماسية.. وهذا ما حدث للأسف !
قال لي غاضبا .. نريد فك الإرتباط ! لماذا اليوم فقط وبعد عشرين سنة نرى في التلفزيون علي سالم مع علي عبدالله وهما يرفعان علم الوحدة .. كيف تريدون للوحدة أن تستمر بينما أحد قطبيها ما يزال مشردا !
قلت له .. لماذا لا ترى الصورة كاملة .. إن الكل وخلال خمسين سنة إما مقتول أو مشرد ! صحيح أن علي عبدالله شرد علي سالم.. لكن علي سالم كان قد شرد علي ناصر من قبل ! وعلي ناصر نفسه متهم بقتل سالمين وسالمين متهم بقتل الغشمي والغشمي متهم بقتل الحمدي.. وحتى علي عبدالله صالح .. أين هو الآن ¿.. ربما تشرد بعد فترة ! وهذه هي الدنيا وتقلباتها ! وما فيش حدú أحسن من حدú ! وقبúل الجميع كان السلال مشردا وقحطان مقتولا !.. لماذا الغضب إذن ! الزعماء يذهبون وتبقى الشعوب والأوطان.. فلا تأسف على أحد .. أنت كمواطن أهم منهم جميعا ! لأنك أساس شرعيتهم وليسوا اساس شرعيتك !
قاطعني وهو يبحلق بعينيه متسائلا .. وحرب 94واجتياح الجنوب !
قلت له .. اللعنة على تلك الحرب وعلى منú أشعلها واللعنة على كل طلقة أو صاروخ في تلك الكارثة .. لكنني أحب أن أذكرك بأنها لم تكن إلا حلقة من حلقات الصراع وجولة من جولات الأنانية القاتلة.. وقبúلها كانت حروب ودماء بين الطرفين وفي داخل كل طرف على حöده ! لا يوجد طرف سياسي في اليمن لم يخضú حربا أو يشترك في حرب خلال الخمسين سنة الماضية!
كانت هناك الحرب الملكية ضد الجمهورية وقد دامت ست سنوات في الشمال ! وكانت هناك الحرب بين الجبهة القومية وجبهة التحرير في الجنوب إثúر الاستقلال وبعدها حروب الشطرين وحروب المناطق الوسطى وماهو أسوأ من الحرب في يناير 86 في عدن ! ثم كانت جريمة حرب 94 ولتنفجر بعدها بعشر سنوات الحرب المجنونة في صعدة في 2004 ! وسرúد كل هذه الحروب لا يبرر حرب 94 لكنه يذكر بجذور القضايا وبذور شرها .. ويلفت نظر الشباب البريء المتحمس لأن يقرأ التاريخ والأحداث والأشخاص والجغرافيا وليكتشف أننا ما نزال تاريخيا في القرن التاسع عشر في أحسن أحوالنا ! فطبائع صراعاتنا وأسباب حروبنا وطرائق تفكيرنا لا تمت بصلة للعصر الذي فتحúنا أعيننا عليه قبل نصف قرن !
قاطعني قائلا .. تحدثني وكأني لا أعرف العالم !.. المانيا توحدت باتفاق الدولتين .. بينما فرضتú حرب 94 الوحدة بالقوة بين اليمنيين !
أجبته بهدوء .. بöسúمارك هو من وحد المانيا في القرن التاسع عشر وبالحرب ! هل سمöعúت به ¿! ولينكولن الأمريكي هو موحد أمريكا في القرن التاسع عشر أيضا وبالحرب ! هل شاهدúت الفيلم الذي أنتجته هوليود عنه مؤخرا !.. ومعظم دول العالم التي تراها الآن وكما هي تم توحيدها ذات يوم بالحرب وبالحرب فقط ! ولم يكن من منقذ لهذه الشعوب بعد تلك الحروب إلا المواطنة المتساوية والاحتكام للقانون .. والفارق بيننا وبينهم أنهم حاربوا من أجل مبادئهم .. أما اليمنيون فمن أجل كراسيهم!
وفجأة وقف محاوري على قدميه قائلا .. هل هذا السرد تبرير لحرب 94 ¿
أجبته .. حاشا لله .. أنت أخي ونور عيني.. ليذهب الزعماء وحروبهم إلى الجحيم ! أنا فقط أحاول أن أشرح موقعنا في العالم وفي الزمن ! أحاول أن أذكر فقط بأن الحروب والصراعات كانت دوما موجودة ولم يكن ذلك في اليمن وحسب بل وفي كل الدول والشعوب ! ولو أن كل حرب أعقبها فك ارتباط لما أصبح العالم كما هو عليه الآن ! ولما بقöيتú دولة أو شعب !
قال لي وقد رق قليلا وتهلل وجهه ومد يده مصافحا .. هل تعرف أن أبي من إبوأنا من الضالع ! أما أمي فإنها من تعز !.. نظرت إليه وأنفجرت ضاحكا !

قد يعجبك ايضا