أنجزت الساحة ما وعدت
< عبد الناصر الهلالي

< عبد الناصر الهلالي -
لم تكن ساحة التغيير وساحات الحرية في المدن اليمنية مجرد خيام نصبت للسكن وتأبيد بقائها أو لممارسة هواية ما الساحات في المجمل كانت النواة الأولى لإشعال ثورة وأساس لإنجاز ما عجز السياسيون عن تحقيقه خلال عقدين من الزمن وهذا لا يعني بأية حال أن رفع الخيام وتعليق الاعتصام هو إنهاء للثورة التي وضعت من الوهلة الأولى أهداف وكان لازما عليها تحقيق ما وعدت به حتى اللحظة الثورة الشبابية الشعبية السلمية حققت الكثير وكل ما عجزت عن تحقيقه الوحدة اليمنية والانتخابات الهزيلة حتى العام 2006م حققته الثورة..سيقول البعض .. ما الذي تحقق¿ حسنا .. أسقطت النظام وهيكلت الجيش وأنهت آخر فصول العائلة الحاكمة وآخر فصول الجيش العائلي ودكت آخر حصون الظلم وفي النهاية فتحت نافذة للنور وأمل لأجيال الأمة.
استطاعت الثورة من ساحات الحرية تشكيل مجتمعا مدنيا ناضجا قادرا على النهوض وقادرا على الخروج مرة بعد أخرى إذا التفت السلطات القادمة على مكاسب الثورة الشبابية .. صحيح أن هناك الكثير يتطلب من الثورة إنجازها بقدر تضحيات الشباب اليمني الذين أروت دماؤهم الساحات وأشعلت فتيلها حتى الآن لكن هذا لا يبرر بقاءها بعد أن تحولت إلى مجرد خيام مهلهلة مهجورة إلا من القليل من الثوار الذين آثروا البقاء ومن يظن أن بقاء الخيام مرهون ببقاء وهج الثورة مشتعلا فهو مخطئ لا.. الثورة ستظل باقية واليمنيون بانتظار ما سيسفر عنه مؤتمر الحوار..أحد ثمار الثورة هناك اليمن تتشكل من جديد هناك توضع اللبنات الأولى للدولة هناك يخط اليمنيين البداية الحقيقة لدولة مدنية لطالما حلمنا بها ويجب على الجميع إفساح المجال لهذه الفرصة أن تشكل ما حلمنا به وما ارتضاه الجميع ساعة توقيع المبادرة الخليجية.
وعلى الجميع أن يدرك أن الساحة لا تصنع الثورات بقدر ما تصنع الثورة الساحات متى ما تتطلب منها ذلك وتجني ثمار السلمية التي خطتها كنهج للخلاص وبداية لحياة جديدة وتأسيس دولة قائمة على قاعدة سليمة .. قاعدة التداول السلمي للسلطة وحرية التعبير وحق الناس في العيش الكريم.
وهذا لا يعني حرمان أي مكون سياسي من حقه في التعبير بالطرق السلمية فقط على هذا المكون أن يدرك أن الثورة لم تكن لمكون دون غيره.. الثورة كانت لجميع اليمنيين دون استثناء ..حتى أولئك النفر الذين ناصبوا الثورة العداء وواجهوها بأعتى أنواع الأسلحة وهجوها بأقذع العبارات كل هؤلاء ستنصفهم الثورة لأنها قامت من أجلهم أيضا..حينها لم يكونوا مدركين لهذا الأمر لكنهم حتما سيدركون هذا جيدا في قادم الأيام سيدركون أن الثورة كانت للجميع وأن التغيير ضرورة فرضه الجور وفرضه الإمعان في الطغيان والاستبداد.
الشكر هنا لحي الجامعة الذي خرج الناس للثورة من أجله أيضا.. هم وحدهم تحملوا العناء وصبروا كما صبر كل اليمنيين من أجل هذه اللحظة الفارقة في تاريخ يمننا الحديث.
