ميثاق شرف المتحاورين حول الأسس والمبادئ الفكرية العامة للحوار

د. طه أحمد الفسيل

 - منذ أن خلق الله عز وجل الإنسـان وأوجده على ظهر البسيطة والاختلاف بين البشر قائم باعتباره ظاهرة طبيعية فطرية وذلك لاختلاف مراتب الناس وعقولهم واختلاف مصالحهم بل وأحيانا تناقضها ولتنوع مشاربهم الفكرية والسياسية والاجتماعية.
د. طه أحمد الفسيل –
منذ أن خلق الله عز وجل الإنسـان وأوجده على ظهر البسيطة والاختلاف بين البشر قائم باعتباره ظاهرة طبيعية فطرية وذلك لاختلاف مراتب الناس وعقولهم واختلاف مصالحهم بل وأحيانا تناقضها ولتنوع مشاربهم الفكرية والسياسية والاجتماعية.
ويشكل الاختلاف والخلاف داخل المجتمع الواحد أحد النتائج المباشرة لغياب الحوار البنـاء والفعـال والمنضبط بالأسس والمبادئ العامة الفكرية وأيضا الإدارية التنظيمية والفنية والسياسية وفي الوقت نفسه من أبرز الأسـباب والعوامل التي تدفع المختلفين نحو القبول بالحوار من أجل تضييق شـقة الخلاف بينهم والحـد من التعصب المفضي إلى التفرقة والفتن. ولذلك فإن الاختلاف والخلاف يمثـلان الحالة التي تسـبق عادة عملية الحوار وتؤدي إليه ويستمر الاختلاف أيضا أثناء الحوار إذ لو لم يكن الاختلاف قائما في الرؤى والأفكار والاستراتيجيات والسياسات لما وجـد الحوار أصلا بين المتحاورين.
وفي اليمن ساهمت الحوارات الوطنية السابقة في تجنيب البلاد شعبا وأرضا العديد من المخاطر والتهديدات المحلية والإقليمية التي واجهت البلاد ليصبح الحوار سمة هامة من السمات الرئيسية التي ميزت اليمنيين خلال الثلاثة العقود الماضية بدءا بلجنة الحوار الوطني الأولى في مطلع عقد الثمانينيات من القرن الماضي مرورا بالوحدة اليمنية التي تمت من خلال الحوار بين نظامي الحكم في شطري اليمن سابقا وتواصل الحوار بداية بين صانعي الوحدة خلال الأزمة السياسية التي عصفت بالدولة اليمنية الوليدة ثم توسع الحوار بعد ذلك في إطار لجنة الحوار الوطني والتي توصلت في عام 1994م إلى وثيقة العهد والاتفاق والتي أدى الفشل في تنفيذ بنودها إلى نتائج كارثية لازال اليمن شعبا وأرضا يعاني منها حتى الوقت الحاضر.
ومنذ العام 2001م بدأت شقة الخلاف بين السلطة السياسية الحاكمة وحزبها -حزب المؤتمر الشعبي العام- وأحزاب اللقاء المشترك المعارضة في الاتساع والتباعد وبلغت ذروتها خلال وبعد الانتخابات الرئاسية والمجالس المحلية في عام 2006م. كما ساهمت كلا من حروب صعدة الست وتصاعد نشاط الحراك الجنوبي وحركات الاحتجاج المطلبية في المناطق الجنوبية في تأكيد هذا التباعد وتعميقه. وعلى الرغم من أن وثيقة “قضايا وضوابط وضمانات الحوار بين الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان” الموقعة في شهر يونيو 2007م كانت تشكل في ذلك الوقت خطوة هامة وأساسية باتجاه تقريب وجهات النظر بين الطرفين حول القضايا المطروحة للنقاش باتجاه العمل لاحقا نحو حوار وطني شامل إلا أن عدم استيعاب وفهم والتزام المتحاورين بالقواعد والأسس الفكرية العامة للحوار أدى إلى فشل هذه التجربة وحرم اليمن من فرصة ذهبية كانت ستساهم في ترسيخ الوحدة الوطنية وتعزيز الجبهة الداخلية والقضاء على جوانب الخلاف والتمزق وبما يساهم في توفير الجهود والطاقات والموارد والوقت نحو الإسهام في عملية البناء الاقتصادي والتنموي وتحقيق الأمن الاجتماعي للبلاد.
ونتيجة لذلك اتجهت اليمن منذ بداية العام 2007م نحو أزمة سياسية تصاعدت وتائرها عاما بعد آخر لتبلغ ذروتها في مطلع العام 2011م عندما تحولت إلى انتفاضة وثورة شعبية عارمة كانت لها نتائج وآثار سلبية عديدة في كافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والنفسية مضيفة بذلك اختلالات ومشاكل وتحديات جديدة اقتصادية وسياسية واجتماعية تتطلب من كافة القوى السياسية والاجتماعية العمل معا برؤية واستراتيجية موحدة متفق عليها لبناء اليمن الجديد بما في ذلك تحقيق أهداف الثورة والانتفاضة الشعبية وشهدائها.
وإذا كان قرار رئيس الجمهورية بشأن النظام الداخلي لمؤتمر الحوار الوطني الشامل قد ساهم في توفير الإطار السياسي والأسس والمبادئ الإدارية التنظيمية والفنية بدءا من تحديد مواضيع مؤتمر الحوار والهدف منه وبالتالي المخرجات والنتائج المتوقعة منه وكذلك الهيكل التنظيمي للمؤتمر واللجان الفرعية ومهامها وغير ذلك. إذا كان الأمر كذلك فإن من الواجب الإشارة ايضا إلى أهمية توفر الأسس والمبادئ الفكرية العامة للحوار خاصة وأن الثقافة السياسية السائدة لدى كافة القوى والأحزاب السياسية وبالتالي ممثليهم في مؤتمر الحوار تستند على الأسس والقيم والمبادئ الإسلامية أو على الأقل لها جذورها الإسلامية وكل ذلك كفيل بالمساهمة في توجيه مؤتمر الحوار الوطني للمضي في الطريق الصحيح. كما أن استقراء جولات الحوار الوطنية والسياسية السابقة يشير إلى أن عدم اتفاق المتحاورين على الأس

قد يعجبك ايضا