اصبع جندي أغلى من ألف برج

عباس الديلمي

مقال


عباس الديلمي –

مقال

توقعت أنهم قد غضبوا غضبة مضريöة حميرية وهبوا بقيادة الشيخ عبدالمجيد عزيز الزنداني لأن هناك من هد بنيان الله وتجاوز في فعلته هدم الكعبة المشرفة حجرا حجرا.
ولكنهم .. أي من هبوا صباح يوم الثلاثاء 29/5 نحو منزل ولي الأمر رئيس الجمهورية ممثلين للعلماء والوعاظ وأئمة المساجد .. قد أبطلوا صحة توقعي إذ أن ذهابهم للقاء ولي الأمر لم يكن دافعه غضبهم جراء جريمة السبعين النكراء التي تمخضت عن قتل أكثر من مائة وعشرة من الجنود الأبرياء وجرح أضعافهم وهم لا يستعدون لقتال أحد ولكن للمشاركة في عرض عسكري بمناسبة العيد الوطني.
توقعتهم قد تنادوا وصاغوا بيانا وذهبوا إلى المسؤول الأول عملا بتعاليم الإسلام الحريصة على دم المسلم وماله وعرضه وانطلاقا من الحديث القدسي (الإنسان بنيان الله ومن هده فقد هد بنياني) والحديث الشريف.. إن هدم الكعبة حجرا حجرا أهون على الله من قتل امرئ مسلم وإن تلكم المجزرة البشعة قد أشعلت الدماء في عروقهم كما أشعلته في أوردة وقلوب عامة الناس الذين شاهدوا جثث وأشلاء ودماء الجنود المساكين.
تألمت وحزنت كثيرا وأنا أشاهد لقاء ممثلي العلماء وأصحاب الفضيلة ولم أسمع في كلمات من تحدث باسمهم ولا في بيانهم ذكرا لجريمة القتل الجماعية في ميدان السبعين رغم ورود ذكر الجريمة إياها في الكلمة التي استمعوا إليها من فخامة الرئيس الذي ولا شك بقدر ما أراد تجديد إدانته للجريمة بقدر ما أراد لفت نظرهم إليها.
لا أقول لقد استغرب الناس جميعا ذلكم التجاهل بل أقول لقد استنكروه كون الحادث لم يمر عليه سوى أيام ونجيع دم الشهداء ما يزال يغطي ذلك المكان الطاهر والصرخات من جراح الجرحى تملأ الأسماع.
لقد انحصرت كلمات وخطاب من شدوا رöحالهم الى رئيس الجمهورية تحت شعار تمثيل علماء اليمن على مطالب سياسية تناولتها الصحافة وبقية وسائل الإعلام بما فيه الكفاية وكان تركيزها على نوع واحد من أنواع الحرابة هي حرابة قطع الكهرباء وتفجير أنابيب النفط والغاز وكأن قطع الطريق ونهب المسافرين بل وقتلهم ليست أعمال حرابة لأنها لم تنحصر على محافظة مارب بل وصلت أو عمتú معظم المحافظات .
من اللافت للنظر أن الجماعة قد قصدوا منزل فخامة الرئيس كولي لأمر المسلمين قبل كل شيء وتحدثوا باسم الدين وتقدموا بطلباتهم مسنودة بفتاوى جديدة ومنها إنزال أقصى العقوبات بقاطعي الأسلاك ومفجري الأنابيب كقتلهم وصلبهم وقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ونفيهم من أوطانهم .. وما كان ضرهم لو أنهم شملوا بتلكم العقوبات كل من يقوم بأي عمل من أعمال الحرابة .. وأولها قطع الطريق وإخافة وترويع الآمنين .. ويا ليتهم قالوا أشياء عن جرائم وإرهاب وإرعاب لا تقره ملة من الملل .. كذبح قرابة مائتي جندي في عنابر نومهم وقتل أكثر من مائة جندي وهم يستعدون للتعبير عن فرحتنا بأكبر أعيادنا الوطنية وذكرى نصر انتصاراتنا.
صحيح أن قطع الكهرباء عن الناس وتفجير أنابيب تصدير النفط والغاز من الجرائم الإرهابية المقززة ولكنها لا تصرفنا عن تجريم قتل النفس التي حرم الله ولا تبرر تجاهلها.
إن اصبع مواطن يمني جنديا كان أو عاملا أو موظفا .. الخ أغلى علينا وأعز من ألف برج من أبراج الكهرباء .. فهل يا ترى أن الجماعة المعنيين بالقول قد حصروا استنكارهم وإداناتهم وفتواهم على من يقطع الكهرباء استنادا الى أن مجلس الأمن هو من سيقوم بتأديبهم وفقا لطلب حكومي تناقلته بعض وسائل الإعلام¿!!

قد يعجبك ايضا