الأخطـاء الطبيـة تـواصـل حصـد أرواح الأبـريـاء

تحقيق: زهور السعيدي – أسماء حيدر البزاز


تحقيق: زهور السعيدي – أسماء حيدر البزاز –
سارع والد الطفل فهد المنتصر ذو الأربعة أعوام فقط إلى أحد المشافي الخاصة القريبة من منزله في مدينة تعز قبل أسابيع طلبا لشفاء طفله من كسر في ساقه أصيب به بعد انزلاقه أثناء مرحه مع شقيقه الذي يكبره بعامين.
لم يكن يدري هذا الأب المفجوع بأن من قصدهم لنجاة فلذة كبده سيكونون أقرب من عزرائيل إلى روح الغلام.

.. أدخل فهد على جناح السرعة إلى غرفة العناية المركزة باحد المستشفيات وهو حي يرزق بعد أن ارتأى فريق طبي تخصصي سرعة إخضاع المريض الصغير لعملية جراحية عاجلة ولكنها كانت القاضية فسرعان ما لفظ فهد أنفاسه الأخيرة متأثرا بجرعة زائدة من التخدير على يد من يسمون خبراء التخدير.
لم يكن أمام الوالد المكلوم إلا أن يتسلم جثة طفله الهامدة والتوجه إلى اقرب مقبرة لمواراته الثرى بعد عمر قصير جدا..
الأطباء لم يقدموا على فعلتهم عن سابق إصرار أو تعمد ولكن القضية لا تعدو أن تكون خطأ طبيا غير مقصود لتضاف إلى قائمة طويلة من هذه الأخطاء الفادحة التي طالما أودت بحياة الأبرياء وعرضت من ينجو منهم لمخاطر صحية جسيمة وخسائر مادية باهظة ومنهم من يجد نفسه مصابا بعاهة مستدامة ميؤوس من شفائها والسبب خطأ طبي سرعان ما يمر مرور الكرام ودون حساب أو عقاب .. لعدم وجود قوانين صريحة في هذا الجانب كما يقول حقوقيون ومسئولون بوزارة الصحة العامة.

مسلسل متواصل
قضية الأخطاء الطبية وما ينجم عنها من آثار كارثية على المجتمع وأبنائه أصبحت مع مرور الوقت ظاهرة تستشري في واقعنا كالنار في الهشيم ولا يجد الصحفي والباحث في هذا الشأن أية صعوبات في إيجاد نماذج لضحاياها فهم كثر وموجودون في كل مدينة ومنطقة في مختلف أرجاء الوطن المترامي الأطراف وهذا الصياد عقيل قاسم محمد وهو من أبناء منطقة القطابا بمديرية الخوخة جاء بابنته »آمنة« ذات الثلاثة عشر ربيعا إلى صنعاء طلبا لعلاجها من مرض في الكلى ومشاكل في الجهاز التنفسي وبعد أن نصحه العارفون بالسفر إلى العاصمة حيث توجد كبريات المشافي وكبار الاختصاصيين.
.. ويروي هذا الصياد حكايته مع الأخطاء الطبية وإذا بها مأساة إنسانية حقيقية تقشعر لهولها الأبدان يقول«ذات مساء وبعد أن قضيت أسابيع في مراجعة الأطباء في أحد أكبر المستشفيات الحكومية في العاصمة شعرت ابنتي التي كانت تقيم برفقتي في منزل أحد الأقارب بضيق في التنفس وسارعت بها إلى المستشفى وقد دخلت برفقتي ماشية على قدميها وهناك قرر الأطباء سرعة شراء جهاز لمساعدتها على التنفس موضحين بأنه سيتم إجراء فتحة في عنقها لإدخال أنبوب يساعدها في التنفس مؤكدين بأن العملية بسيطة ولا تحتاج حتى لعملية تخدير وبالتالي لا تستدعي القلق إطلاقا على حياتها.
ويضيف: أخذها اثنان من الأطباء وادخلاها إلى غرفة الطبيب الاعتيادية وليست المخصصة للعمليات ووقفت منتظرا غير بعيد من تلك الغرفة وما هي إلا لحظات قليلة وأصابتني حالة من الذهول والقلق بعد أن رأيت ارتباكا واضحا على الأطباء الذين خرجوا مسرعين ليأتوا بأنبوب الأوكسجين وتداعى عدد آخر من الأطباء الإضافيين إلى الغرفة إياها .. ليخرج أحدهم بعد دقائق ليزف نبأ وفاة الفتاة وتقديم واجب العزاء.
ويستطرد الصياد قاسم سرد قصته والدموع تترقرق بين عينيه: أدركت أن ابنتي قتلت بأدوات أولئك الأطباء ولم يكن لي من خيار سوى التوجه بالحمد والشكر للخالق العظيم على ما أعطى وعلى ما منع .. ولإدراكي العميق أن لا فائدة في محاولة الكشف عن حقيقة ما جرى ومساءلة المتسببين فقد سلمت أمري لله وجئت بسيارة أجرة لنقل جثمان ابنتي إلى مسقط رأسها بمنطقة القطابا ..
ويتواصل مسلسل ضحايا الأخطاء الطبية ولكن منها ما لا يؤدي إلى الموت المباشر كما حصل للطفلين فهد وآمنة وخاصة عندما يتعلق الأمر بالخطأ في التشخيص وعلى الرغم من فداحة نتائجه إلا أن الكثيرين من ضحاياه يكونون محظوظون وتكتب لهم النجاة بطريقة أو بأخرى كما حدث على الجائفي وابنته المريضة ذات الـ12 ربيعا والتي تعاني آلاما في الأمعاء مع فقدان الشهية وقد أظهرت تشخيصات المختصين المحللين وفقا لنتائج التحاليل المخبرية والكشافات الدقيقة كما زعموا إصابتها بتورمات سرطانية في الداخل ونصح الأطباء بسرعة خضوعها لجلسات كيماوية في مركز الأورام السرطانية بصنعاء وبالفعل تم تحديد تلك المواعيد التي برمجت على فترات زمنية متباعدة غير أن الأب عدل عن رأيه قبل ذلك لعدم اقتناعه الكامل بهذه النتائج ليتوجه بعد أيام إلى القاهرة وهناك صعق للنتائج المغايرة إذ أظهرت التحاليل التي أجريت في أحد المراكز المتخصصة أن الطفلة تعاني من جرثومة ولا يتطلب علاجها سوى« شريط حبوب« ببضعة جنيهات.
ويضيف الجائفي: لم تمر سوى أيام قلائل على استخدام هذه الحبوب إلا وقد شفيت صغيرته وعادت إلى حياتها الطبيعية .. متسائ

قد يعجبك ايضا