المعونات .. وشبح الغموض

جميل مفرöح

 - { منحة المعونات التي خرجت بها بلادنا من مؤتمر الرياض الأسبوع الماضي تكاد تحوز على كامل الاهتمام والتداول والجدل والنقاش بين العامة والخاصة وفي كل مكان يمكن أن يجتمع فيه أكثر من شخص من المقايل إلى وسائل المواصلات ومقار العمل ومجالس التفرطة وغير ذلك
جميل مفرöح –
منحة المعونات التي خرجت بها بلادنا من مؤتمر الرياض الأسبوع الماضي تكاد تحوز على كامل الاهتمام والتداول والجدل والنقاش بين العامة والخاصة وفي كل مكان يمكن أن يجتمع فيه أكثر من شخص من المقايل إلى وسائل المواصلات ومقار العمل ومجالس التفرطة وغير ذلك ومن هنا إلى هنا تنضاف الزوائد وتبتر النواقص وتتسع آفاق الخيال وتتباين الانطباعات والمواقف بين التفاؤل المريح وبين التشاؤم المحزن واليأس المؤلم خصوصا حين يبرز الرقم المهول الذي حدد كقيمة لهذه المعونات وتصدر شاشات التلفزة ومانشتات الصحف وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي وهو الرقم الذي حول من هذه المنحة غنيمة كبيرة كل يتقاسمها حسب رؤيته لانتشال الوطن من حفرة الإحباط والتجمد والرعب من مجاهيل الواقع المعاش التي وقع فيها الوطن بالخصوص منذ اندلاع الأزمة الخانقة التي يعيشها.
> في الحقيقة الرقم الموضوع تحت تسمية هذه المعونات يستحق بجدارة التوقف عنده والتساؤل عن صحة واقعيته وكيفية تسلمه والتعامل معه وتوجيهه أيضا والأكثر حقيقة أننا – في اعتقادي – نكاد نكون متعودين على التعامل مع مثل هذه الحالة فليس الأمر الجديد حصول بلادنا على منح معونات ومساعدات خارجية وفي كل مرة يحدث ذلك تشتعل الساحة بالأقاويل والتوقعات بالتفاؤلات والتشاؤمات وتتقد الأذهان إزاء ذلك بالتساؤلات لما يحيط هذه المنح والمعونات من سدود منيعة تمنع وصول الحقائق والمعلومات الشافية حول قدر وتقدير تلك المعونات وآليات إقرارها واستلامها وجهات مصارفها وتبددها وهنا تبرز الإشكالية الكبرى التي تظل تشغل بال العامة والخاصة وتستنفد ما يوفره الوقت من مساحات وما ييسره الخيال والتصور من ابتكارات تفاؤلية وتشاؤمية وهل ستصل هذه المعونات بشكل مباشر إلى هدفها الذي هو الشعب¿ وهذا – في اعتقادي – مستبعد أم ستحول إلى مشاريع يكون مصيرها التلاشي وحصادها الفراغ كما تعودنا¿ أم…¿ أم…¿
> ومن هنا يبرز تساؤل ملح نوجهه للحكومة لماذا لا يتم التوضيح لكل العامة والخاصة ما يتعلق بهذه المنح من معلومات شافية تقطع الطريق على كل المتقولين والمتشائمين وتقشع ما يحيط بهذه المنح من إبهام وتعتيم قد يكون مقصدا أو لا يكون¿ أعتقد أن ذلك سيكون ناضجا في نزع أي ملام أو انتقاد قد تواجهه الحكومة اليوم أو غدا وسيكون كفيلا بالحد من التخيلات الكبيرة والطموحات اللامحدودة وفي نفس الوقت بتقليص مساحات النقد والتشاؤم وتحميل المسئوليات اليوم ومستقبلا وباعتقادي هذا في جانب منه سيكون في مصلحة ومنجاة الحكومة من تحمل مسئوليات وأعباء ما قد تواجه به ليس من مساءلات وحسب وإنما من تقدير وثقة من قبل أبناء الشعب الذين يمثلون وجهة رئيسية وهدفا أساسيا لتلك المنح والمعونات.
> كنا ننتظر وما زلنا منتظرين أن يعقد الأخ رئيس الوزراء أو وزير المالية أو أي ممثل للحكومة مؤتمرا صحافيا أو تعقد الحكومة جلسة وتقوم بإلقاء بيان إيضاحي للشعب حول هذه المنحة أو المعونات وقيمتها وكيفية تسلمها ووجهتها أو جهة مصارفها بدلا من أن يفرحوا ويفرحوا أبناء الشعب بإقرار وقيمة المنحة ويتوقفوا عند ذلك مالم باعتقادي فإن الحكومة ستكون على محك المساءلة والمحاسبة إن لم يكن أمام قضاء أو جهة مخولة فأمام انطباعات وثقة العامة بدورها ومكانتها وصلاح نيتها فالذي يتردد الآن في أوساط العامة وفي أذهانهم وفي ذهني وذهن غيري من أبناء هذا الوطن أن هناك منحة كبيرة خرجت بها بلادنا من مؤتمر الرياض وأول ما يباشرنا هو رقم قيمة المنحة وهنا تتدفق جميع المعلومات ويتصدر الحالة شبح الغموض ومن المؤكد أن هذا ليس في صالح أي حكومة لأنها لا شك ستواجه بالشكوك والاتهامات مهما كانت نزيهة ومستقيمة ومهما أكنت وأظهرت من النيات السليمة تجاه الوطن وأبنائه وستلحق به لعنة المعونات لا سمح الله.. والله من وراء القصد والمبتغى.

قد يعجبك ايضا