تــــعـــــز..مدينة النجوم الحالمة
صالح البيضاني

صالح البيضاني –
> تتفيأ ظلال جبل صبر.. تتكئ على التلال الخضراء لسفح الجبل وتعيش بذاكرة مثخنة بالتاريخ والثقافة والإبداع.. إنها الملك المظفر وعاصمة الدولة الرسوليه ..و المدينة التي تتزين بقلائد من الانجازات والأسماء فهي الحالمة ومدينة العز ومدينة النجوم .. كما أنها عاصمة بعض أئمة اليمن خلال الفترة بين أشهر ثورتين شهدتهما اليمن الثورة الدستورية 1947م وثورة سبتمبر 1962م .. وقد قيل في المصادر (تعز قطعة من شوق ).
يرجع البعض تاريخ تأسيس المدينة إلى الأيوبيين في عهد السلطان توران شاه عام(1173م) ثم أخيه سيف الإسلام طغتكين- الذي اهتم كثيرا بتطوير بناء المدينة فشيد القصور وشجع على توسع البنيان وأقام البساتين.. وبعد انتقال الحكم من الأيوبيين إلى بني رسول عام 1229 م وإعلان الملك المظفر مدينة تعز عاصمة لمملكته شهدت توسعات كثيرة وازدهارا في مختلف جوانب الحياة وشهدت المدينة عبر العصور كثيرا من الأحداث التاريخية.. ويحيط بالمدينة القديمة سور كان يبلغ ارتفاعه عند إنشائه حوالي (4 أمتار) تحيط به الأبراج وله ثمانية أبواب .. وقد أعيد بناء السور في العام 943هـ واستمر البناء مايربو على سبع سنوات وكان يتخلل السور العديد من أبراج الحراسة والقلاع الدفاعية وله بوابتان رئيسيتان هما الباب الكبير وباب المداجر ..
ويرصد التاريخ أن مدينة تعز كانت من المدن اليمنية التي نشأت في الفترة الإسلامية وكانت مدينة حربية قبل أن ينتقل إليها للسكنى من مدينة زبيد توران شاه عقب إخضاعه لليمن حوالي 570هـ وبالتقريب يمكن القول إن المدينة وجدت حوالي عام 1000م وفيه أعطيت الاسم الذي تحمله الآن ..
غير أن عدد من الباحثين يؤكدون أن مدينة تعز في تطورها لم تكن مجرد مدينة حربية بل هي إضافة إلى ذلك مثلت منذ نشأتها الأولى محطة تجارية وهي في ذلك كانت كغيرها من المدن الآسيوية التي لم تكن تنشأ إلا في الحالات التي يكون فيها الموقع مناسبا تماما للتجارة الخارجية .
وقد حققت المدينة خلال الفترة الزاهية من تاريخ المدينة الممتدة من 1229م إلى 1454م التي كانت فيها المدينة عاصمة اليمن تطورا ونموا مشهودا وقد وصلت مساحتها إلى ما قرابته 81.5 هكتار.
وقد زار تعز الرحالة العربي الشهير ابن بطوطة عام 779هـ 1377م في عهد الملك المجاهد الرسولي ووصفها بأنها أحسن مدن اليمن وأعظمها.
ووصف ياقوت الحموي(ت . 1229م) مدينة تعز بقوله إنها قلعة عظيمة من قلاع اليمن المشهورات ووصف عدينة بأنها ربض لتعز اليمن وقال ابن المجاور الذي صنف كتابه عام 630هـ (1232-1233م) أن تعز قلعة حصينة وليس في جميع اليمن أسعد منه حصنا لأنه سرير الملك وحصن الملوك وقال إنها قلعه وضعت بين مدينتين إحداهما المغربة والثانية في لحف جبل صبر وقد بدت مدينة تعز للرحالة الأوربي الأول لليمن لودفيكو دي فارتيما( 1508م ) بأنها مدينة قديمة جدا بمسجدها الذي يذكره بكنيسة السيدة مريم المستديرة في روما وقصورها الرائعة وقال إنهم يصنعون فيها كميات وفيرة من ماء الورد كما وصف الكابتن الهولندي (بيتر فان دن بروكه)تعز (1618م) بأنه رأى فيها سته أبراج شاهقة ومساجد عديدة ووجد أنها مركز تجاري مهم وقد وصف نيبور أثناء رحلته التي قام بها ضمن البعثة الدنمركية (1763م) مدينة تعز بشكل مفصل من حيث موقعها عند أقدام جبل صبر مشيرا إلى سورها وأبراجه وأبواب المدينة وحصن القاهرة وقد ضمن نيبور كتابه رسما توضيحيا للمدينة بين فيها مواقع معالمها الرئيسية حيث أشار إلى بقايا مدينتين هما : عدينة وتقع على سفح جبل صبر فوق مدينة تعز مباشرة ولم يبق منها سوى مساجد مهدمه ونقل عن السكان أنها كانت مقر حكام المنطقة . والأخرى ثعبات وتقع على بعد نصف ميل تقريبا جنوبي شرق تعز على جبل صبر ولا تزال تشاهد مشيرا إلى أنه كان لا يزال يشاهد بقايا من سورها ومن مسجد كبير فيها لم تبق منه سوى قبة صغيرة كما لا تزال تشاهد فيها جدران مسجد الأحمر وهي مبنية بحجارة حمراء وأغرب ما فيها خط طويل كتب في أعلى الجدران ليس كوفيا ولا عربيا حديثا.
قلعة المدينة:
تعد قلعة القاهرة التي تتربع على قمة الجبل الأحمر أشهر معالم المدينة حيث تعد القلعة من أكثر القلاع علوا وقد سميت بقلعة تعز الاسم الذي أصبح بعد ذلك اسما للمدينة قبل أن تتحول إلى قلعة القاهرة .. يرجع تاريخ إنشاء القلعة إلى عهد الدولة الصليحية (436هـ – 532هـ) .. حيث بناها السلطان عبدالله بن محمد الصليحي – مؤسس الدولة الصليحية ويحيط بها سور ذو بوابة عملاقة يمكن الوصول إليها من خلال طريق جبلي ملتوي .. وتتكون القلعة من عدد من المباني والقصور التي تشرف على المدينة والتي كانت سكنها عدد من ملوك الدولة الرسولية مثل الملك المظفر يوسف بن عمر بن علي رسول الذي اتخذ من القلعة