‬وحلم الوصول إلى قراهم

استطلاععبدالناصر الهلالي

استطلاع/عبدالناصر الهلالي –
حتى اللحظات الأولى من صباح العيد لم‮ ‬يصلوا إلى منازلهم‮ .. ‬لم تفرج عنهم الأعمال بالسفر مبكرا على الأقل في‮ ‬ليلة العيد‮ .. ‬عمل دؤوب لا‮ ‬ينتهي‮ ‬حتى أذان الفجر‮ .. ‬حينها فقط بإمكان العاملين في‮ ‬المحلات الاستعداد للسفر إلى مدنهم وقراهم‮ .. ‬كم تمنوا أن تأتي‮ ‬ليلة العيد وهم مع زوجاتهم وأولادهم‮ .. ‬عمل‮ (‬قسري‮) ‬لكنه ضروري‮ ‬حتى‮ ‬يبقوا على قيد الحياة‮ ‬‮ ‬وتبقى أسرهم بالحد الأدنى من العيش‮.‬
‮ ‬صالح كان‮ ‬يتعين عليه أن‮ ‬يسافر آخر‮ ‬يوم من رمضان‮ ‬‮ ‬لكن الازدحام الشديد الذي‮ ‬رافقه حتى صباح العيد لم‮ ‬يمكنه من ذلك‮ .. ‬كان الناس حينها ذاهبون لصلاة العيد قلت ربما سيغلق محله الآن‮ .. ‬أنهينا الصلاة والمحل لا‮ ‬يزال مفتوحا الزبائن لم‮ ‬ينتهوا بعد سألته متى ستسافر إلى منطقتك¿ رد وآثار التعب على وجهه وجسده‮ ‬يكاد‮ ‬يسقط من الإنهاك‮ (‬بعد ساعة من الآن‮) ‬بالكاد خرجت هذه الكلمات المقتضبة‮ ‬‮ ‬ولم‮ ‬يضف شيئا عليها لم‮ ‬يعد بمقدور صالح التحدث مع الزبائن بعد طول‮ ‬يوم وليلة من العمل المتواصل بلا انقطاع‮ .. ‬يفكر العامل‮ ‬غير صالح أن‮ ‬يجد فراشا‮ ‬يلقي‮ ‬بجسده عليه‮ ‬غير أن شوقه لأبنائه وأسرته تفرض عليه المزيد من التحمل‮ .. ‬لقد أمضى أشهرا‮ ‬قبل أن تأتي‮ ‬لحظة السفر إلى قريته ولعل رمضان هو الموسم الذي‮ ‬يستطيع من خلاله توفير الكثير من المصاريف لقضاء إجازة العيد بسلام مع أبنائه‮.‬
ذي‮ ‬يزن في‮ ‬كل عام‮ ‬يصل إلى قريته بعد أن‮ ‬ينتصف نهار العيد‮ ‬‮ ‬يحرم بالطبع من صلاة العيد التي‮ ‬يقول عنها أنه‮ ‬يتمنى لو‮ ‬يحضر صلاة العيد في‮ ‬قريته‮ ‬‮ ‬منذ سنوات وهو‮ ‬يحلم لكن ظروف العمل تمنعه من ذلك على الدوام‮.‬
أطلق زفرة قوية وأردف بعدها‮ (‬كم الحياة قاسية كل شيء‮ ‬يأتي‮ ‬بعد أن تكاد الروح تخرج نفسها الأخير‮).‬
الكثير من العمال مستاؤون من الوضع الذي‮ ‬هم عليه لا‮ ‬يحظون بخير رمضان وأجر العشر الأواخر بسبب عمل الليل المتواصل ولا سيما في‮ ‬ليالي‮ ‬العتق من النار لكن البعض‮ ‬يقنع نفسه أن العمل عبادة وبدون العمل قد‮ ‬يموت أولاده من الجوع ويقولون في‮ ‬الأخير‮ (‬إن الله‮ ‬غفور رحيم‮).‬
البعض‮ ‬يعملون في‮ ‬محافظات حضرموت‮ ‬‮ ‬المهرة‮ ‬‮ ‬وحرض‮ ‬‮ ‬في‮ ‬الحديدة وهم من محافظات شتى‮ ‬‮ ‬وتلك المحافظات تتطلب من المسافر أن‮ ‬يقضي‮ ‬عشرات الساعات حتى‮ ‬يصل إلى محافظته سواء كان هذا في‮ ‬تعز أو صنعاء أو‮ ‬غيرها من المحافظات البعيدة عن تلك المحافظات‮..‬وهؤلاء‮ ‬يصلون بالطبع في‮ ‬نهاية نهار العيد‮ .. ‬يتمنون أن‮ ‬يقضوا صباح العيد في‮ ‬مناطقهم لكن مع ذلك‮ ‬يسعدون لتمكنهم من الوصول سالمين حتى وإن كان هذا الأمر متأخرا‮ .. ‬ما‮ ‬يعانيه هؤلاء العمال إلى جانب تلك المعاناة هي‮ ‬السيارات التي‮ ‬تستغل حاجتهم للسفر في‮ ‬الساعات المتأخرة من ليلة العيد وحجة أصحاب السيارات أنه‮ ‬يعود إلى مكانه الذي‮ ‬تحرك منه بدون ركاب‮.‬
حتى هذا السائق الذي‮ ‬يظل ذاهبا وعائدا لا‮ ‬يجد الوقت الذي‮ ‬يقضيه مع أسرته في‮ ‬أول أيام العيد ربما‮ ‬يجده في‮ ‬اليوم الثاني‮ ‬بعد أن‮ ‬يكون جميع الناس قد خلدوا للراحة وتبادل الزيارات

قد يعجبك ايضا