فشل السلطة .. فشل المعارضة

خالد الصعفاني


 - لأن سنت الله ماضية في أن يبقى الناس " مختلفين " وباطن ذلك الاختلاف رحمة ونعمة , نجد أن الاتفاق يدخل قواميس التجارب بعدد  اقل مقابل تجارب الاختلاف .. هذا يسري على كل شيء في الحياة تقريبا أما في السياسة فالأمر عجيب وغريب ويأخذ أبعادا متفاوتة ونتائج أو
خالد الصعفاني –

khalidjet@gmail.com
لأن سنت الله ماضية في أن يبقى الناس ” مختلفين ” وباطن ذلك الاختلاف رحمة ونعمة , نجد أن الاتفاق يدخل قواميس التجارب بعدد اقل مقابل تجارب الاختلاف .. هذا يسري على كل شيء في الحياة تقريبا أما في السياسة فالأمر عجيب وغريب ويأخذ أبعادا متفاوتة ونتائج أو آثار محورية وتكاد تصل للكارثية إذا ما أسقطنا طبيعة الخلاف على البلدان النامية يهمنا منها العربي تحديدا كونه أهلنا ومجتمعنا ..
عربيا نجد السلطة ولا نجد المعارضة , وقد تحضر المعارضة لكن السلطة بدورها تغيب , وهذا وضع ليس سويا لأن العقل والمنطق وفلسفة الحياة وأبجديات السياسة تفترض أن يتناغم الاثنان بأي مستوى من اجل أن تستمر الحركة وتحصل البركة .. هناك في أمريكا كما في بريطانيا أو غيرهما من الديمقراطيات الغربية .. وفي الهند أو اندونيسيا كحالة ديمقراطية آسيوية تجد السلطة تعمل وتجد المعارضة تعمل ولكن من اجل البلد .. ومن اجل الناس .. الاول يعمل من اجلهم والثاني يبقى في دور الرقيب الشرعي على ذلك ..
سلطة دخلت “قمرة” قيادة البلد هذا البلد أو ذاك عبر اختيارات الناس وتصويت الناخبين ومن هنا فدخولهم ” صح ” وبقاؤهم طبيعي وعملهم ايجابي في الأغلب .. لكن تبقى المعارضة موجودة تراقب وتتقمص الدور الأبوي في ثوب بوليسي .. يتابعون عمل السلطة وينتقدونها ويذكرونها ويصوبون عليها في إطار من الاحترام المسبق لحق الأول في الأداء والعمل وحق الثاني في الانتقاد ليس بالتشهير أو ” الحلبطة ” وعمل “المطبات” و”الحفر” للإخوة في السلطة وإنما بإرشاد الناس وتوعيتهم بصوابية ما يجري أو خطأه وانتظار قناعة الناس في تغيير السلطة بالمعارضة .. ولذلك جرت لعبة الكراسي الموسيقية بين حزبي العمال والمحافظين في بريطانيا لعقود وبين الحزبين الديمقراطي والجمهوري في أمريكا لسنوات طويلة..
إذا .. فحق الفائز بثقة الناس أن يحتفل وان يمسك السلطة من الأذنين وان يعمل ويجرب أفكاره وان تتاح الفرصة الكاملة له من اجل أن يعمل .. وبالمقابل فللمعارضة الحق في أن تنتقد السياسيات وان تنبه للأخطاء ولكن بالطرق السليمة ومن اجل الناس أيضا ..
للأسف حفل واقعنا العربي في العقود الخمسة الأخيرة وحتى ما قبلها بسيناريوهات عجيبة وأكثر من غريبة جعلت العلاقة بين السلطة والمعارضة أصعب تعقيدا مما بين ” توم وجيري ” , بل وصلت الى حد اعتقادنا بان الحكام ما هم إلا “توم” العرب في مقابل ” جيري ” المعارضة , فلا حجم القط أفاد الحكام في مقابل الفار ولا مكر الأخير نفع الناس , وبقيت المجتمعات العربية بالفعل ضحية مستمرة لمشاهد المطاردة بينهما داخل المنزل ولكم أن تتصوروا حجم التكسير والضجيج الذي يحدث ..
أنظمة عربية أغلقت على أنفسها بالضبة ورمت المفتاح في بحر الاعتقاد الخطأ بأنه لا أفضل منهم ولا أحسن منهم وهذا “غلط “.. ومعارضة أكدت التجربة أنها لا تستطيع العمل إلا بخلوها الشرعي أو غير الشرعي مع الحكم وهذا “غلط” أيضا .. في مصر مثلا حزب حكمها لعقود ثلاثة واستبعد المعارضة بحبس أقواها وأكبرها شعبية ” الإخوان المسلمون ” , وفي تونس حكم بن علي البلد بحديد القوة وفولاذ الاستبعاد للإسلاميين وللمعارضة غير الطيعة , وفي سوريا كان الأسد المرحوم يضبط إيقاع البلد بفكرة حزب البعث النموذج السوري وحجب كل ما عدا ذلك ومنه تيار الإخوان , وفي ليبيا كان الكل يهلل باسم القتيل معمر وبقي كل ما عدا ذلك على الهامش البسيط , وفي ما عدا الحالية اليمنية – حيث حكم الرئيس السابق البلد بالتوافق مع نفوذ الإصلاح قبل الوحدة وبالمشاركة مع الاشتراكي والإصلاح بعد الوحدة ثم مع الإصلاح ثم بالمؤتمر لوحده وأهل النفوذ بعد ذلك – ما عدا ذلك فان الأنظمة الأخرى سارت بذات المشهد الاحتكاري على طريقة ” أنا وما بش غيري ” .. النتيجة كانت بسيطة ومعروفة وهي أن الربيع العربي هب من رياح ما وراء الأطلنطي عبر التكنولوجيا وكانت آليات التنفيذ رجال وسيدات المعارضات العربية في الخارج أو في الداخل ..
أخيرا :
لدي شك كبير في مسألة انه لا زال لدينا اليوم سلطة ومعارضة فبعد تحولهما الأخير في صفقة إخراج البلد من أزمة الربيع اليمني أصبح لدينا معارضتين اقتسمتا “شنطة الحكومة” وها هما تتنازعان على التفاصيل وترصد كل معارضة أخطاء ضرتها في مشهد لا يبعث إلا على المزيد من السخرية ودواعي ” الحوقلة ” ..
أما عربيا فاعتقد أن المجتمعات العربية ذهبت ضحية مجانية لفشل السلطة والمعارضة معا في العمل معا أو الحوار

قد يعجبك ايضا