لعنة الزحف

عبدالخالق النقيب

مقال 


 - في مبتدأ المشوار الثوري وعلى امتداد شهور النضال تردد "الزحف" على مسامعنا طولا انصهرت الكلمة  حتى التصقت بنا كاللعنة بالكاد حياتنا تزحف ببطء شديد لم يعد ثمة شيء على طبيعته أو يمكن تشخيصه"الزحف" وحده المهيمن على الدولة
عبدالخالق النقيب –

مقال 

في مبتدأ المشوار الثوري وعلى امتداد شهور النضال تردد “الزحف” على مسامعنا طولا انصهرت الكلمة حتى التصقت بنا كاللعنة بالكاد حياتنا تزحف ببطء شديد لم يعد ثمة شيء على طبيعته أو يمكن تشخيصه”الزحف” وحده المهيمن على الدولة والحكومة التوافقية واللجنة العسكرية ورفع المتارس والترفع عن التمترس وإخلاء الساحات وتثبيت الأمن والاستقرار والخلاص من ظاهرة حمل السلاح وهيكلة الجيش وإنعاش الاقتصاد الوطني و..و.. كل شيء يتلبسه الزحف.
> ما بالنا نستقر بعقارب الزمن نحبس أنفاسها ونحبط دورانها نراوح طويلا عند كل نقطة نلج بها فنعلق بدوامتها ولا نبرحها حتى نقع في مأزق الخطوة التي تليها وهكذا دواليك.. عقبة واحدة تكفي لنشعر بمرارة ما نقترفه ضد المستقبل الذي نشرع باتجاهه زحفا فالكهرباء منذ أول عودة لها في الانتخابات الرئاسية تتقطع أوصالها وتتقطع بنا السبل في الوصول إليها أرهقها وأرهقنا معها التبلد الزاحف نحو حمايتها وتأمينها تسهب الاخبار في الحلول والخطوات المحققة بملف الكهرباء إذ بنا سريعا ودون تفكير نلتفت يمينا ويسارا فلا ندري بالخطوة التي تم إنجازها هل مضت بنا “قدما” بمعنى” إلى الأمام” أي أنها “تحسنت” أم أنها أعادتنا إلى الوراء ألف خطوة فبدلا من ساعتين كل أربع ساعات صارت اليوم ساعة ونصف كل عشرين ساعة.
> موهبون في التناطح والتصادم ببراعة نختلق المبررات ونتمثلها وببراعة أيضا نتقن الزحف الذي بات يمثل نقطة الالتقاء لكل ما يصب من دور جماعي في بناء الوطن ها هو شهر يونيو ينتهي والحوار الزاحف لم يبدأ بعد مازال يعيش مخاض مرحلته التمهيدية في مؤشر دامغ على أنه هو الآخر سيحطم الرقم القياسي في الزحف ولك أن تستقل رحلة مكوكية لقياس الزمن الذي سنحتاج إليه حتى نصل إلى نهاية مرضية يتحد بمخرجاتها الطيف اليمني وتخرج برؤى ناصعة الوضوح ترتكز عليها أعمدة ذلك المستقبل الذي أثقل كاهل الشعب وأضنى نضاله.
> “يا الله كم نحن مترفون بالتخلف وملحدون بملة الوقت”.. أزيلت بعض المتارس فتلاعبت بنا نشوة الفرحة بلا هوادة لنكتشف لاحقا أنها انتقلت للمباني المجاورة وحسب صورة أخرى من مشاهد البؤس بقايا الساحات ما زالت تعاني من عضال الزحف ولا حراك نستبشر بنهاية كل تمرد عسكري وتحتفي به وسائل الإعلام دون انفكاك حتى يخيل لنا أنا نعيش حالة فريدة من الانجاز والانتصار الجدير بفرحة عارمة.. لم يبق إلا أن نصفق ونصفر بهيام بالانتصارات الناجحة التي حققتها حملات شلل الأطفال أو نعكف على الصلاة في المساجد حمدا وشكرا على أضواء الشموع الرومانسية وإن كان طلاب الشهادة العامة يقبعون في الظلام المهم أن عملية الامتحانات خالية من القوارح والقع قم.
> وإن كنت أبدوا منفعلا إلا أني خلت ومثلي الكثير أن محطة واحدة من محطات الظاهرة الثورية الشعبية للربيع العربي كفيلة بأن تشعل فينا شرارة الانتماء وتفجر الإرادة الوطنية المحضة في حكومة الوفاق فتشمر هي على قدم وساق ونشمر نحن معها عن سواعدنا بتفان وإخلاص لنمحو سيئات الماضي ونفاجئ العالم والتاريخ بخطى وثابة تقفز بنا إلى آخر نقطة تصلنا بالمستقبل الذي انقلب على الماضي بكل ما فيه من ترهلات وعقول بشرية زاحفة.

قد يعجبك ايضا