الشباب ومشروع بناء الدولة اليمنية

المهندسخالد راشد عبدالمولى


المهندس/خالد راشد عبدالمولى –
المهندس/خالد راشد عبدالمولى
كانت زيارتي الأولى لتونس خلال الفترة من 1/6/2012م تونس الثورة التي استطاع مواطنها البسيط (محمد البوعزيزي) بما تعرض له من ظلم لم تتقبله نفسه الحرة الأبية أن يعلن احتجاجه على كل ظلم عانى منه مواطنو تونس والوطن العربي بحرق نفسه فأشعل الشرارة الأولى للثورات العربية التي انطلقت من تونس وزلزلت عروش الطغاة والظالمين على مستوى الوطن العربي.
هذه الزيارة جاءت بدعوة من الشركة التونسية للكهرباء والغاز والاتحاد العربي للطاقة لحضور فعاليات الاجتماع الأفريقي لمنتجي وناقلي وموزعي الطاقة الكهربائية في مدينة الحمامات في تونس الدولة الصغيرة التي تطل على البحر الأبيض المتوسط ويبلغ طول شواطئها ألفا وثلاثمائة كيلو متر ذات المساحة (164.918) كيلو مترا مربعا وعدد سكانها لا يتجاوز أحد عشر مليون نسمة تونس الثورة حسمت طريقها في إنجاز الثورة سريعا فانتخبت مجلسها التأسيسي ورئيس الجمهورية وشكلت حكومتها وبدأت بالتطلع إلى المستقبل بكل قوة والتفرغ للبناء والتنمية بفهم وإدراك كبير من قبل شريحة كبيرة من مواطنيها بضرورة تجاوز كل الخلافات والاتجاه للبناء.
ولفت نظري في هذه الزيارة البنية التحتية الجيدة التي تتمتع بها تونس وعلى مستوى المواصفات الدولية في الطرقات والكهرباء والاتصالات والتعليم والتي تغطي البلد من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه كذلك انخفاض نسبة الأمية كما أن الثقافة العامة للإنسان التونسي تمجد القبول بالآخر والمواطنة المتساوية وبناء الدولة المدنية على أساس الدستور والنظام والقانون كما أن الشريحة الكبيرة وغالبية مواطنيها متوسطي الدخل لا يشكون الفقر ولا توجد طبقة ثرية جدا ذات طابع استغلالي تنهب البلاد والعباد.
ولذلك فإن الدولة الحالية ومعها الشريحة الكبيرة من المواطنين يتجهون إلى الوسطية والاعتدال والاجتماع على ضرورة تكثيف الجهد والعمل لما يخدم الغالبية الكبرى من المواطنين ويخدم البلد وأهدافها التنموية ولا تسمع أي تونسي إلا وتجده يمدح في تونس والتونسيين ويمدح حبهم للعمل واحترامهم للنظام والقانون الذي يساوي بين جميع أبنائه ولا تلاحظ في قاموسهم الذم والقدح والإقصاء للآخرين فهل نطمح إلى أن يحمل اليمنيون بكل أطيافهم مشروع بناء دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية والقبول بالآخر على أساس دولة مدنية تحمل مشروع بناء ينتشل الوطن اليمني وأبناءه من الفقر والتخلف وسوء الخدمات التي تمس حياة المواطن في التعليم والصحة والكهرباء والمياه والنظافة والطرقات والعدل تحول حياتهم إلى معاناة دائمة هذا المشروع الحضاري للدولة يجب أن يعمل على إيجاد الأمن والاستقرار والعدل وبناء الإنسان وإيجاد البنية التحتية الضرورية للدولة والاهتمام برفع مستوى المواطن وتحسين معيشته بما يمكنه من النهوض بهذا الوطن الذي يمتلك كل المقومات اللازمة للنهوض وما علينا إلا البدء ببناء مشروع الدولة الحديثة والتي لم يبزغ فجرها على اليمن حتى الآن رغم احتفالنا بالعيد التاسع والأربعين لثورة 26 سبتمبر والعيد الثامن والأربعين لثورة 14 أكتوبر والعيد الثاني والعشرين للوحدة اليمنية.
فهل يترك اليمنيون الكلام ويبدأون بإنشاء مشروع وطني لبناء الدولة المدنية الحديثة ويستفيدون من تجارب دولية إسلامية كماليزيا التي استطاعت النهوض بمشروعها الوطني بقيادة الطبيب مهاتير محمد الذي استطاع نقل البلد في خلال عشرين عاما من دولة فقيرة لا موارد لها مهملة تعيش على هامش العالم الحديث إلى دولة كبيرة وقوية لها رقم على لائحة الاقتصاد العالمي دولة جميلة ونظيفة تطمح الكثير من دول العالم إلى بلوغ مجدها.
أو مشروع الدولة التركية بقيادة رجب طيب أردغان التي كانت تتسول الأوروبيين بقبولها كعضو في الاتحاد الأوروبي فأصبحت دولة كبيرة وقوية وذات اقتصاد متين يطلب الأوروبيون والأمريكان ودها.
مشروع الدولة الناجحة لا يقام إلا بتضافر جهود أبنائه جميعا وبأن يكون هناك سقف يعيش تحته جميع أبنائه لا يستطيع تجاوزه أحد وطن لا يمكن بناؤه إلا بإعطاء الشباب المؤهل والمثقف القيادة والثقة متسلحين بالمعارف والخبرات اللازمة للبناء ولإنجاح هذا المشروع لأن من الاهتمام ببناء الإنسان اليمني وتوعيته بأهمية البناء والعمل والالتزام بالأنظمة والقوانين وعلى رأسهم عماد كل مشروع وكل طموح نحو البناء واقترح أن يتم تكليف مجموعة من المختصين والمهنيين لعمل مشروع الدولة اليمنية الحديثة بعيدا عن التجاذبات السياسية مستفيدين من المشاريع الناجحة في الدول الإسلامية والعالمية ويتم طرح هذا المشروع على طاولة الحوار الوطني كمشروع أساس يتم إثراؤه من خلال المشتركين حتى يتفقوا على مشروع واحد يستوعب ملاحظات الجميع ولا يكون مفصلا على أشخاص أو فئات أو أحزاب وليكن مشروعا بحجم الوطن اليمن ويضم كل مكوناته وشرائحه

قد يعجبك ايضا