ويسألونك عن القات



أ.د عزيز ثابت سعيد
لو سألت أحدا‮ ‬خارج اليمن عن السمة الأساسية التي‮ ‬تميز اليمن عن‮ ‬غيرها لقال دون تردد»القات‮»‬‮ ‬والقات‮ ‬يعد معضلة اليمن وأس مشاكله وآفة اقتصاده‮ ‬والساحق الماحق للصحة والمال والوقت‮ ‬بل إنه سر خراب الدولة اليمنية والسبب الأول لتأخرها وتصدرها قائمة الدول الفقيرة‮ ‬فقد نخر في‮ ‬عظامها حتى النخاع وجعلها من دول العالم الثالث عشر‮. ‬إن حياتنا اليومية تمضي‮ ‬وكأننا ندور حول فلك القات‮ ‬فالقات عند البعض وسيلة من وسائل اللقاء والاجتماع بين الأصدقاء حيث‮ ‬يشتري‮ ‬القات حتى‮ ‬غير المدمن‮ (‬المولعي‮)‬‮ ‬لكن القات‮ ‬يعد قوتا عند البعض الآخر بل وأهم من القوت عند‮ «‬الموالعة‮»‬‮ ‬وهكذا فهو الشغل الشاغل لنا ولتفكيرنا‮ ‬نهرول إلى أسواقه زرافات ووحدانا كل‮ ‬يوم‮ ‬فما إن تدق عقارب الساعة الثانية عشرة ظهرا‮ ‬حتى‮ ‬يتسابق الموظفون والعمال والعاطلون إلى أسواق القات في‮ ‬منظر عجيب‮ ‬غريب‮ ‬حيث ترى السيارات في‮ ‬ازدحام شديد وكأنك أمام جيش مهاجم من وإلى سوق القات‮ ‬ومن‮ ‬يرى الزحام ساعة الذروة في‮ ‬أسواق القات‮ ‬يخال اليمنيين في‮ ‬مظاهرات لكن دون لافتات أو شعارات‮ ‬وقد‮ ‬يبلغ‮ ‬الزحام والتدافع‮ ‬أمام بائعي‮ ‬القات‮ (‬المقاوتة‮) ‬مبلغا لدرجة تذكرك بالزحام والتدافع أمام الحجرالأسود‮. ‬والقارئ الكريم‮ ‬متعاطي‮ ‬القات‮ ( ‬المولعي‮) ‬وغير المولعي‮ – ‬يعلم هذا وأكثرعن الملاحم التي‮ ‬تدور أثناء رحلة الظهيرة الشهيرة إلى أسواق القات‮ ‬إلا أن الذي‮ ‬يجدر لفت الإنتباه إليه هو أن التخزين‮ (‬الولعة‮) ‬اليوم قد اختلفقت طقوسها عما كان عليه الحال بالأمس‮ ‬ففى الماضي‮ ‬لم‮ ‬يكن‮ ‬يخزن إلا قلة قليلة‮ – ‬في‮ ‬يوم العطلة الأسبوعية وفي‮ ‬المناسبات‮ ‬وكان التخزين مقتصرا‮ ‬على الذكورالراشدين من بعد الظهر إلى العصر أو من بعد العصر إلى قبيل المغرب‮ «‬وتغير بعد هذا كل شيء‮ ‬صارت اللعبة أكبر‮ ‬صارت‮ «‬الولعة‮» ‬أخطر ألف مرة‮ ‬صارت‮ «‬البجمة‮» ‬أكبر‮» – ‬مع اعتذارنا للشاعرالكبير نزار قباني‮ – ‬فقد انتشر القات اليوم بطريقة مخيفة بين الرجال والنساء‮ ‬الكبار والشباب وحتى‮ ‬للأسف‮ ‬بين بعض الصغار ممن هم دون الخامسة عشرة‮ ‬وصار للتخزين طقوس‮ ‬وباتت الساعة السليمانية‮ (‬لحظة التجلي‮ ‬وبلوغ‮ ‬ذروة الراحة‮) ‬لا تدرك بعد ساعة أو ساعتين من مضغ‮ ‬القات‮ ‬‮ ‬بل بعد ساعات وساعات‮ ‬‮ ‬فالبعض‮ ‬يبدأ التخزين الساعة الثانية أو الثالثة بعد الظهر وقد لا‮ ‬يتوقف إلا منتصف الليل‮ ‬وربما بعد ذلك‮ ‬وترى البعض وقد حشى بجمته‮ (‬فمه‮) ‬بكمية مهولة من القات لو أعطيت‮» ‬لبقرة‮» ‬لجادت بكل ما لديها من لبن‮ (‬مع احترامي‮ ‬لكل متعاطي‮ ‬القات المعتدلين‮).‬
فكم وكم نرى‮ «‬بجما‮» ‬كأنها من شدة انتفاخها تخالها ورما‮. ‬أذكر أن عيني‮ ‬جحظتا وأنا أرى أحد الحضور في‮ ‬مناسبة اجتماعية وقد علت بجمته وتشعبت حتى‮ ‬غطت عينه أوكادت‮ ‬‮ ‬بل أن ذلك الانتفاخ العجيب قد‮ ‬غير شكل الرجل ومسخ معالم وجهه وأصبح شكله منفرا‮ ‬مقززا‮ ‬حينها تذكرت تلك المناظر التي‮ ‬كانت تتاسبق الفضائيات لنقلها إبان التناحر بين بعض فرقاء العمل السياسي‮ ‬في‮ ‬صنعاء العام الماضي‮ ‬حيث كان كل فريق‮ &

قد يعجبك ايضا