الرأي الثقافي وما يوازيه



مجيب السوسي
> لا يفتأ المعنيون بالمصطلحات الجدلية واستحداثها من صب الزيت على النار فهم يتوهمون أنهم ينطلقون إلى الأمام في حين أن طوق الدائرة يجبرهم على الدوران في فراغهم اللاهي..
نظرية الجدل وصياغات التنظير المتوتر تفضي إلى جدل عقيم يعيد الجميع إلى مركزية الرقم / صفر / إن كان الصفر يحسب بين الأرقام.
وهم يدركون رغم – غرورهم – بتجاوز هذا الإدراك والمكابرة في الإفصاح عنه إنهم في مرحلة التعلم الأولى وفك حروف / مؤسسة الحوار الحقيقية / نضيق ذرعا بمفاهيم الآخرين في حين أننا نسيج مفاهيمنا بسور من البولاد في ( تناحة ) عجيبة ويقف ( الغرور ) على باب مخزوننا الذي ندعي حارسا جاهليا مخيفا فينتج مما نزعمه حوارا أقرب إلى الحبل الكاذب وليس مداه عاما وإنما أعوام طويلة ثمارها الخيبة والمرارة.. إن الالتفات إلى الوراء وأعني الرجوع إلى السبب الخاطئ ولوم فاعليه بشكل دائم هو تمترس يعيد الحصان إلى مكانه ولا يثمر إلا تفجير الظاهرة الصوتية من جديد ووصولا في نهاية المطاف إلى البحة المقهورة.
الأمم الأخرى وقد طمست حضارتهم قنابل الفقر وقنابل الذرة أو قنابل الحصار يقفزون من جديد وينبثقون في حلة متواضعة لأنهم كثفوا الحوار المفيد وأصعب بعضهم إلى رؤية أطراف بعضهم الآخر وداسوا على الفساد والفوضى والإحباط ذلك أن سنوات قليلة فيها الكثير من إيجاز الكلام والحوار وعدم التصيد أو التربص لوجهات النظر المقابلة وعدم إساة الظن الدائم بهم جعلتهم يخرجون من عنق الزجاجة وهدفهم الأرحب إعادة البناء واللحاق بخطوات العصر السريعة والمتسارعة وربما حصولهم على قصب السبق.. نحن العرب.. نؤمن بهواية الصيد و التصيد فما فعلته الخيمة هنا من إساءة غير مقصودة لجارتها ربما تجعل خيمتها المجاورة والشقيقة.. تتهيأ للثأر وإرواء الغليل وهكذا دواليك.
ولهذا لن نحصل البتة على صيغة ثقافية عربية موحدة تكون نواة لمشروع ثقافي عصري وشجاع يمتلك إلاصطفاف الأبيض وغير مرتهن بالشك أو الريبة من صانعي مفاعيله حتى ولو كان المبادرون بريئي الساحة من التهم وقليلي الجدل غير أن تفجير إبداعات الثرثرة من حولهم تصنع تراكم الغيوم المحتقنة والبلهاء.. فتعود الكرة كرة والسيقان سيقانا.. في محاولة لإعادة الشوط المكرور والذي ينتهي إلى نفس النتيجة السلبية.
إن الجبهة الفكرية أو الثقافية العربية تتشكل بسرعة وتضمحل بسرعة ذلك أن فيروس الشوائب وعصيات عدم الثقة تنشأ معها وتتغلغل في طينتها وسرعان ما تثقب كل شيء وتحطمه من داخله
الثقافة العربية الحالية هي السياسة العربية الحالية بعينها تراوحان في المكان وتتحفزان للوثوب ولكن بأضافر تقليدية لا تحفر إلا ضمن الدائرة الضيقة وغير قادرة على تجاوزها ولا تفكر في تسخير الأصابع بدل الأضافر عابرة للقارات.
نحن أمام مصطلح ( إلغاء الأقرب ) بمساعدة الأبعد الذي يضمر دهشته وتشفيه في آن معا ولهذا تبقى الإرادة مصعوقة بكهرباء الترصد والتصيد ويبقى الطعم مرا بالرغم من محاولة تطعيمه بنكهة ضده وهنا يأخذنا السياق بنفسه نظرية التمترس في مربع الأضداد ولكن ليس إلى إبرار المحاسن وإنما إلى قسوة التشويه المتعمد والارتكاس الفارغ..
المطلوب ببساطة ودون الوقوع في حفر أزمة الجدل الضبابي هو إعطاء دفة الحوار ( العاقل شرطا ) طاولة بيضاوية لا يحتكرها واحد بل يديرها بعقل أيضا واحد يقر الجميع بتجربته المخلصة والهادفة.

قد يعجبك ايضا