في أي واد يهيمون


 - عبدالخالق النقيب
ترسو أفكار الناس حيث تكون بساطة الحياة وتبلغ سدرة منتهى احلامهم عند سقف (كرامة العيش والتعايش بسلام والركون لعدالة اجتماعية ومساواة يلتقي فيها الكبير

عبدالخالق النقيب
ترسو أفكار الناس حيث تكون بساطة الحياة وتبلغ سدرة منتهى احلامهم عند سقف (كرامة العيش والتعايش بسلام والركون لعدالة اجتماعية ومساواة يلتقي فيها الكبير والصغير) هنالك تنتهي الأحلام وذلك كل ما يمكن أن يفكر به الناس وهم يهيمون بتطلعاتهم المسكونة بحياة افتراضية ومستقبل لا تخالطه المنغصات.
تهيم الأحزاب في واد غير الوادي الذي يسكب الناس فيه احلامهم وعادة ما تتفرع وترهق طاقاتها في كيفية عسكرة وتقويض تلك الأحلام وتسييس الظروف المحيطة بها وفق الموجة التي تميل إليها المصالح والولاءات تستنفد وقتها وتستهلك خطاباتها في التربص بالعواطف واللعب على الأوتار وبصيغة متمادية شبيهة (باللعب على المكشوف) ويكاد أن يقر بها كل الأطراف حتى صار من السهل والأمر المتيسر أن تستدعي ما تشاء من المواقف الشاهدة على ذلك (وعلى قفا من يشيل).
هكذا يرغب الناس في مستقبل مبتهج بالسلاسة واللين وكذلك تفعل الأحزاب في الدفع بمجرى المستقبل وجرجرته بحبال التذبذب والتوتير تدخر نضالها لإنفاقه في توطين لي الأذرع واللعب بكل الأوراق دون أن تستثني أدناها حقارة في سبيل امتطاء أقصر الطرق التي تقلها إلى منازل السلطة وقصور الحكم والاستحواذ على مراكز القوى وأوفرها حظا وأغزرها إدرارا للحليب.
يلتهي الناس بهمومهم وأحزانهم وغالبا ما يتشاطرون الأوجاع وتتحول حواراتهم في الافراح إلى بث شكوى لبعضهم البعض فيما تنشغل الأحزاب في افتعال البيئة الخصبة التي يحظون بفضلها بتقاسم الجيش وتوزيع الحقائب الوزارية والدبلوماسية والوصول إلى دهاليز المؤسسات الحكومية بما فيها المؤسسات التي يحرم تحزبها ولك أن تتخيل ماذا يعني أن تصل نهاية الاسبوع المنصرم رسائل من الاحزاب لوزير الدفاع تطالبه فيها بحصصها في صحيفة 26 سبتمبر كما كشفت عن ذلك أخبار سبتمبر موبايل.. لتكشف بمفردك مدى المسافات الشاسعة التي تفصلها عن كثير من الأخلاق الوطنية وقيمها الخلاقة.
بإمكانك أيضا أن تعرöي تلبسها الثورة وشعارات النضال ضد الفساد وهي تخلعها جانبا وتتخطاها للانقضاض على هيئة مكافحة الفساد وإدراجها ضمن الكعكة التي أضنت نضالها حتى تمكنت من رؤيتها بين يديها مرصعة بالشموع ويبدو أن لا نية لديها للابقاء على شيء واحد نظيف يحظى بالنزاهة ويقوم على أسس متينة من الكفاءة والتعفف لفرط ما هم عليه من نهم وجشع شديد لم يتمالكوا ذواتهم حتى من قبيل المسايسة والمداراة ولو أنهم تركوها كنقطة بيضاء تنفعهم في يوم اسود لكان خيرا لهم ولأمكن أن يشار إلى أنهم تركوها ليعوضهم الله بسمعة أنقى وأفضل وأخير مما هي عليه.
للتخفيف من وطآة ما نحن بصدده لا أجد ما يبعث على التفاجؤ أو الشعور بخيبة أمل تجاه ما يمكن أن تقوم به الاحزاب من دور ريادي أو على الاقل أن تلازم التيار الذي يسبح فيه الناس ولم يعد مجديا أن نتفاءل بشيء قادم من أدراجها المعطوبة كونه إلى اليوم وعلى مدى تاريخها النضالي العنيد لم تتملكنا القناعة في أدنى مستوياتها تجاه حزب من الاحزاب ولو أنها جميعا حلت عن الناس وتركتهم يتدبرون شؤونهم بمنأى عنهم لذابت هالة التعقيدات ولانصهرت الصخور الصلبة التي تعترض مستقبلهم ولعاشوا حياتهم بود وإخاء وسلام.

قد يعجبك ايضا