مشاهد يومية..تركيا النموذج 

عبدالرحمن بجاش



عبدالرحمن بجاش

 

عبدالرحمن بجاش

{ جاءت لحظة على المتابع لم يستطع عندها ولا عند غيرها من اللحظات استعادة أنفاسه من كثرة ما تعاقب على تركيا من انقلابات عسكرية جعلت كثيرين يملون حتى من متابعة أخبارها كما أدمن الناس أخبار حرب الـ (15) عاما في لبنان وأخبار الدم طوال سنوات لم تنته آثارها في العراق بفعل الاحتلال.

يبدو – وهو كذلك – أن المخاض كان عسيرا لكن المولود بدا أنه بكامل صحته الآن ويكبر طبيعيا كانت تركيا تبحث عن نفسها.

منذ أتاتورك وهي موزعة عبر مضيق الدردنيل بين العلمانية والإسلام والعسكر لكن ثمة جنينا في الأحشاء نما ببطء شديد ليخرج من رحم أمه ليقول ليس أن تركيا جزء من المحيط الذي تؤدي طرقه إلى المنطقة التي مدت إليها نفوذها ذات مراحل بل إن الإسلام يجرها إلى مكة أكثر من شوق بعضها إلى حيث للعلمانية مرابع لا تريد لغير أجناس محددة أن تنتمي إليها.

وبين شباط/فبراير 2001م وبداية العام 2011م تبدو تركيا أخرى تؤسس لزعامتها للمنطقة وتؤسس لنموذج آخر يكبر بنيانهما يوما عن يوم.

اكتشفت تركيا من خلال حزب العدالة والتنمية أن الإسلام يمكن – لو أراد المسلمون – أن يكون النموذج الذي يسير خلفه الآخرون لا أن يظل الإسلام محل شك وريبة لأن منú ذهب به إلى الغرب ذهب بأسوأ نموذج للإسلام وهذا ما عكس صورة سيئة لهذا الدين العظيم الذي يقدمه حزب العدالة والتنمية تقدمه تركيا الجديدة خير تقديم.

يؤمن الغربيون ويروجون أن كل الحضارات ستؤول إلى الزوال كما بشر فوكوياما في «نهاية التاريخ» أو غيره لكن القصد والغرض أن يسود نموذجهم على أن يظل الآخرون أتباعا وهي استمرار للنظرة الاستعمارية المتعالية نفس النظرة ليوبولد بلجيكا إلى المستعمرات في أفريقيا حيث نظر إلى الأفريقي على أنه جنس «وضيع» لا يصلح لأن يكون إنسانا وترى ذلك حتى في متاحفهم.

وحين تقدم تركيا عكس ما يروجون وتظهر الإسلام كبديل لحضارتهم المادية يرفضون وبكل قسوة حتى أن تقترب تركيا من الحدود ويبدو لي أن التصريح الأخير لرئيس الوزراء التركي الذي طلب من أوروبا أن تقولها صراحة هل تريد تركيا عضوا في الاتحاد الأوروبي أم لا¿ يصب في هذا الرفض الأوروبي والإدراك التركي.

الآن تركيا ترفع صوتها عاليا لأنها تمتلك رؤية للعالم وتقدم نفسها نموذجية بالدين الإسلامي الذي باستطاعته لو قرئ القراءة الصحيحة أن يصبح النموذج الذي يكتسح النماذج الأخرى فأن يكون لأي نموذج يراد تعميمه على الكون من حولنا بعده الروحي هنا السر الذي أدركه حزب العدالة فحقق هذا الحضور في الداخل التركي وخارج الحدود وأصبح الآخرون يعملون لتركيا ألف حساب ولم تعد هي تخشى الانقلابات فقد وجدت طريقها في نموذجها الذي اقتنع به الإنسان التركي أولا وتمتد خيوطه إلى المنطقة من حوله كون الدين عاملا أساسيا في الحياة أفسدته كنموذج سياسة مهترئة إذا تم تطبيق النموذج التركي مع الأخذ بعين الاعتبار اختلاف الخصائص المحلية لرأيúنا أمة عربية تنهض من سباتها.

اليوم تركيا تدخل إلى بيوتنا مرحبة بها من خلال انبهار الناس بطبيعتها ونريد أن ندخل إليها من خلال البعد الروحي للإسلام الذي يجمعنا ويمكن به ومن خلاله أن نعلن أنفسنا منطقة قوية بروحها بعيدة عن ماديات الحضارة الغربية أو ما يروجون له من نموذج يفرض تارة بالقوة وتارة بالتبشير وتارة بزعزعة استقرار الدول كما هو حاصل في العراق وأفغانستان وجنوب السودان وما يراد لمصر ولغيرها.

إن تركيا اليوم تقدم النموذج الذي يحتاجه العالم العربي وملخصه أن الآخرين بإمكانهم أن يكون لهم نماذجهم بإمكانهم أن يقودوا لا أن يقادوا على طول الخط وهو ما يوجب على العرب أن يكون لهم مشروعهم إذا أرادوا وبما يتعلق بالإرادة فيصيب المرء حال من الذهول والعرب ينظرون بدم بارد وعلى رأسهم جامعتهم إلى انفصال جنوب السودان وكأن الأمر لا يعنيهم وما دام وقد طالب جون كيري مرشح الرئاسة الأمريكية الأسبق وعضو الكونجرس حاليا بأن واشنطن على استعداد لرعاية مفاوضات بين الحكومة السودانية ومتمردي دارفور فيا رب سترك فالصهيونية المسيحية وجماعة «خطة الرب» ينفذون أجندتهم من خلال الرداء المهترئ للعالم العربي فيعيدون تشكيله كما تريد أهدافهم البعيدة التي تخدم خططهم ما يوجب على العرب إذا أرادوا أن يلحقوا بالنموذج التركي كشراكة مشروع لمشروع أما خواء تجاه مشروع أصبح نموذجا فهي الريح التي تذر الغبار في العيون.

تركيا تأتي إلينا برئيسها ونحن نمد أيدينا إليها نحن نحتاجها وهي إذا أرادت – وإرادتها ماثلة – أن يكون العالم العربي بعدها الاستراتيجي وهذا ما يفترض أن يكون فاليمن يمكن أن تكون حجر الزاوية وتركيا تدرك ذلك.

وم

قد يعجبك ايضا