مشاهد يومية حيث لا ينفع البكاء!!! 

عبدالرحمن بجاش



عبدالرحمن بجاش

 
{ طوال ساعة تقريبا لم أكن أقل دهشة واستغرابا من مذيع «الجزيرة» المحاور للدكتور حسن الترابي الذي لا يشكك في مقدرته كعالم دين أحد!!

كان برنامج «في العمق» يحاور الرجل الذي لا يزال العلم الأبرز في السودان والأب الروحي لكل ما يحدث فيه.

وقد ظل الظفيري طوال الوقت يرمي الأسئلة كالآلة ليس لعجز بل للدهشة التي ظلت تتعاظم على وجهه كما على وجهي طوال تلك الدقائق وأمام سيل الابتسامات والضحكات التي هي أهم عناوين الترابي الشخصية حيث يأسرك بأسلوبه ظهر الترابي كأنه يتحدث عن مناسبة فرائحية وليس عن مأتم يستعد له السودان والعرب إن شاءوا يوم 9 يناير 2011م – دوöنوا ذلك في ذاكرتكم – ظللت على رأسي الطير ولا يمنع ذلك من القول إنني خرجت بتصور شبه كامل عن كل شيء وخرجت بنتيجة مؤداها أن «الإسلاميين» عملوا ويعملون حثيثين على انفصال جنوب السودان ولم أستغرب بعدها أن يظهر الترابي وكأنه أب روحي لما يحصل الآن «وحدة بمعروف أو انفصال بإحسان» «الأصل في الدين حرية الاختيار» و«حتى دارفور إذا أرادوا فليذهبوا» و«جعلúناكم شعوúبا وقبائöل» و«السودان من البداية مجموعات وأعراق لا يجمعها جامع».

في المقابل كان جون جارنج الذي أرسل على رأس كتيبة إلى الجنوب ليقمع تمرد كتيبة جنوبية أرسله النميري فأعلن تمرده هو الآخر وينظم إلى الكتيبة لتخرج الحركة الشعبية إلى العلن كان نميري لحظتها قد تحول إلى أمير للمؤمنين!! بعد أن بدأ عهده بخطوات جعلت الجنوبيين ينتعشون ولأول مرة يحسون أنهم جزء من السودان لكن منú حول النميري جعله ينقلب على كل ما بدأ به!!

جارنج ردد كثيرا في وجه المؤمنين بعد النميري أنه «مع وحدة السودان يحترم العرب والعروبة والإسلام والمسلمين» لكنه نادى بسودان متعدد الديانات والثقافات ماذا لو كان أحد – مجرد أحد – التقط من الرجل قناعاته وحولها إلى قناعات سودانية عامة تنتج نظاما هو انعكاس للمكون السوداني عموما بعربه وأفارقته¿ ماذا كان سيحدث لو تم ذلك¿

لن نصل إلى ما وصلنا إليه اليوم ونتيجة للعقم السياسي أو سمه العمى وحده ظل الجنوب هو الجنوب بفقره ونظرة التعالي إليه وكأن هناك بل هو كذلك بالفعل منú تعمد أن يهيئه للانفصال.

ومقدما تم تنكيس أعلام الاستقلال لأول مرة استعدادا لاستقبال خارطة جديدة سيظهر عليها بعد يوم 9 يناير خط يقسم السودان الذي لو كان هناك عقل عربي جمعي لتحول إلى سلة غذاء للعرب ومصدر لإلهام السياسيين بأن التنوع مصلحة لأي بلد تتعايش فيه الثقافات وأضاف للعروبة بعدا وأبعادا إنسانية أخرى لكن من أين لنا بالعقل الذي نريد¿

على كل عربي أن يستعد من اللحظة لخارطة جديدة لا تدري أي جزء سيقضم منها مستقبلا وليحتفظ بالخارطة السابقة للذكرى على أنه من المهم القول إنهم سيظلون يلطمون الخدود بأن الغرب وإسرائيل هم وراء ما حدث تقول للعرب وبمنطق أسوأ لاعب كرة قدم : «العبوا غيرها» لأن الأمر يكون هكذا «إذا عملت على حل مشاكل بيتك الداخلية فلن يستطيع أحد مجرد أحد من الجيران الاقتراب منك أو حتى مجرد أن يعرض عليك المشاركة في حل مشاكلك فحصöن داخل بيتك ولن يصيبك مكروه» على أن بلدانا عربية أخرى عليها أن تتعظ مما يحدث في السودان الذي نحب وتعمل مسرعة على حل مشاكل البيت الداخلية لكي لا تترك نافذة أو بابا مفتوحا يتسلل منه منú يأتون ويفرضون عليها الحل فرضا.

والآن ما هو الجنوب لتكتمل الصورة¿

أكبر مدنه جوبا وهي العاصمة وهي التي ستكون عاصمة الدولة القادمة وأهم مدنه واو وملكال وأويل وباي والمساحة (640.000) كيلو متر مربع – (247.105) أميال مربعة – والسكان عددهم (7.5 – 9.5) مليون تعداد 2006م حسب الـ (UNFPA) أو (8.260.490) إحصاء عام 2008م وهو مشكوك فيه.

ويضم الجنوب عشر ولايات وحدوده من الجنوب الشرقي أثيوبيا كينيا أوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومن الغرب جمهورية أفريقيا الوسطى ومن الشمال باقي ولايات السودان ويمارس السكان طقوس العبادة المحلية والمسيحية إضافة إلى الإسلام وحوالي (20%) من سكانه هم من المسيحيين وينتمون إلى الطائفة الكاثوليكية والإنجليكانية والمسلمون يقدرون بـ (10%) من السكان أما المجموعات العرقية فيضم الجنوب عددا من القبائل الأفريقية النيلية مثل : الدنيكا والنوير والشيرلوك والشلك وباري والأشولي والجور وبعضها الآخر قبائل نيلية حامية مثل : الباريا واللاثوكا والمورلي وبعضها سودانية بانتوية مثل : الزاندي والفرتيت ولا يوجد تعداد دقيق للجماعات العرقية إلا أنه يعتقد أن أكبر جماعة عرقية هي الدنيكا تليها النوير والشلك واللغة الرسمية هي اللغة الإنجليزية ومنذ العام 1928م وهن

قد يعجبك ايضا