مشاهد يومية.. «قشنون» 

عبدالرحمن بجاش



عبدالرحمن بجاش

كما هي الأدوار ليس بالضرورة منú يلعبها يكون صاحب المساحة الأكبر هذا ما يخص الدول وقلنا إن قطر والفاتيكان والكويت ومونت كارلو مثلا… هناك من الرجال منú تراه عاديا شكله لا يوحي بشيء للوهلة الأولى يحكم عليه الآخرون عادة من وحي الشكل لكنهم في لحظة أو بحكم التعامل أو حين يموتون تكتشف أنهم كانوا رجالا فوق العادة.

وهناك نوع ثالث من الرجال يجمعون كل الصفات في رجل واحد فتراهم يملأون المكان من حولهم أو يكونون محور الكون ومن هذا النوع ترى من كل الفئات وحتى نكون منصفين فهناك نساء كثيرات من هذا النوع من الرجال تجدهن محور الكون يدور الآخرون من حولهن.

وأصفى الرجال نفوسا أولئك الفوضويون المبعثرون في تصرفاتهم وحياتهم تجدهم أصدق الناس في تعاملهم وأنقى في دواخلهم لöمنú يدقق في التصرفات وتعامل هذا النوع من الرجال مع ما حولهم.

لا بد أن تكون لماحا ذكيا تعرف كيف تقرأ الإنسان من ملامح وجهه تصرفاته إنسانيته حيث تجد هذا النوع أصفى الناس سريرة وكرما ووقوفا إلى جانبك حين تشتد!! ومن هذا النوع كثيرون ومن كل الفئات فقط فتش ستجد.

«قشنون» هذا اسم لأحدهم هل قرأتم عن صعاليك العرب¿ هل تتذكرون الأستاذ علي العلفي الذي كان أجمل ما فيه شعاره : «خذ من السفهاء واعط الفقراء» وفي هذا تساوق مع عروة ابن الورد «من أغنيائهم لفقرائهم» وعروة قال عنه عبدالملك بن مروان : «إذا ظننتم أن حاتم ويقصد الطائي أكرم العرب فقد ظلمتم عروة».

كان علي العلفي إذا مرض زميل أو صديق رأيته أول الناس يزور وإذا رأى زميلا «طفران» بادر إلى ملء جيبه وإذا رأيت مائدته سترى أناسا كثرا يأكلون وفي مكتبه من كل الألوان وعلى سيارته منú يأتي ومنú يذهب.

التربة مركز قضاء الحجرية كلها إلى فترة قريبة قبل أن تقسم إلى معافöر ومواسط وشمايتين كانت التربة – غير الآن – مقصد الكثيرين وارتبط اسمها بأعلام كثيرين من آل النعمان إلى الرجل الذي أشار إليه الناس دائما القاضي حسين الجنداري وعبدالملك الوزير.

أيضا التربة كانت المساحة التي يتحرك بها هذا الرجل الذي تراه بسيطا نحيفا ملأ التربة وجودا وتواجدا وكان في حياته ملاذا للطفارى وأولئك الذين لم يجدوا أجرة السيارة إلى تعز أو الذين لم يجدوا اللقمة أو شعروا بالضياع فوجدوا عند الرجل الفوضوي «قشنون» الملاذ كل صاحب حاجة كنت لا تجده عند البيوتات الكبيرة بل عند قشنون وقشنون مات إذا أردتم المزيد من التأكيد فاسألوا المساح عن الرجل.

الآن التربة بدون قشنون والمحتاجون من البسطاء يفتقدون الرجل وفرزة التربة/تعز بدون قشنون ومنú أتى إليها وجيبه خال من حق الدخول إلى تعز وسأل عن قشنون وقالوا له : مات تراه يبكي وبحرقة.

مثل قشنون يظلون كبارا في أذهان الناس ساكنين في نفوسهم لا يبرحونها يظلون في الذاكرة لا يتزحزحون وإلا لما كنت تذكرت الرجل.

الآن التربة وهي بائسة هذه الأيام لأنها لم تعد وجهة الناس بعد أن كبرت البلاد وصار بالضرورة إعادة التقسيم الإداري ضاعت التربة ومشكلتنا في هذه البلاد أنه حين يغيب مكان نعمد إلى تغييبه من أذهاننا تماما وإلا لو كان الناس ظلوا بواسطة التنمية في مناطقهم لرأيت التربة وأمثالها أماكن تتوهج بخصائصها انظر لو كان تم إحياء مدرسة النعمان وظلت تقدم المعرفة للأولاد انظر لو كان تراث الكبار دورا من الناس ظل تراثا في التربة وغيرها يستفيد منه اللاحقون انظر لو كان هناك منú يكتب السيرة الذاتية للرجال الكبار كل من مكانه لتنامى وكبر لدينا جيل وجبال من التجارب ولاستفدنا من تجاربهم الكثير واستطاع كاتب صفحات التاريخ الوقوف على تفاصيل مراحل من حياة الناس الآن مرت بدون أن نعلم عنها شيئا وفي كل جوانب التجربة الحياتية تراهم في الغرب يفعلون ذلك ويقدمون التجارب مهما صغر شأنها للأجيال اللاحقة تأخذ منها ما تريد وتكوöن في حياتها تراكما من الخبرات يفيدها في بناء الحياة في شتى مجالاتها.

ومثل قشنون يتحول في بلدان الحركة الأدبية فيها ناشطة إلى بطل للروايات والقصص والحكايات لأنه ببساطة نموذج بطل من الواقع إذ ليس بالضرورة أن يكون الرجل محور الكون حامل شهادة عليا إذ أن كثيرين من حملتها يأتون ويذهبون فلا يتركون أثرا لكن واحدا مثل محمد لاهب صاحب السلتة في التحرير يتذكره كثيرون ليده البيضاء التي قدمت اللقمة للجائع دوما حتى لا يرد سائلا ولا يصد محتاجا.

وواحد آخر في عدن مثل عبدالكريم مصعبين تراه يعالج الآتين والقاعدين والذاهبين ويخرج فتراه وإخوانه لا ترتفع أصواتهم ضع في جيبه ريالا أو ألفا أو

قد يعجبك ايضا