حقائق تدحض أوهام “المأزومين”
عبدالعزيز الهياجم
عبدالعزيز الهياجم
في الوقت الذي كان لافتا تلك الإيحاءات والتسريبات الإعلامية التي روجت لها بعض العناصر والجهات مؤخرا عبر عديد من المنابر الصحفية والإعلامية للتسويق لأزمة لا وجود لها في علاقات اليمن بمحيطه في دول الجوار داخل منظومة شبه الجزيرة العربية والخليج برزت خلافا لذلك مؤشرات هامة لتحركات يمنية خليجية تصب في مسار تعزيز علاقات التعاون والشراكة والانتقال بها إلى آفاق رحبة وواسعة.
فالجولة الخليجية التي بدأها وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي حاملا رسائل من فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح- رئيس الجمهورية- إلى إخوانه قادة دول مجلس التعاون الخليجي ينظر إليها المراقبون على أنها تحمل رؤية يمنية لإحداث نقلة هامة جديدة وشبيهة بتلك التحركات التي سبقت قمة أبو ظبي الخليجية التي عقدت في ديسمبر 2005م وأفضت إلى إقرار القادة الخليجيين لمقترحات رئيس الجمهورية بشأن تأهيل اليمن للاندماج في اقتصاديات دول مجلس التعاون فضلا عن أن هذه التحركات الدبلوماسية اليمنية تتسق مع بدء التحضيرات للقمة الخليجية الثامنة والعشرين المقرر أن تحتضنها العاصمة العمانية في ديسمبر القادم وهو ما يعطي تفاؤلا أكبر لكون قمة مسقط 2001م شهدت الخطوة الأولى للتقارب اليمني الخليجي عبر إقرارها انضمام اليمن إلى عدد من مؤسسات مجلس التعاون الخليجي المتمثلة بمجالس وزراء التربية والتعليم والصحة والشئون الاجتماعية والعمل وكأس الخليج لكرة القدم.
والرسالة التي ينبغي أن يفهمها هواة التصعيد والحالمون بأوهام التأزيم لعلاقات اليمن بمحيطه الإقليمي أو الدولي أن يدركوا حقيقتين راسختين بدلا من الذهاب بعيدا في أحلام اليقظة ونوازع التآمر والحقد الدفين.. الحقيقة الأولى عبرت عنها الولايات المتحدة الأمريكية في سياق رسالة الرئيس جورج بوش لفخامة الأخ رئيس الجمهورية والتي أكد فيها الرئيس الأمريكي مجددا مواصلة واشنطن دعمها لليمن ووحدته وأمنه ومسيرته الديمقراطية والتنموية وإشارته إلى أن أمن اليمن واستقراره ووحدته عنصر مهم لخدمة الاستقرار في المنطقة.. بل إن ما شدد عليه الرئيس بوش في رسالته من أن الولايات المتحدة سوف تستمر في دعمها للشعب اليمني وحكومته في السعي لبناء مستقبل أفضل وفي الجهود المبذولة لتعزيز الإصلاحات السياسية والاقتصادية ومكافحة الإرهاب جاء بمثابة رد صريح ولا لبس فيه ينبغي أن يفهمه أولئك الذين لا يفهمون بالإشارة ولم يستوعبوا بعد الرسالة السابقة التي بعثها الرئيس الأمريكي جورج بوش في يونيو الماضي في خطابه الذي سبق قمة الدول الصناعية الثماني الكبرى واستمع إليه أغلب سكان العالم حيث أشاد فيه بالانتخابات الرئاسية الأخيرة في اليمن وبشفافيتها ونزاهتها بما يجسد أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب خيار الشعب اليمني والثقة التي منحها للرئيس علي عبدالله صالح.. وهو ما يعني أن أوهام المأزومين يمكن أن تتلاقى مع أوهام “جين نوفاك” ولكنها لايمكن أن تتلاقى مع رؤية الرئيس بوش والإدارة الأمريكية.
أما الحقيقة الثانية فهي أن الحرص على وحدة اليمن وأهمية أمنه واستقراره ليس فقط منظورا دوليا ولكنه رؤية إقليمية تدركها دول الجوار في المحيط الخليجي والتي باتت على قناعة بأن وحدة اليمن وأمنه واستقراره وتنميته عامل هام لأمن واستقرار المنطقة وهو ما تجسدت حقيقته في ما قدمته سنوات ما بعد الوحدة من نماذج متميزة لإنهاء الخلافات وطي صفحة الخلافات الحدودية التي كان يعجز حلها في فترات التشطير.
وفي سياق ذلك أيضا يدرك قادة وحكومات دول مجلس التعاون أن الدفع بعجلة التنمية في اليمن وتأهيل الاقتصاد اليمني للاندماج في اقتصاديات دول مجلس التعاون لا يمثل فقط حاجة يمنية لمواجهة التحديات الاقتصادية وتجاوز إشكاليات الفقر والبطالة التي تعترف الحكومة اليمنية بأن جهودها مهما بلغت فإن إمكانياتها الشحيحة بحاجة إلى دعم ومؤازرة الأشقاء والأصدقاء.
ومن ذلك ينبغي أن تعي العناصر والجهات المأزومة بأن الأشقاء الخليجيين يعرفون تماما أن تحقيق أمن واستقرار منظومة الخليج والجزيرة والتصدي للإرهاب والتخريب الذي يستهدف المنطقة يقتضي الوقوف إلى جانب اليمن. وإن دعوات أولئك المأزومين هي لا تستهدف فقط اليمن وشعبه وإنما تخدم مخططات معادية لبلدان وشعوب المنطقة.