من الطبيعي أن يكون مصير كل المشاريع الارتدادية هو الفشل الذريع والسقوط المدوي تحت أقدام أبناء الشعب اليمني الذين أثبتوا في كل المراحل والمنعطفات أنهم القادرون على حماية ثوابتهم الوطنية ومكاسب ثورتهم الخالدة «26 سبتمبر و14 أكتوبر» من كل الدسائس والمؤامرات الحاقدة ¡ وتوجيه الصفعات القاصمة لكل من يحاول التطاول على تلك الثوابت الراسخة في وجدان كل يمني¡ أو يسعى للعبث بالقيم التي آمن بها هذا الشعب¡ وناضل من أجلها وقدم في سبيلها التضحيات السخية¡ لكي تبقى هذه القيم عزيزة ومصانة لا يمكن أن ت◌ْم◌ِسú أو ينال منها أصحاب النفوس المريضة والأفكار العليلة والأهواء الممقوتة وعبدة المال الحرام¡ الذين لا يروق لهم العيش إلاø في ظل الأزمات والفتن ومستنقعات التآمر والخيانة والعمالة.
ومن الطبيعي أيضا أن يتهاوى كل من ساروا في طريق الانحطاط والغواية والضلال¡ وتحل بهم النكسات تلو الأخرى وتحيق بهم الهزائم المنكرة¡ وأن تتوالى خيباتهم ويصبحوا مثار تندر وسخرية الشعب اليمني¡ الذي لفظهم إلى مزبلة التاريخ غير مأسوف عليهم¡ بعد أن خانوا مبادئه ونكلوا بأبنائه وعملوا على تشريدهم في أرجاء شتى ومارسوا بحقهم مختلف صنوف الظلم والاستعباد والقهر والقتل والسحل والتصفيات والمجازر الجماعية¡ التي ذهب ضحيتها الآلاف من أبناء اليمن الشرفاء.. مناضلين وثوارا ¡ علماء ومفكرين¡ مثقفين وتجارا¡ مشائخ وشخصيات اجتماعية¡ ولا ندري كيف لمن تاريخه بهذا القبح والسواد والإجرام أن يتوهم أو يحلم أن بإمكانه إعادة اليمن إلى تابوته المقبور أو إقناع أحد من أبناء هذا الوطن بطهارته وهو من ارتكب بحق هذا الشعب أبشع الجرائم ويداه ما تزالان ملطختين بدماء أبنائه ¿! بل وكيف لمن غرق في وحل اللصوصية وقام بنهب ملايين الدولارات من الخزينة العامة وتهريبها إلى الخارج وضمها إلى أرصدته أن يدعي الطهارة¿
وكيف لمن خطط وأشرف على المذابح وآخرها وأشدها عنفا ودموية مذبحة 13 يناير 86م المشؤومة التي حصدت في يوم واحد أكثر من عشرة آلاف شهيد أن يدعي الوصاية على أي جزء من أجزاء هذا الوطن وهو الذي فر مذعورا إثر إرتكابه جرائمه الفادحة بدم بارد¡ وكان في مقدمة من خانوا الوطن وثورته ووحدته التي أنقذته من المصير المحتوم والنهاية المخزية ومنحته الفرصة لعله يهتدي إلى الصواب.. ويتعلم من دروس التاريخ وعبره.
إنه الطبع الذي غلب التطبع فالنفوس الدنيئة لا يمكن أن تتحلل من خبثها وستظل موبوءة بكل ما هو خبيث وكل ما هو دنىء لتظل عبرة تضرب بها الأمثال في الخسة والانحدار القيمي والأخلاقي¡ لكونها حقا لا تملك رصيدا سوى ذلك الرصيد من الأسقام والعلل والدناءات.
ولو أدرك مثل هؤلاء الأصنام حقيقة الواقع اليمني لاستوعبوا أن فكرهم المتجمد في ثلاجات الماضي البائس قد تجاوزه الزمن بمسافات ضوئية طويلة وأن الحاكمية في هذا الوطن صارت لله ورسوله ولمبادئ الثورة والوحدة والديمقراطية وأنه لم يعد بوسع أحد في ظل مؤسسات دستورية يتوفر فيها التمثيل لكل المواطنين من كافة مناطق الوطن شرقه وغربه¡ شماله وجنوبه¡ أن يدعي الوصاية على أي جزء من أجزاء هذا الوطن الذي استعاد لحمته الوطنية في الـ22 من مايو 1990م كاستحقاق ثابت لمسيرته النضالية من أجل التحرر والانعتاق والاستقلال والوحدة.
وكان الأحرى بمثل هذه الأصنام التي طغت عليها الشيخوخة والخرف العقلي والتبلد الذهني أن تتوارى خجلا وحياء من ماضيها العفن¡ وأن تبحث عن قبو تدفن فيه جثثها المحنطة¡ وأن تستفيد من الصفعات التي منيت بها مؤخرا وفي أكثر من مكان وموقف بدلا من ذلك التمظهر الذي تسعى من خلاله إلى التذكير بنفسها¡ خاصة وأن الشعب اليمني لا يمكن أن ينسى بشاعة تلك الأصنام وقهرها وعسفها وظلمها ودمويتها وفسادها والمذابح والإبادة التي نال منها النصيب الأوفر.
فمتى تعي هذه الأصنام أن الوحدة التي أخرجت الشعب من مهاوي الضياع والتشرذم والتجزئة والفرقة والصراعات المؤلمة إلى فضاء الحرية والرخاء والنماء هي من يتمسك بها هذا الشعب. كما يتمسك بدينه مسترشدا◌ٍ بقوله تعالى (أ◌ِنú أ◌ِقöيم◌ْوا الدøöين◌ِ و◌ِل◌ِا ت◌ِت◌ِف◌ِرø◌ِق◌ْوا فöيهö) وفي ذلك تأكيد صريح على أن التمسك بالوحدة تمسك بالدين¡ وأن من يتحلل عن الوحدة هو خارج على الدين.
ويتجلى هذا الربط الوثيق بين الوحدة والدين في قوله سبحانه وتعالى: (إöنø◌ِ الø◌ِذöين◌ِ ف◌ِرø◌ِق◌ْواú دöين◌ِه◌ْمú و◌ِك◌ِان◌ْواú شöي◌ِع◌ٍا لø◌ِسúت◌ِ مöنúه◌ْمú فöي ش◌ِيúء◌ُ) وقوله تعالى: (و◌ِإöنø◌ِ ه◌ِذöهö أ◌ْمø◌ِت◌ْك◌ْمú أ◌ْمø◌ِة◌ٍ و◌ِاحöد◌ِة◌ٍ و◌ِأ◌ِن◌ِا ر◌ِبø◌ْك◌ْمú ف◌ِاتø◌ِق◌ْونö) صدق الله العظيم.
Prev Post