
إعداد/افتكار القاضي –
ü
ü عندما وطئت قدماي صنعاء أول مرة تخيلت أنني في كوكب آخر ثم تغيرت الحكاية وتوطد حبي لليمن
ü زميلي الكاتب المعروف محمد عودة كان مأسورا بجبل صبر .. وكلما زرنا تعز يرتاده سيراٍ على الأقدام
ü مقيل المقالح وجلسات الشاي .. أيام لا تنسى .. وحضرت مؤتمرات عمران وخمر وحرض!!
إعداد/افتكار القاضي
ü .. سمع عن اليمن وتعرف على حركة الأحرار اليمنين من خلال الطلبة اليمنين في القاهرة بعدها حز في نفسه أن يتعرف على هذا البلد عن قرب وقرر السفر إليه فكان أول الصحفيين المصريين الذين زاروا اليمن ورغم أنه أخذ نظرة قاتمة عن اليمن حيث شبه في أول زيارة له شعبها بأهل الكهف لكنه بعد ذلك تعلق بها وكان يحن إليها وأعاد الزيارة إليها مرات ومرات لتصل إلى أربعين زيارة
الصحفي والكاتب المصري الكبير يوسف الشريف رحمه الله يسرد قصصا وحكايات خلال زيارته لليمن في كتابه الشهير (أربعين زيارة لليمن) .. يحكي فيه قصة تعلقه باليمن وحبه الكبير لها والذي تجلى من خلال زياراته الكثيرة لها والتي وصلت إلى 40 زيارة اختارها عنواناٍ لكتابه مع إضافة ألف حكاية وحكاية.
بداية مبكرة
ü عن بدايات علاقاته باليمن والتي تحولت من مجرد زيارة عابرة إلى قصة تعلق وحميمية .. يقول:
– علاقتي باليمن بدأت مبكرة عن طريق الطلبة اليمنيين الذين كانوا متواجدين في القاهرة ومعظمهم كانوا من أبناء حضرموت وعن طريقهم بدأت أسمع الكثير عن اليمن.. ثم تعرفت على الأستاذ محسن العيني عندما اشتغل في «روز اليوسف» الذي حدثني كثيراٍ عن أحوال اليمن في تلك الفترة.. ثم تعرفت أكثر عن أحوال هذا البلد من خلال الزبيري والنعمان وكنا نجلس معهما في «الدقي» حيث منزل الزبيري وتعرفت على حركة الأحرار اليمنيين في القاهرة بعد ذلك طلبت من الأستاذ إحسان عبدالقدوس الذي كان رئيس تحرير «روز اليوسف» أن أسافر إلى اليمن وكنت من أوائل الصحفيين الذين وصلوا إلى اليمن بعد قيام الثورة.
ü ويسرد قصة وصوله إلى اليمن وكيف كانت فيقول:
– عندما وطأت قدما ي صنعاء بعد الثورة تخيلت أنني في كوكب آخر لأنه لم يكن هناك أي شيء يربط اليمن بالخارج والناس أشبه بأهل الكهف وكنت كلما أمشي في سوق «الملح» أرى ظروف الناس الصعبة فقد كانوا يعانون من الأمراض والمطار الذي نزلنا فيه كان معبدا بالتراب ولم يكن في صنعاء مطاعم أو فنادق!!!
بداية تعلقي باليمن
ü بعدها بدأت التعرف على الكثير من الشخصيات عندما كنت أذهب إلى إذاعة صنعاء منهم عبدالله حمران وأحمد المروني ود. عبدالعزيز المقالح وهم الذين كانوا في الإذاعة وقتها.. وهكذا بدأت اتعلق باليمن وحضرت بعد ذلك مؤتمر «خمر» و«الجند» و«عمران» وأخيراٍ مؤتمر حرض .. وتعرفت على عدد كبير جداٍ من مشائخ قبائل اليمن.. وبعض الحركيين اليمنيين.
ولم أكن الصحفي المصري الوحيد الذي زار اليمن حينها خاصة أن جو الحرب في اليمن كان يشد المراقبين والمتابعين.
وخلال تلك الفترة زار اليمن أبرز الصحفيين المصريين مثل احسان عبدالقدوس ومحمد حسنين هيكل ونجيب محفوظ..ولكنهم لم يجلسوا كثيراٍ فيها باستثناء بعض المراسلين الصحفيين. بعد ذلك انفتحت على ثورة 14 أكتوبر حيث تعرفت على علي ناصر محمد وعبدالفتاح اسماعيل والبيض وعلى مجموعة الاشتراكية في وقتها.
وعندما كنا نذهب إلى عدن نحس بأن النظام كان قاسياٍ جداٍ «مش عايز أقول بوليسي» لكنه كان نظاماٍ صارماٍ .. وكنا عندما نعود إلى تعز أو صنعاء كنا نحس بالأمان والطمأنينة.
اعجاب
ü وأعود فأقول: أنا معجب بالشعب اليمني وذكائه النادر وأتذكر أن أحد المواطنين القادمين من حضرموت فتح في بدايات الثورة محلاٍ لبيع الموترات النارية وقد رأيت أحد المواطنين مع واحد من القبائل وسأله أيش تبيع¿
أجابه: هذا موتور سيكل..¿ وعندما أداره سأله بكم¿ فأخرج القبيلي من جيبه نقوداٍ وسلمه وراح راكب الموتور وساقه دون أن يكون على دراية بتعلم سواقته وهذا شيء ينم عن الذكاء والإقدام ولاتزال هذه الصورة مرسومة في ذهني.
وعن زيارة جمال عبدالناصر لليمن يقول (لا يزال خطاب عبدالناصر الشهير يتردد في مسمعي وهو يقول ” على الاستعمار أن يحمل عصاه ويرحل” والحقيقة فإن هذه العبارة كانت رسالة لتنفيذ عمليات عسكرية ضد الاستعمار البريطاني في عدن .. واتذكر أن القوات المصرية نسقت مع بعض الثوار من المحافظات الجنوبية لتنفيذ عمليات عسكرية ومنها عملية “صلاح الدين” حيث تم تدريب أحد الصحفيين المصريين على اللهجة اليمنية لقيادة قافلة من الجمال كانت تحمل أسلحة من تعز إلى ردفان والضالع وعملية “صلاح الدين” هي واحدة من عمليات كثيرة وبخاصة فيما يتعلق بإمداد الاسلحة فقد كانت تعز نقطة لنقل الأسلحة المصرية والعتاد إلى المحافظات الجنوبية وهي دلالة دون شك تؤكد على واحدية الثورة اليمنية.
صعاليك الزمن الجميل
ü وفي كتابه أربعون زيارة إلى اليمن أشار إلى مقولة شهيرة «صعاليك الزمن الجميل» .. هذه المقولة ترجع إلى أول مرة اصطحب فيها الكاتب الجميل المرحوم محمد عودة إلى اليمن عام 1977م وكانت لاتزال تعاني موروث التقسيم والتجزئة ويقول (أتذكر أنني وعودة دعينا إلى مقيل المرحوم عبدالله حمران وزير الإعلام السابق وماكدت أعرفه بزميلي عودة حتى قام صاحب البيت من مكانه فجأة وتقدم نحو عودة يحتضنه ويقبله ثم وقف حمران يقلب أرفف مكتبته واخرج كتاباٍ صغيراٍ وأخذ يلوح به قائلاٍ:
هذا كتابك ياأستاذ عودة عن الصين الشعبية لقد جاءنا من عدن قبل الثورة خلسة وقرأناه مراراٍ ونسخنا منه العشرات بخط اليد فلقد كان الكتاب دليلاٍ لنا للتعبئة الشعبية والثقة بإرادة التغيير في الثورة السبتمبرية.
ü ويضيف الكاتب الكبير يوسف الشريف أنه بعد تلك الرحلة تكررت زيارته إلى اليمن كثيراٍ.. وقال: كنا كلما زرنا مدينة تعز الجميلة يقوم محمد عودة بالصعود إلى جبل صبر والعودة سيراٍ على الأقدام وكان يأخذه سحر هذا الجبل والجمال الذي يتمتع به وكان يلاحظ أيضاٍ أنه كلما صعد أكثر إلى الجبل كلما كانت أوراق الحشائش والزراعات يميل لونها للخضرة أكثر وأكثر.
تطور ملحوظ
ü ويضيف : الحقيقة فوجئت بحالة التطور التي شهدها اليمن وصنعاء خصوصاٍ حيث رأيت بلداٍ جديداٍ فالخدمات من مواصلات ومنشآت واتصالات شيء لا يعقل.. وارتحت أكثر للجهود المبذولة للمحافظة على صنعاء القديمة وكذلك التوسع في التعليم والصحة وهذا هو فضل الثورة اليمنية حيث التقيت شباباٍ متعلمين يتعاملون مع التقنيات الحديثة فلقد ارتحت أن نضال الأجداد والأباء اليمنيين والمصريين لم يذهب هباءٍ وإنما أثمر هذه النقلة الحضارية التي يعيشها اليمن اليوم.
ويذكر المرحوم الشريف أنه كان يحن إلى مدينة صنعاء وتعز وكوكبان وكذلك مقيل الدكتور عبدالعزيز المقالح في مركز الدراسات وأيضاٍ منطقة صيرة في عدن وجلسات شرب الشاي في المكلا بحضرموت .. انها كما يقول أيام لا تنسى وذكريات جميلة ارتسمت في الذاكرة.