ثورة سبتمبر تعرضت لمؤامرة كبيرة من الداخل والخارج..


( القاهرة) حوار: أبوبكر أحمد –

حركة 1955 بقيادة الثلايا مهدت الطريق لثورة سبتمبر..

كانت ثورة سبتمبر معرضة للإنهيار لولا التدخل المصري

الممارسات الخاطئة للثوار بداعي الخوف على الثورة كان لها تأثير سلبي على القبائل

( القاهرة) حوار: أبوبكر أحمد

يرى السفير محمد الهيصمي المندوب الدائم لبلادنا في جامعة الدول العربية في حواره مع «الثورة» أنه لولا الدور المصري في ثورة سبتمبر لما كان لها أن تستمر ولانتهت في مهدها لقلة الإمكانيات وبسبب عداء الناس لأي جديد وانسجامهم مع القديم حتى ولو كان سيئاٍ.
وأشار الهيصمي في حواره إلى أن عبدا لناصر رأى في دعم ثورة اليمن استمرارا للمشروع الناصري للوصول إلى إقامة وحدة عربية وأيضا لرد اعتباره ضد القوى المعادية للمشروع الناصري التي أسهمت في انفصال وحدة مصر وسوريا.
ويؤكد أن ثورة اليمن فرضت على دول الجوار إحداث تغيرات وتطورات على مستويات عدة.
وأوضح المندوب الدائم ان ثورة سبتمبر قامت واليمن تعيش عزلة داخلية وخارجية عن العالم وقال أنه من المؤسف أن الثورة مرت بتعقيدات داخلية وخارجية كبيرة لعبت دوراٍ كبيراٍ في إعاقة ترجمة أهدافها الى واقع.

< ما هي التداعيات التي ساهمت في قيام ثورة سبتمبر¿
– لثورة سبتمبر خلفيات متعددة لقيامها فلقد كان للمعاهدة التي ابرمها الإمام يحيى مع السعودية دور في قيام معارضة داخلية ضده بسبب الموقف الذي اتخذته أطراف يمنية مختلفة ضد المعاهدة باعتبارها مجحفة في حق اليمن وهذا دفعهم إلى حمل لواء المعارضة ضد الإمام ومن الخلفيات أيضا الصراع على السلطة الذي كان بين آل حميد الدين وآل الوزير الذين كانوا يعتقدون أنهم أحق بالإمامة من آل حميد الدين.
< وماذا كان دور هذه المعارضة في اغتيال الإمام يحيى¿
– لقد حكم الإمام يحيى شمال اليمن خمسة وأربعين عاما لم يزر خلالها معظم مناطق ومدن اليمن فكانت دهشته كبيرة عندما زار مدينة إب ورأى الطبيعة الخضراء فتعجب سائلا هل هذا الجمال في اليمن لأنه لم يكن يعرف سوى الأحجار السوداء والأرض الجرداء كما انه وبسبب العزلة التي فرضها على نفسه وعلى اليمن لم يحج قط ولم يرى البحر وهذا من الأمور المبكية المضحكة-وعودة الى السؤال- فقد تمكنت المعارضة من قتل الإمام يحيى في 1948 وجاء بعده ابنه الأكبر الإمام احمد وتمكن من القضاء على هذه المعارضة وزج بقياداتها في سجون حجة وأعدم منهم 31 شخصا وتمكنه بجبروته من القضاء عليها تماما بعد ذلك قامت حركة 1955 بقيادة أحمد الثلايا واثنين من أخوان الإمام هما عبدالله والعباس وقد تمكن الإمام أحمد أيضا من القضاء على هذه الثورة في مهدها واستطاع قتل الثلايا وشقيقيه عبدالله والعباس إضافة الى مجموعة آخرين.
< هل كان لحركة أو ثورة 1955 دور في التحضير لثورة سبتمبر¿
– يشهد التاريخ ان حركة 1955 هي التي مهدت الطريق لثورة سبتمبر لأن الإمام احمد بعد تمكنه من القضاء على هذه الحركة الأحرار في 1955 طال بسيفه رؤساء القبائل من المشائخ وأعدم الكثير منهم والتاريخ يروي ان حياة المشائخ والقبائل اليمنية هم قاعدة أي إمام يحكم اليمن كما لا يمكن ان نغفل ان الجهل والتخلف اللذين كان يعيشها اليمنيون والعزلة الداخلية والخارجية في المناطق الشمالية كان لها دور كبير في ثورة الناس ضد الإمام .. فاليمن لم تتغير إطلاقا على مدى أربعة قرون كاملة بدليل ان هناك صوراٍ فوتوغرافية أخذت لمناطق مختلفة من اليمن بداية القرن التاسع عشر عندما تراها وتقارن بينها وبين ما كان موجودا قبيل إشعال الثورة لن ترى فرقا فالناس هم الناس والأوضاع هي الأوضاع والظروف هي الظروف.
– وكيف تقيمون الدور المصري في دعم ثورة سبتمبر¿
– عندما قامت ثورة سبتمبر كانت اليمن تعيش عزلة داخلية وخارجية عن العالم وجاء التغيير من خلال ثورة سبتمبر التي قام بها تنظيم الضباط الأحرار الذي كان يرأسه علي عبدالمغني بالتنسيق مع الجانب المصري الذي وجد زعيمه جمال عبدالناصر ان التدخل في اليمن هو رد اعتبار بعد انفصال وحدة مصر وسوريا والتي كان يعتقد ان للقوى المعادية للمشروع القومي الناصري دوراٍ كبيراٍ فيها وبالإضافة إلى أن عبدالناصر كان يرى في اليمن موقعا مناسبا لتمدد المشروع الناصري وتهديد الوجود البريطاني في عدن وتغيير الأوضاع في البلدان العربية للوصول إلى إقامة وحدة عربية.
< كيف تعامل الجيش المصري مع الثورة¿
– كانت ثورة سبتمبر معرضة لأن تضرب في مهدها لقلة الإمكانيات وللشعبية التي كان يتمتع بها العهد السابق بين القبائل ولقد كان لتدخل المصريين ووصولهم إلى شمال اليمن لدعم الثورة دور كبير وإسهام فاعل في إنقاذ الثورة اليمنية ولولا وقوف الأشقاء في مصر إلى جانب الثورة في رأيي ما كان لها أن تنجح أو أن تستمر إطلاقا لان الجهل الذي كان ضاربا في كل أرجاء اليمن وايضا العداء لأي جديد وتعود الناس وانسجامهم مع القديم حتى وان كان رديئا او سيئا كان عائقا كبيرا ضد الثورة.
< لماذا توجه أحيانا انتقادات للتدخل المصري¿
– كان ذلك بسبب بعض ممارسات الجيش المصري الخاطئة وتعاملهم شديد القسوة مع القبائل اليمنية والذي أسهم في حدوث رد فعل عكسي تجاهها ولكن وفي المجمل لا يستطيع ان ينكر دور المصريين في ثورة سبتمبر إلا جاحد كما كانت هناك ممارسات خاطئة للثوار اليمنيين بداعي الخوف على الثورة من خلال الإفراط في استخدام العنف وكان لذلك تأثيره السلبي على القبائل.
< هل حققت ثورة سبتمبر أهدافها¿
– لابد أن ندرك أن ثورة سبتمبر تعرضت لمؤامرة كبيرة من الداخل والخارج وساهم ذلك في إجهاض أهدافها للأسف ثورة سبتمبر مرت بتعقيدات داخلية وخارجية كبيرة وهذا للأمانة لعب دوراٍ كبيراٍ في عرقلة وإعاقة ترجمة وتحقيق أهداف وانجازات الثورة والمتأمل للخمسين سنة التي هي عمر ثورة سبتمبر يستطيع ان يقرأ جانباٍ من هذه التعقيدات فالثورة كما يعلم الجميع قامت في 1962م واستمرت في حرب أهلية طاحنة بين اليمنيين إلى 1970 فمتى كان يمكن للدول ان تتفرغ للبناء وفي عام 1970 تمت المصالحة الوطنية وخلال عقد السبعينيات مر الشطر الشمالي من اليمن بفترات من عدم الاستقرار وحكمه أربعة رؤساء فمن 1970 الى 1974 حكم القاضي عبدالرحمن الارياني ثم استقال وغادر اليمن من خلال الانقلاب الابيض وجاء بعده الحمدي واستمر لثلاثة سنوات وحكم اليمن في ظل صراح معلن ومكتوم وانتهى حكمه باغتياله وجاء الغشمي واغتيل ايضا الى ان جاء الرئيس السابق علي عبدالله صالح .. ولم تشهد اليمن فترة هدوء وانتعاش واضحة على مستوى الحياة المعيشية للمواطن مثلما شهدتها في الثمانينيات وسرعان ما انتهى الانتعاش وجاء عام 1990 ودخلت اليمن في الوحدة بين الشمال والجنوب وسادتها حالة من ارتباك الجميع ولم تمر أشهر إلا وانفجرت أزمة الخليج الثانية وما كان لتداعياتها الجسيمة على اليمن على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي ودخلت اليمن بعدها فترة التسعينيات مرحلة انتقالية متوترة وحرب انفصال في 1994م والى آخر ما يعلمه الجميع.
< وماذا عن ايجابيات ثورة سبتمبر¿
– لقد كان لثورة سبتمبر الدور العظيم في إزالة كل أسوار العزلة أمام اليمنيين وانفتاح اليمنيين على الخارج وانفتاح العالم عليه صحيح ان الخطوات المتعثرة عرقلة الكثير مما كان يطمح إليه من قاموا بثورة سبتمبر إلا ان وجودها في حينه شكل إضافة للمواطن اليمني ونحن لا نستطيع ان نغفل المقارنة بين الوضع ما قبل الثورة وما بعدها خصوصا فيما يتعلق بالرعاية الصحية والتعليم والطرقات التي ربطت الكثير من مدن اليمن.
< هل كان لثورة اليمن تأثير على المنطقة¿
– لم تكن اليمن فقط تعيش وضعا متأخرا ومزريا بل كانت الدول المجاورة تعيش نفس الأوضاع تقريبا وقد ساهمت ثورة اليمن التي كان اليمنيون فيها سباقون لتغيير أوضاعهم والجميع يعلم ان الخوف من انتقال الثورة الى الدول المجاورة فرض عليها تحديث بلدانهم على مستويات عدة ويعود الفضل في ذلك للثورة اليمنية.

قد يعجبك ايضا